تقريب العلم من الجمهور
بالتعاون مع سيرن، معرض علمي تفاعلي في جامعة الكويت يضع المفاهيم الفيزيائية الصعبة في متناول الجمهور
حظي عشاق العلم والطلبة والباحثون والخبراء في الكويت بفرصة الدخول إلى عالم الفيزياء الحديثة الرائع والغامض من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة والألعاب والأفلام وتجارب الواقع الافتراضي، عبر معرض علمي استضافته جامعة الكويت برعاية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
اشتمل معرض المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (اختصاراً: منظمة سيرن CERN) في الكويت، الذي نُظم في الفترة من نوفمبر 2019 إلى يناير 2020، على عرض مبسط للأبحاث الأساسية التي تجريها منظمة سيرن وتطبيقاتها. جاء ذلك بعد حصول جامعة الكويت على العضوية الكاملة في Compact Muon Solenoid (اختصاراً: برنامج (CMS)، وهـــي إحـــدى التجـــارب الرئيســـية الجاريـــة في سيرن.
تفخر التجربة CMS بأنها أحد أكبر برامج التعاون العلمي في العالم، إذ يشارك فيها علماء ومهندسون وطلبة وشركاء من 200 جامعة ومعهد و50 دولة، بما في ذلك جامعة الكويت.
والمعرض جزء من حملة أكبر لإقامة روابط قوية مع المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية ولتعزيز التقدم العلمي في المنطقة. ففي عام 2019، أرسلت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أيضاً طالبين للمشاركة في برنامج سيرن الطلابي الصيفي.
ولدى تصميم المعرض، ركزت جامعة الكويت ومختبر سيرن الإعلامي CERN media lab على التجربة CMS التي تستخدم كاشفاً كبيراً لفيزياء الجسيمات في مصادم الهادرونات الكبير Large Hadron Collider ولدى تصميم المعرض، ركزت جامعة الكويت ومختبر سيرن الإعلامي CERN media lab على التجربة CMS تستخدم التجربة كاشفا كبيرا لدراسة فيزياء الجسيمات في مصادم الهادرونات الكبير Large Hadron Collider، وتعمل على محاكاة إحداث مشابهة لتلك التي حدثت بعد الانفجار الكبير Big Bang. ويتيح التصميم للزوار أيضاً دراسة الجسيمات الأساسية مثل جسيم بوزون هيغز Higgs Boson والجسيمات التي تتكون منها المادة المعتمة، من بين أمور أخرى.
و صُمم المعرض بحيث إن أول ما يلفت انتباه الزوار لدى دخولهم إليه هو الملصق الضخم لكاشف CMS، وفق ما شرح ناصر دمير، أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة الكويت ورئيس المعرض. وأضاف دمير: “هذا بطبيعة الحال يحفز الفضول لدى الزائرين، والسؤال الطبيعي هو: عمَّ يدور هذا المعرض؟”
عبر رحاب العلم
كان نفق مصادم الهدرونات الكبير التفاعلي LHC Interactive Tunnel التابع لسيرن من أبرز معالم معرض جامعة الكويت الذي حظي بإقبال لافت، وهو عبارة عن أنشطة محاكاة غامرة صممها فريق في مختبر سيرن الإعلامي بقيادة جواوو بيكاناو João Pequenão. صمم فريق بيكاناو المعرض والتفاعلات وحبكوا القصة، ودربوا المتطوعين من طلبة جامعة الكويت على تقديم الجولات داخل المعرض. وأشرف فريق من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجامعة الكويت و مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في البحرين على تصميم المعرض وتركيبه.
وقال بيكاناو: “بينما تولى الفريق تنظيم المعرض نفسه، فقد سخرنا معرفتنا وبعض الأفكار المستفادة من معارضنا ذات الموضوعات المتنوعة الأخرى في سيرن. لقد جمعنا المواد وأعددنا حبكة ثم طوعناها لكي تتكيف مع الشرق الأوسط من حيث السرد القصصي”.
داخل “محطة كرة القدم البروتونية”، يمكن للزوار أيضاً أن يلعبوا لعبة افتراضية يركلون خلالها كرات تمثل الجسيمات. يتضمن الإعداد العديد من محطات إكس- بوكس وشاشة كبيرة تظهر عليها اللعبة. يحاول المشاركون إطلاق طاقة العديد من الكرات لإحداث تصادمات يمكن مقارنتها من الناحية النظرية والمجازية بتصادمات حزم بروتون عالية الطاقة داخل مصادم الهدرونات الكبير.
