آفاق جديدة في جراحة التجميل
د. إيهاب عبد الرحيم علي
ما الجديد في عالم جراحة التجميل؟… مزيد من الأجهزة لعمليات شد الوجه غير الجراحية وتلك التي تُجرى بأقل قدر من التدخل الجراحي، ومنتجات جديدة لعلاج التجاعيد، وروبوت (إنسالة) يساعد الجراحين على استعادة خطوط الشعر الطبيعية، ونظام للتصوير الثلاثي الأبعاد يساعد المرضى على تصوّر شكل الأنف بعد تصغيره أو الثدي بعد تكبيره، وأبحاث جارية حول الخلايا الجذعية ودورها في تطوّر طب وجراحة التجميل. إضافة إلى ذلك، هناك الكثير مما يدور في هذا العالم المثير لطب وجراحة التجميل، والذي سنحاول سبر جزء من أغواره في هذا المقال.
شدّ الوجه بطرق غير جراحية
يتمثل الموضوع الذي يستقطب اهتمام المعنيين بالتجميل في عمليات التجميل غير الغازية- أي دون مِبْضَع، ودون قَطْع، والتي يعود فيها المريض، وغالبا المريضة- إلى حياته الطبيعية سريعاً.
وتهدف التطورات الحادثة في أجهزة الليزر وتلك التي تستخدم الترددات الراديوية إلى تقليل مظاهر الشيخوخة، وفي الوقت نفسه مساعدة الشخص على تأجيل عمليات شد الوجه الجراحية عدة سنوات، ربما تبلغ عقداً من الزمان.
قبل سنوات، بدأ الأطباء تجربة جهاز «إيماتريكس» eMatrix، وهو من أحدث الأجهزة المتطورة التي تستفيد من التطورات الحاصلة في مجال تكنولوجيا الترددات الراديوية، وذلك في عدد من الدراسات السريرية قبل إتاحته للجمهور. ومن شأن الإجراء الجديد أن يزيل التجاعيد والندوب الناجمة عن العُدّ (حب الشباب) وغيرها من المشكلات الجلدية. أما النسخة الأحدث من الجهاز، التي يطلق عليها اسم «إيبرايم» ePrime، والتي يُتوقع أيضاً أن تحقّق رواجاً شعبياً، فتستخدم في علاج التجاعيد العميقة، وفي شدّ الجلد ورفع الوجه.
ويستخدم أطباء التجميل واختصاصيو الأمراض الجلدية علاجاً آخر، هو «بيليفيه» Pellevé، وهو أيضاً جهاز يعمل بالترددات الراديوية لشد الجلد وتحسين ملمسه. وفي هذا السياق، يقول الأطباء إن هذه الإجراءات تتسم بكونها خالية من الألم تقريباً، ولا تحتاج إلا لقليل من الوقت لكي تشفى تماماً؛ أي خلال بضعة أيام كحد أقصى.
أما الشركة المصنعة للجهاز بيليفيه فترى أن جهازها، بسبب قِصَر فترة التعافي، يمثل الحل الأمثل للمرأة التي ترغب في الحصول على مظهر أجمل قبل حضور مناسبة مهمة، وبتكلفة تقل عن رحلة تسوّق واحدة!
روبوت يحارب الصلع
يمكن للمرضى التخلّص من الشعر المستعار قريباً؛ باستخدام جهاز جديد لاستعادة الشعر الطبيعي، يتم استخدامه من قبل الطبيب. والجهاز الجديد يستخدم ذراعاً روبوتية وتقنية رقمية لرسم الخرائط لاستخراج الشعر من مؤخرة الرأس، ثم إعداده للزرع. وقد تم الترويج للنظام الجديد، الذي أطلق عليه اسم «أرتاس» ARTAS، باعتبار أنه يساعد الأطباء على استخراج بصيلات الشعر اللازمة للزرع بسرعة أكبر وبدقة أكثر مما يكون الأمر عليه عندما يتم ذلك يدوياً.
ويرى الأطباء الذين استخدموا هذه التكنولوجيا أن النظام «أرتاس» يمثل حلاً ممتازاً لفقدان الشعر يتسم بكونه أقل بَضْعاً، ويمكّن المرضى من التعافي خلال وقت أقصر، مع المحافظة على نتائج طبيعية ومستديمة.
الهلام أم الحقن؟
هناك ضجة تدور حالياً حول مادة هلامية تحتوي على العنصر النشيط لعقار البوتوكس Botox الشهير، يمكن تطبيقها على الوجه، و تم تحضيرها في صورة منتج من شركة ريفانس Revance للأدوية في ولاية كاليفورنيا. وهذا المنتج يخضع حالياً للتجارب الأولية.
وفي هذا السياق، قال تقرير حديث إن الباحثين ذكروا أن تأثير هذه المادة، التي تستخدم ذيفان (سُمّ) البوتولينوم، يستمر أربعة أشهر تقريباً، وهو ما يقترب كثيراً من فترة فعالية حقن البوتوكس، لكن تطبيقها أسهل بكثير.
وعلى الرغم من هذه الأخبار المشجعة، فهناك العديد من الجوانب المجهولة في ما يتعلق بهذه المادة، بما في ذلك تكاليف هذا النوع من العلاج ومدى فعاليته عند استخدامه. إضافة إلى ذلك، يجب على الشركة المنتجة الحصول على موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية على استخدام العلاج الجديد، كدواء، ويجب استخدامه من قبل طبيب متخصص.
أما شركة أليرغان Allergan، وهي الشركة الصانعة لعلاج البوتوكس، فهي لا تسعى لصنع منتج مماثل. وفي هذا السياق، ذكرت الشركة أنها درست في السابق عدداً من التركيبات المختلفة لذيفان البوتولينوم، وبناء على نتائج تلك الدراسات، فإن الشركة لا ترى أن الشكل الموضعي لذيفان البوتولينوم يمكنه اختراق الجلد بسرعة ومن ثم التوغل عميقاً في الجلد والعضلات، وهو أمر لازم لإحداث التأثير المطلوب.
حقن الخلايا الجذعية
يمثل الطب التجديدي regenerative medicine باستخدام الخلايا الجذعية وزرع الدهون موضوعاً ساخناً في أوساط الجراحين والعلماء على حد سواء.
وبينما يقوم بعض الأطباء باستخراج الخلايا الجذعية stem cells من الأنسجة الدهنية الخاصة بالمرضى ثم إعادة حقنها في أجسادهم، يواصل الباحثون بحثهم عن طرق لتحسين هذه العملية. وفي العام الماضي، أنشأت الجمعية الأمريكية لجراحة التجميل لجنة خاصة بدراسة الخلايا الجذعية للنظر في القضايا المتعلقة بسلامة وفعالية هذه الخلايا عند استخدامها كعلاج.
صحيح أن الأطباء يقومون كثيراً بحقن الخلايا الجذعية في مرضاهم حالياً، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تُصبح هذه الخلايا المنتج المناسب بالفعل؟ ولكي تكون كذلك، يجب أن تتوافر لدى أولئك الأطباء التكنولوجيا المناسبة للحصول على الخلايا الجذعية التي يحتاجون إليها على وجه التحديد. صحيح أن هذه التقنية متوافرة حالياً بالفعل، لكنها تتحسن يوماً بعد يوم.
وربما تكون لهذه التقنية العديد من التطبيقات في المستقبل القريب، بما في ذلك عمليات تجميل الوجه والثديين، وحتى استعادة حيوية جلد اليدين. ويتمثل جوهر هذه العمليات في أن يقوم الطبيب بمساعدة جسم المريض على تجديد نفسه. وتذكر التقارير أن الدهون المحسّنة بالخلايا الجذعية تحفّز الزيادة في تدفق الدم، مما يجعل الأنسجة تبدو أصغر سنا.
ويرى كثير من أطباء التجميل أن هذا النوع من المعالجة يحمل إمكانات هائلة؛ فهو إجراء لا يستمر فقط مدى الحياة، بل إن استخدام دهون جسم المريض نفسه في هذا العلاج يجعل الجلد يبدو طبيعياً أكثر.
وفي الوقت نفسه، ذكر تقرير حديث للجنة الخلايا الجذعية أن الإجراءات المعيــــارية لزرع الدهون التي تنطوي على نقل بعــــض الخلايا الجذعـــية الموجـــودة بصورة طبيعــــية داخل الأنسجــــة يجب أن توصف (عند تسويقها) على أنها إجراءات لزرع الدهـــــون، وليس لــــزرع الخلايا الجذعية. وحتى تتوافر أدلة أكثـــر إقناعاً، يجب عدم إجراء العلاج بالخــــلايا الجذعية في جراحة التجميـــــل والجراحة الترميمية إلا في سياق دراسات سريرية.
بوتوكس للرجال
بمرور الوقت، يلجأ عدد أكبر من الرجال إلى طب وجراحة التجميل، كما ذكرت الجمعية الأمريكية لجراحة التجميل في تقرير حديث أفاد بأن أكثر من 750 ألف رجل في أمريكا خضعوا لإجراءات تجميلية جراحية وغير جراحية خلال عام 2010، وهو ما يمثل %8 من إجمالي عدد المرضى. وذكرت الجمعية في بيان صحفي نُشر حديثاً أن العديد من أطباء التجميل يقولون إنهم يلاحظون زيادة في عدد الرجال الذين يطلبون خدماتهم، التي كانت شبه مقتصرة على النساء في الماضي القريب.
وفي عام 2010، كانت عملية شفط الدهون هي أكثر عمليات التجميل شيوعاً بين الرجال. أما البوتوكس (الذي يطلق عليه الأطباء، مازحين، اسم «بروتوكس» Bro-tox عند حقنه في الرجال) فهو العلاج غير الجراحي المفضل لدى الرجال من زبائن جراحي التجميل.
المزيد من حشوات الوجه
ربما يحصل علاج «فوليوما» Voluma، وهو أحدث عضو في عائلة منتجات الشركة جوفيديرم، في إعلان لعيادة طبيب في سنغافورة، على موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية هذا العام على استعماله. وتُشير إليه الشركة الصانعة باعتباره «الغَرسة implant المثالية لإعادة تشكيل حجم الوجه وتصحيح تراجع الذقن». ويقال إنه يساعد أيضاً على تحسين نتائج عمليات شدّ الوجه المترهِّل. وتذكر التقارير أنه يحقق نتائج أفضل عند استخدامه في إعادة تشكيل حجم مناطق واسعة في الوجه، وليس مجرد إزالة التجاعيد.
يحتوي علاج فوليوما على حمض الهيالورونيك، وهي مادة طبيعية في الجسم، والتي تساعد على ترطيب الجلد وإضافة مزيد من الحجم له.
وهناك وافد جديد آخر، هو علاج «بيلوتيرو» Belotero، وهو بدوره مادة للحشو تحتوي على حمض الهيالورونيك، الذي حصل حديثاً على موافقة إدارة الأغذية والأدوية على استعماله. وفي هذا السياق، يقول الأطباء إنه فعال بصفة خاصة في ملء الخطوط الدقيقة حول العينين والفم.
إصلاح التجاعيد
إن البوتوكس المستعمل في إزالة التجاعيد، سيظل العلاج الأكثر شعبية في هذه الفئة، كما يقول جراحو التجميل وأطباء الأمراض الجلدية، لكن هناك المزيد من المنافسين في الأفق.
ومن المواد التي ربما تحصل على موافقة إدارة الأغذية والأدوية قريباً، هناك علاج «بورتوكس» PurTox والعديد من العلاجات التجريبية الأخرى. و ربما تكون هذه البدائل الجديدة أقل تكلفة من البوتوكس أو المنتجات المشابهة له؛ بيد أن الاختلافات الأخرى لن تتضح إلا بالتجربة العملية.
القنيّات ذات الطرف الكليل Blunt tip cannula
يتزايد رواج استخدام تقنية تنطوي على أنبوب دقيق جداً يتطلب عدداً أقل من الحقن من الإبر المستخدمة في عمليات تكبير الشفاه والعينين. يتسم الأنبوب الجديد بكونه أكثر مرونة من الإبر، كما أن الشقوق الجراحية الناتجة عنه تكون أكثر دقة، وهذا يعني أيضاً أن المريض يستغرق وقتاً أقل في العودة إلى حياته الطبيعية.
شد الوجه باستخدام الحد الأدنى من التدخّل الجراحي
إن عمليات شدّ الوجه «المصغّرة» للمريضات اللواتي تراوح أعمارهن بين 35 و45 سنة تمثل صرعة بدأها الدكتور تيري دوبرو، وهو جراح تجميل من نيوبورت بيتش، والذي يظهر هنا في مشهد من مسلسل تلفزيوني شهير.
وفي هذا السياق، ذكر دوبرو أن العام الماضي شهد أكبر توسّع في ممارسته الطبية على الإطلاق، وذلك بفضل عمليات شد الوجه التي تنطوي على الحد الأدنى من التدخل الجراحي. وهذا الإجراء، الذي يتم تحت التخدير الموضعي، يجمع بين الجراحة البسيطة واستخدام أشعة الليزر في شد الجلد، لا يستغرق سوى ساعتين، في حين تبلغ فترة التعافي نحو أربعة أيام.
تكبير وتصغير حجم الثديين
تبقى الجراحة التجميلية للثدي الجراحة التجميلية الأكثر طلباً، كما يقول الأطبــــاء، لكن قد يكــــون هناك توجّه جديد بهذا الخصـــوص؛ إذ إن كثيراً من النساء اللواتي أجرين في السابق عمليات لتكبير حجــم الثديين يتوجهن حالياً لإجراء عمليات جديدة لتقليل حجمهما مرة أخرى. وبهذا الصدد، يرى الأطباء أن هذا قد يمثل رغبة من النساء لأن يكون مظهرهن طبيعياً من جديد.
مطاردة الدهون بالموجات الصوتية
ربــــما توافق إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية في وقت قريب على استعمال جهاز أولتراشيب UltraShape، وهو جهاز للموجات فوق الصوتية التي تستهدف الدهون في جميع أنحاء الجسم، مما يجعله بديلاً لجهاز زيلتيك Zeltiq، وهو إجراء لنحت الدهون على البارد يستخدم لعلاج سمنة البطن؛ وزيرونا Zerona، وهو نظام لليزر يمكنه استئصال ثلاث بوصات من الدهون في الأسبوع لكنه لا يستهدف منطقة معينة من الجسم.
تصورات مستقبلية ثلاثية الأبعاد
ثمة آلة يتوقع أن تزداد شعبيتها كثيراً، والتي تسمح للمريض برؤية ثلاثية الأبعاد لنتيجة عملية التجميل التي سيخضع لها، مثل تعديل الأنف أو مقارنة حجم أحد الثديين بالآخر قبل العملية وبعدها.
وقد ظهــــر جهاز فيكتــــرا VECTRA الثلاثــــي الأبعاد لمحاكـــاة جراحات التجميل في الوجه والثديـــين والجسم، منذ بضعة أشهر. وعلى الرغم من أنه ليس جهاز التصوير الوحيد المتوافر في الأسواق، فإنه يستخدم أحدث التقنيات.