وضحة الفوزان .. شغف بعلم الأحياء الدقيقة وعلم الفطريات
بقلم جيفري مارتن
ليس من الصعب معرفة سبب فوز الدكتورة وضحة الفوزان بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب في مجال العلوم الطبية والطبية المساعدة لعام 2020 التي تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس). فهي ببساطة تعشق العلوم.
قالت الفوزان: “عندما كنت في كلية الطب، بدأت في البحث عن تخصص يرضي طموحي، ثم طرأت على ذهني الفكرة. كانت لي صديقة توفي قريب لها بسبب عدوى لم يتمكنوا من علاجها”.دفعها ذلك إلى القراءة عن العدوى التي تسببها بكتيريا مقاومة للأدوية. وقالت: “لقد تحمست للأمر حقًا، وقررت دراسة علم الأحياء الدقيقة على أن أتخصص في علم الفطريات الذي يدرس الفطريات وجيناتها وتصنيفها وخصائصها الكيميائية الحيوية. كنت مهتمة بالكيفية التي تتفاعل بها مع بيولوجيا الإنسان”. بعد اختبار الزمالة للكلية الملكية لعلماء الأمراض Royal College of Pathologists في المملكة المتحدة وحصولها على ماجستير في علم الفطريات الطبية من جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London، أيقنت أن هذا هو المجال الذي ستفلح فيه، ومن هنا بدأت حياتها المهنية كباحثة.
توضح نظرة سريعة على السيرة الذاتية للفوزان أنها من أبرز علماء الكويت، فقد وسعت حدود البحث من خلال مساهمتها بأكثر من 39 ورقة بحثية نُشرت في أرقى المجلات العلمية. وهي المؤلف الوحيد للعديد من هذه الأوراق البحثية أو أعدتها بالتعاون مع كبار علماء الأحياء الدقيقة في العالم. حصلت على العديد من المنح البحثية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس)، وتقصت الأمراض المعدية في مستشفيات الكويت، مثل تلك التي تسببها بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية Staph Aureus المقاومة لعدة أدوية.
لكن شغفها الأكبر هو علم الفطريات الذي قالت إنه أفضل مساهمة لها في علم الأحياء الدقيقة. فقد كرست قدرًا كبيرًا من أبحاثها لدراسة عدوى فطرية محددة هي داء المبيضات (كانديدا) Candidiasis، وهي عدوى تسببها الخميرة وقد تسبب التهابات كبيرة في الفم والمريء والأمعاء والأعضاء التناسلية. المبيضات هي فطر غريب يصعب علاجه بالمضادات الحيوية، ومعدلات الوفيات الناجمة عنه مرتفعة، كما أنه شديد العدوى.
قالت الفوزان: “لدي ورقتان بحثيتان مهمتان عن عدوى المبيضات، وأنا فخورة بذلك. فقد ساعدت أبحاث فريقي على الدفع بالأبحاث قدمًا في أقسام أخرى من المجال الطبي من خلال تطوير ملف تعريف دقيق للحساسية والتشخيص الجزيئي لهذا النوع المحدد من الفطريات”.
تتطلب جميع أبحاث الفوزان متابعة يومية للمرضى الذين يعانون الكثير من المضاعفات الطبية. عن ذلك قالت: “أقوم بجولات يومية في مستشفى الفروانية، فهذا هو المكان الذي تتطور فيه أبحاثي. لقد خرج الكثير من اكتشافاتي البحثية منه، حيث تعرفت على عدوى فطرية جديدة أو أنواع فرعية مختلفة من المبيضات. فأنا أركز بحثي على الدوام على المساعدة على منع الفاشيات المحتملة واحتوائها في المستقبل وحماية المرضى المعرضين للإصابة بالعدوى”.
أدت الفوزان دورًا مهمًا في مكافحة كوفيد-19 في مستشفى الفروانية حيث تشغل منصب رئيسة وحدة الأحياء الدقيقة في قسم الطب المخبري. عن ذلك قالت: “أجرينا جولات منتظمة، وفحصنا نتائج المختبر. تابعنا الحالات في وحدة العناية المركزة وتشاورنا مع الخبراء في المستشفى ومع المسؤولين في وزارة الصحة”. وأضافت: “أعتقد أن كوفيد برهن بالفعل أن كل أفراد المجتمع الصحي في الكويت عملوا في الواقع كيد واحدة على مساعدة الناس”.
خلال العام الأول للجائحة، بذلت الفوزان جهودا حثيثة لدراسة الفيروس وتعاونت مع فريق تقصى أعراض كوفيد لدى الحوامل، كما تعاون الفريق مع وزارة الصحة لفهم الكيفية التي يمكن أن تعمل وفقها المناعة الجماعية في مناطق الإغلاق المختلفة في المهبولة وجليب الشيوخ.
وقالت: “لقد تعلمنا الكثير من هذه المشاريع، وأدركنا أنه فقط من خلال تنظيم حملة تطعيم واسعة النطاق يمكننا أن نحظى بفرصة الحد من انتشار العدوى”.
علاوة على برنامج عملها المزدحم، ما زالت الفوزان تحاضر في كل فصل دراسي في جامعة الكويت، حيث تعمل أستاذة مساعدة في كلية الطب، تُدرس وتعد الجيل القادم من العلماء والأطباء الكويتيين. تتميز الفوزان إلى جانب فطنتها ونجاحها كعالمة، بتواضعها. فهي ممتنة لعائلتها بمن فيهم والدتها وزوجها وأطفالها الأربعة الذين يقدمون لها كل الدعم لإنجاز أبحاثها. قالت الفوزان: “لقد دفعني والدي الذي وافته المنية قبل ست سنوات إلى متابعة شغفي بالإنجاز العلمي والأكاديمي. لقد شجعني دائمًا على التخرج في كلية الطب والسير وراء أحلامي”.
قالت الفوزان إنها فوجئت جدًا بالحصول على هذه الجائزة، وهي في غاية الامتنان والتأثر. وقالت: “لدينا شخصيات بارزة في هذا المجال، من كويتيين وغير كويتيين، لذلك عندما قدمت الطلب، لم أفكر أو أتوقع مطلقًا أنني سأفوز. أشعر أن هذا اعتراف كبير جدًا بكل ما بذلته من عمل شاق ومن سهر طوال الليل في العمل على أبحاثي وفي السفر والتحدث إلى الزملاء وتنظيم المنح ودفع الفواتير”.
بعد الجائزة، قالت الفوزان إنها تخطط لمواصلة أبحاثها للمضي قدمًا في دراسة علم الفطريات: “أعتقد أنني بحاجة إلى التركيز أكثر على المبيضات وعلم الفطريات الذي ما زال يمثل شغفي الحقيقي”.