جائزة الكويت

علي طاهر

عالم رائد يحيي الأمل لدى مرضى الثلاسيميا

بفضل تاريخه البحثي الثري، يُصنف الدكتور علي طاهر ضمن أفضل %0.1 من الباحثين الذين يدرسون فقر الدم في جميع أنحاء العالم. وُلد علي طـاهر في لبنان وحصل على درجتي البكالوريوس والدكتوراه في الطب من الجامعة الأمريـكية في بيروت في عامي 1982 و1986. ثم أكمل تدريبه في الطب الباطني والزمالة في أمراض الدم والأورام في لبنان ولاحقًا في المملكة المتحدة، في المستشفى الملكي المجاني – حيث أبدى اهـتـمـامًا إكلـيـنـيكـيًا وبـحـثيًا بـمرض الثلاسيميا. ثم حصل على الدكتوراه من جامعة لايدن في هولندا عام 2012.

عادت به اهتماماته البحثية في النهاية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت حيث يشغل الآن منصب أستاذ الطب في قسم أمراض الدم والأورام بقسم الطب الباطني، ونائب الرئيس المساعد للـتقدم الطبي والاتصالات، ومدير معهد نايف باسيل للسرطان.

على مر السنين، أدى طاهر دورًا أساسيًا في تطوير أحدث البرامج لإدارة مرض الثلاسيميا والـوقاية منه. والثلاسيميا هو اضطراب وراثي في الدم ينتج عنه مستويات أقل من المعتاد من بروتين الهيموغلوبين داخل خلايا الدم الحمراء. والهيموغلوبين ضروري لنقل الأكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم. ومن ثم يتسبب مرض الثلاسيميا بفقر الدم، ويحتاج المريض إلى نقل الدم بوتيرة منتظمة مدى الحياة، مع ما يتبعه من زيادة مستويات الحديد في الدم. ومن جراء فقر الدم، يعاني هؤلاء المرضى التعبَ الشديد وضيق التنفس وخفقان القلب والضعف العام. والثلاسيميا حالة صحية شائعة في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا ودول البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك إيطاليا وتركيا واليونان.

نظرًا لإيمانه العميق بالتعاون في مجال الأبحاث العلمية، ساهم طاهر بقدر كبير من المعرفة في دراسة هذا المرض، مما ساعد على تحسين نوعية حياة المصابين بالثلاسيميا. وخلال عام 2021 وحده، ساهـم في نشر 30 بحثًا في مجموعة واسعة من الدوريات الرائدة عـالميًا بإجمالي سجل نشر يقترب من 500 ورقة بحثية.

ونـظرا لسجله البحثي الثري، لم يصنف طاهر فقط ضمن أفضل %0.1 من الباحثين الذين يدرسون فقر الدم في جميع أنحاء العالم، لكن أيضًا من بين أفضل الباحثين في العالم الذين ينشرون في مجال الثلاسيميا وعلاج “استخـلاب” الحـديد Iron Chelation ، ولذلك صُنف ضمن أفضل %2 من الباحثين في مجاله في العالَم، ومن بين أفضل 100 مؤلف في العالم في مجال أمراض الدم. وهو أيضًا من بين الخمسة الأوائل من المؤلفين غزيري الإنتاج في العالم العربي، وذلك منذ عام 2012 وحتى الآن.

يـركز في أبحـاثه حـاليًا على الـعلاجـات الجديدة المصممة لتقليل عدد عمليات نقل الدم المطلوبة للمرضى، مع المساعدة أيضًا على زيادة مستويات الهيموغلوبين في الدم. تُقيِّم إحدى مقالاته الأخيرة التي نُشرت في أكتوبر 2022، فعالية وسلامة الأدوية التي تؤخذ عن طريق الـفم للـمرضى البـالغـين الـذين يـعانون الثلاسيميـا ألـفا أو الـثلاسيميا بيتا غير المعتمدتين على نقل الدم. ويستكشف في مقالة أخرى تـطـويـر نـظـام دولي لـقـياس درجات التـنـبؤ بالثلاسيميا، وهو مصمم خصيصا لتصنيف مرضى الثلاسيميا بيتا إلى ثلاث فئات مختلفة من المخاطر.

في أكتوبر 2022، حصل طاهر على جائزة الكويت 2021 المرموقة (في مجال العلوم التطبيقية — العلوم الطبية التطبيقية) التي تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن أبحاثه التي أجراها على الثلاسيميا بيتا.

حـصل طاهر على العديد من الجوائز والأوسمة عبر مسيرته المهنية، لكنه يقول إن تلك التي حصل عليها من مؤسسات في الشرق الأوسط تتسم بأهمية خاصة بالنسبة إليه: “إن الحـصول على جائزة من الكويت هو لحظة مرموقة وذات مغزى في مسيرتي المهنية. تساعد مثل هذه الجوائز على دفعنا لأن نتبوأ مكانة مركزية ضمن جهود البحث العالمية”.

وإضـافـة إلى مـؤسـسـة الـكـويت للـتـقدم العلمي، يعبر طاهر عن امتنانه لجميع المرضى الذين شاركوا في أبحاثه وعملوا معه ومع فريقه للمساعدة على تحقيق النتائج المنشودة، إضافة إلى الأستاذين فيكتور هوفبراند وماريا دومينيكا كابيليني اللذين دعما رحلته منذ البداية. وقال: “لقد راهنا على طبيب قادم من بلد محدود الموارد، وشجعـاني على التـفكير بذهن منفتح”. كما يتقدم بالشكر للمركز الطبي في الجامعة الأمريكية ببيروت.

نظرًا لأن أحد اهتمامات طاهر الرئيسية هو إرشاد الجيل القادم من الأكاديميين، فليس من المفاجئ أن يحرص أيضًا على ذكر الطلبة الذين يعمل معهم. وقال: “أعتقد أن أهم شيء هو تنمية أذهان الأجيال الشابة. من خلال الإرشاد والتوجيه، أنا في موقع متميز يتيح لي تمكين الطلبة، زملائي المستقبليين، من تنمية شغفهم ودفع أبحاثنا قدمًا في الوقت نفسه”.

طاهر هو مثال على الكيفية التي يمكن بها للتعاون عبر المجتمع العلمي أن يعزز فهمنا لظروف معينة. لقد أنشأ عددًا من المجموعات والجمعـيات المحلية والإقليمية التي تعزز الشراكة بين البلدان. ففي رأيه “ليس للعلم حدود جغـرافية، ويـعني أنه ينـبغي أن نـفكر بذهن منفتح؛ يتعدى الحدود الوطنية والإقليمية”.

أدت هذه الشراكات، ولا سيما الشراكة بين الشرق الأوسط وإيطاليا، إلى زيادة فهم الثلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم، وكان لها تأثير كبير في إرشادات إدارة الحالة التي نشرها الاتحاد الدولي للثلاسيميا.

وبينما يواصل طاهر بحثه في استراتيجيات العلاج لمساعدة المصابين بالثلاسيميا؛ فإن العلماء والطلبة والمرضى يشعرون بالامتنان للعمق الاستثنائي لمعرفته، وسخائه في إتاحة خبرته للآخرين.

بقلم إيما ستنهاوس

belowarticlecontent
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى