هناك حاجة إلى نشر الوعي على نطاق أوسع بالأشكال النادرة الموروثة من مرض السكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حتى يحصل المرضى على أفضل علاج متاح، وفقاً لباحثين في أحد المراكز التابعة لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
يقول خبراء من معهد دسمان للسكري في مدينة الكويت إن الأشخاص المصابين بداء سكري الشباب في مرحلة النضج Maturity –onset Diabetes of the Young (اختصاراً: السكري MODY) غالباً ما يشخَّصون خطأ؛ لأن عدداً كبيراً من الأطباء لا يدركون الاختلاف بينه وبين الأشكال الأكثر شيوعاً للمرض.
السكري MODY هو شكل نادر وغير معروف من داء السكري مقارنةً بمرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني الأكثر شيوعاً. إنه مرض وراثي وقد ينتشر في كثير من الأحيان بين أفراد العائلات، ويظهر عادة في سن مبكرة.
في رسالة نُشرت في دورية The Lancet Diabetes & Endocrinology، دعا البروفيسور فهد الملا وزملاؤه إلى تعزيز الوعي بهذا النوع من السكري، وزيادة الاختبارات الجينية لهذه الحالة في الكويت.
تُعَد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أعلى دول العالم في معدلات الإصابة بالسكري. ففي الكويت يعاني واحد من كل سبعة بالغين هذه الحالة، وقد تضاعف تشخيص مرض السكري من النوع الأول لدى الأطفال منذ تسعينات القرن العشرين.
وعلى خلاف داء السكري من النوعين الأول والثاني، فإن السكري MODY هو مرض “أحادي الجين”– أي إنه ناجم عن طفرة في جين واحد. فإذا كان أحد الوالدين مصاباً بإحدى الطفرات الجينية المسبِّبة له، يكون أطفاله معرضين بنسبة 50 % لأن يرثوا الحالة.
ونظراً لأن المرض نادر جداً وأعراضه مشابهة لأعراض النوعين الأول والثاني من مرض السكري، يخطئ الأطباء في كثير من الأحيان في تشخيصه على أنه أحد الشكلين الأكثر شيوعاً للمرض. لكن هذه الحالة تتطلب علاجاً مختلفاً. فمعظم المصابين به، على سبيل المثال، لا يحتاجون إلى الأنسولين أو يتطلبون فقط جرعات صغيرة منه. ويعالج هذا النوع من السكري عادة من خلال إدخال تغييرات على نمط الحياة وإنقاص الوزن وتناول أدوية عن طريق الفم.
تقول الدكتورة حصة الكندري، رئيسة قسم الصحة العامة في معهد دسمان للسكري: “من المهم زيادة الوعي بالأشكال أحادية الجين من المرض لضمان إحالة المرضى إلى الاختبار الجيني حتى يحصلوا على الإدارة والعلاج المناسبين” لحالتهم.
كما يعني التشخيص الصحيح أنه يمكن إدارة المضاعفات المصاحبة على نحو أفضل. إن أحد أشكال السكري MODY، المُسمَّى HNF1 –beta، يرتبط على سبيل المثال بظهور مشكلات في الكلى وتشوهات في الرحم وداء النقرس.
يسمح الاختبار الجيني أيضاً بتحسين إدارة الحالة لدى الأقارب الذين ربما لا يدركون أن لديهم السكري MODY. وقد يكون الأطفال المولودون لأبوين من العائلة الممتدة نفسها أكثر عرضة للإصابة بأشكال وراثية من مرض السكري.
ما زال انتشار السكري MODY غير معروف في الكويت. وفي دراسة من المقرر نشرها في وقت لاحق من هذا العام، حدد الملا والكندري وزملاؤهما عدة أنواع من الحالة لدى 60 مريضاً تشير أعراضهم إلى احتمال إصابتهم به. وهم يأملون إنشاءَ عيادة متخصصة للسكري MODY في معهد دسمان للسكري لتحسين تشخيص وإدارة وعلاج هذه الحالة، ومعالجة هذه الفجوة في السيطرة على مرض السكري في الكويت.