وعند الدخول إلى ليل هيغز The Higgs-Night، يمكن للزوار رؤية وتتبع تحركاتهم في الوقت الفعلي على شاشة مقسومة نصفين. ويمثل كل نصف منها حالة فيها حقل هيغز Higgs حاضر أو غائب – وحقل هيغز هو مجال طاقة موجود في كل جزء من الكون. وفي الواقع، يتفاعل هذا المجال مع جميع الجسيمات ويضفي عليها كتلة من خلال هذه التفاعلات؛ وهو ما يحاول هذا النشاط توضيحه للجمهور بطريقة مسلية.
عن ذلك قال دمير: “أنت تسير أمام الشاشة. على جانب واحد من الشاشة، هناك ظل يتحرك بالمعدل الذي تتحرك فيه، في حين أنه على الجانب الآخر هناك قدر من التأخير، مثل المقاومة التي تبطئـك”. وأضـاف إن الاستعارة البصريـة تسـاعد على شرح “كيف يتفاعل أي شيء ذو كتلة مع الحقل في عالم يوجد فيه حقل هيغز أيُّ شيء له كتلة يتباطأ. وفي كون من دون حقل هيغز، كل شيء يتحرك بسرعة الضوء”.
أما النشاط الثالث داخل النفق التفاعلي فهو لعبة “شفاء: بروتون من أجل الصحة” HEAL: proton for health، التي توضح الكيفية التي يمكن بها استخدام مسرِّعات الجسيمات في العلاج والطب. وعن ذلك أوضح دمير: “لم نشأ أن نخبر الزوار فقط عن البحث العلمي الأساسي في سيرن، ولكن أيضا عن الصلة بين البحث العلمي الأساسي والأبحاث التطبيقية المرتبطة به؛ أي تطبيقات الأبحاث الأساسية التي نراها في حياتنا اليومية”.
تبسيط العلم للجمهور
قال باكيناو من مختبر سيرن الإعلامي: “كانت الفكرة من وراء هذه الأنشطة هي إشراك أفراد الجمهور في الاكتشاف. … ذلك أكثر ديناميكية من شريط الفيديو لأنك تصبح ممثلاً في تلك الرسوم المتحركة”. وأضاف إن لكل نشاط مسارا تفاعليا وقصة بهدف إزالة الحواجز بين الجمهور ومجال معقد مثل الفيزياء.
وإضافة إلى الزوار من الجمهور، نظمت المدارس في الكويت رحلات إلى المعرض، حيث قاد المرشدون الطلبةَ في جولات صمِّمت لمختلف الأعمار. وقال دمير إنه خلال تلك الجولات “يتفاعل المرشدون مع الزوار. وفي بعض الأحيان، يبثون روح الدعابة في القصص التي يروونها أو يقرِّبون الأفكار العلمية من المفاهيم الثقافية للجمهور … لقد لاحظتُ أن الزوار يطرحون أسئلة مثيرة للاهتمام، مما يشير بوضوح إلى مدى شغفهم بالموضوع”.
استقطب المعرض 7,730 زائرا تراوحت أعمارهم بين 9 سنوات وأكثر من 70 سنة، والمعرض الجوال هو جزء من مشروع تعليمي توعوي كبير كانت له محطة في البحرين قبل وصوله إلى الكويت. وقال دمير إن معرض الكويت كان مشابهاً لمعرض البحرين، باستثناء بعض التعديلات التي أجريت على عدد قليل من الألعاب التفاعلية.
كما شارك في تنظيم المعرض عدة كليات وأقسام في جامعة الكويت منها الفيزياء وعلوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات والهندسة.
وقال باكيناو: “لقد بذلت البحرين والكويت جهداً كبيراً لتعزيز أنشطة البحث العلمي، وأصبح كـل منهما جـزءاً مــن برنــامج التجربة CMS الذي يمثل واحدة من أكبر تجاربنا. وهناك بالفعل باحثون من كلا البلدين يعملون على هذه التجربة”.
كان من المقرر أن ينتقل المعرض بعد الكويت إلى الإمارات العربية المتحدة، لكن جائحة كوفيد19- أدت إلى تعليق كل الأنشطة حتى إشعار آخر.