غير مصنف

جاسم الهاشل .. البحث عن الأساسيات في الأمراض

بقلم ميتش لزلي

يقول الدكتور جاسم يوسف الهاشل إن الدول وأنظمة الرعاية الصحية تحتاج إلى معلومات أساسية حول مدى انتشار الأمراض المختلفة. ويوضح: “عليك أن تعرف ما هو عبء المرض Burden of disease. إذا عرفت ذلك، فأنت تعرف الميزانية والموارد التي تحتاج إليها”. لكن مثل هذه المعلومات نادرة بالنسبة للأمراض العصبية في الشرق الأوسط. حاول الهاشل وزملاؤه تغيير ذلك، فأنشأوا أول سجل وطني لمرض التصلب المتعدد Multiple sclerosis registry في الكويت، وسعوا إلى قياس مدى انتشار الأمراض العصبية الأخرى، بما في ذلك الصداع النصفي والصداع.
وُلد الهاشل في الكويت عام 1976. ويقول إنه اختار دراسة الطب لأن إخوته الثلاثة درسوا الهندسة فرغب في أن يسلك طريقًا مختلفًا. بعد نيل شهادته الطبية من جامعة الكويت في عام 2001، واصل دراسته في جامعة ماكغيل McGill University الكندية في مونتريال. في ذلك الوقت، كما يقول، “كان هناك نقص شديد في أطباء الأعصاب المدربين في أمريكا الشمالية في الكويت، وأردتُ أن أدرس شيئًا تكون هناك حاجة إليه عندما أعود”. أكمل تدريبه بوصفه طبيبا مقيما ثم زمالته في علم الأعصاب في ماكغيل، حيث ركز على تطبيب الصداع وعلاج الحالات العصبية عن طريق حقن البوتولينيوم Botulinum، وهو السم البكتيري المعروف باسم البوتوكس Botox. ثم عاد الهاشل إلى الكويت، وهو الآن أستاذ مشارك في كلية الطب بجامعة الكويت واستشاري في طب الأعصاب بمستشفى ابن سينا التابع لوزارة الصحة.
بدأ حياته المهنية في مجال البحث خلال دراسته في ماكغيل، عندما طرح هو وزملاؤه ما يبدو وكأنه سؤال بسيط: ما مدى انتشار مرض التصلب المتعدد في منطقة الشرق الأوسط؟ والكويت معنية بشكل خاص بالسؤال؛ لأن كثيرين توقعوا أن يكون الغزو العراقي للكويت في الفترة 1990-1991 قد أدى إلى زيادة في عدد حالات المرض الذي يسمى كذلك التصلب العصبي المتعدد. جمع الهاشل وزملاؤه الدراسات المتوفرة، لكنهم وجدوا أن البيانات كانت محدودة ولم تُجمع بطرق متسقة. وكما كشف العلماء في ورقة عام 2008، فقد أشارت الدراسات إلى بعض الأنماط المثيرة للاهتمام. على سبيل المثال، يبدو أن معدل الإصابة بداء التصلب العصبي المتعدد زاد في الكويت بين أوائل ثمانينات القرن العشرين وعام 2000. ومع ذلك، لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت هذه الزيادة حقيقية أو تعكس محدودية تلك الدراسات. كانوا بحاجة إلى مزيد من البيانات.
عندما عاد الهاشل إلى الكويت، بدأ هو وفريقه جمع تلك البيانات. في عام 2010، أطلقوا السجل الوطني للتصلب المتعدد في الكويت، وهو أول قاعدة بيانات شاملة لمرضى التصلب المتعدد في البلاد. يقول الهاشل إنه بفضل هذه البيانات، فإن التصلب المتعدد “يحظى بدراسة أوفى في الكويت مقارنة بمجمل منطقة الشرق الأوسط”. وأظهر التحليل الأولي لمعلومات المريض الذي نشره وزملاؤه في عام 2013، أن معدل الإصابة بداء التصلب العصبي المتعدد في الكويت كان أعلى مما اعتقد الباحثون سابقًا، وأنه بلغ نحو 85 حالة لكل 100,000 شخص. وقد تضاعفت الحالات ثلاث مرات لدى الرجال ومرتين لدى النساء بين عامي 2003 و2011. وتقترح الورقة البحثية التالية التي نشرها الهاشل وفريقه في عام 2019 أن وتيرة مرض التصلب العصبي المتعدد استمرت في الارتفاع لتصل إلى نحو 105 حالات لكل 100,000 شخص. وقد تنجم الزيادة عن عوامل مثل زيادة الوعي العام بالمرض وتحسُّن وسائل التشخيص.
كلما اقتربت البلدان من خط الاستواء، انخفضت معدلات مرض التصلب العصبي المتعدد لديها. لكن السجل يوضح أن مرض التصلب العصبي المتعدد منتشر أكثر في الكويت منه في كثير من بلدان الشرق الأوسط الأخرى، وهو شائع تقريباً مثلما هي الحال في البلدان البعيدة عن خط الاستواء، مثل إيطاليا. إن تقارب معدلات الإصابة بداء التصلب العصبي المتعدد في الكويت مع تلك الموجودة في مناطق أخرى، مثل أجزاء من الولايات المتحدة، يشير إلى أن الغزو العراقي ربما لم يتسبب في زيادة الحالات، كما يقول الهاشل. ويضيف إنه يأمل مواصلة هذا البحث: “أريد إنشاء قاعدة بيانات ربما تكون مفيدة للمنطقة بكاملها”.
وقد ملأ هو وفريقه فجوة بيانات أخرى عن طريق قياس معدل انتشار الصداع النصفي والصداع في الكويت. مقارنة بالدول الأخرى، يعد معدل الصداع النصفي متوسطاً في الكويت. لكن للصداع النصفي تأثيرا قويا في رفاهية الناس وإنتاجيتهم. وحدد استقصاء نشروه في عام 2017، أن %23 من السكان عانوا من الصداع النصفي مرة واحدة على الأقل في العام السابق. وفي المتوسط، فقد الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي نحو يومي عمل خلال الأشهر الثلاثة السابقة.
نشر الهاشل 68 مقالة بحثية، لكنه يعزو الفضل في نجاحه إلى المتعاونين معه. وعن ذلك يقول:”أنا لا أؤمن بالعمل المنفرد. … إذا كنت تعمل ضمن فريق وتوفر الانسجام بينكم، فستكون منتجاً”. ويقول إن الفوز بجائزة الإنتاج العلمي سيحفزه على أن يكون طبيباً أفضل وأكثر إنتاجية كباحث علمي.

belowarticlecontent
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى