غير مصنف

نايف الشمري .. من المرض الهولندي إلى الربيع العربي

بقلم ميتش لزلي

د. نايف الشمري خبير اقتصادي وليس طبيبًا، لكنه شخّص مرضًا يسمى المرض الهولندي Dutch disease في الكويت. إنه مرض اقتصادي يصيب غالبًا البلدان الغنية بالموارد الطبيعية ويسبب المعاناة لسكانها. المرض الهولندي هو مجرد واحد من العديد من الموضوعات التي تقصاها الشمري في حياته المهنية. غطت أبحاثه المتنوعة موضوعات متنوعة، مثل آثار الإنفاق العام على جودة التعليم في الكويت وأسباب الربيع العربي.
ولد الشمري في عام 1976. ويقول إن اهتمامه بالاقتصاد نبع من رغبته في رد الجميل إلى المجتمع الكويتي. ويقول: “أشعر أنني مفيد لمجتمعي عندما أشارك في الجهود التي تساعد على معالجة القضايا الصعبة ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة هذه التحديات”. حصل الشمري على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة الكويت عام 1998، وعمل مساعد باحث اقتصادي في بنك الكويت المركزي. لكنه أدرك وجود ثغرات معرفية لديه. وعن ذلك يقول : “شعرتُ أنني ما زلت بحاجة إلى معرفة المزيد عن الاقتصاد وكيفية عمله داخل البلاد”. قرر مواصلة تعليمه الاقتصادي في الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية American University في واشنطن العاصمة عام 2002 وعلى شهادة الدكتوراه من جامعة سيراكيوز Syracuse University في نيويورك عام 2007.
الشمري عضو في هيئة التدريس بجامعة الكويت منذ عام ،2009 وهو الآن أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد. شارك في تأليف كتابين وكتب 25 مقالة تركز على موضوعات مثل التجارة والتمويل الدوليين والتنمية الاقتصادية والسياسة النقدية.
وكان المرض الهولندي من الموضوعات التي تناولها بحثه، لا سيما إن كان قد أثر في المجتمع الكويتي. سُمي المرض بهذا الاسم جراء التراجع الاقتصادي المفاجئ الذي حدث في هولندا في ستينات القرن الماضي بعد اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي فيها. مع تدفق الأموال من مبيعات الغاز إلى البلاد، ارتفعت قيمة عملتها، مما جعل الصادرات الأخرى أعلى تكلفة وأقل جاذبية للمستهلكين خارج هولندا. تراجع التصنيع في البلاد، وزادت البطالة بنحو خمس مرات. يقول الشمري: “إن خطر الاعتماد على قطاع واحد، مثل النفط ، يولد آثاراً جانبية مؤلمة في الاقتصاد المحلي”.
مثلما حصل مع هولندا في ستينات القرن الماضي، صارت الكويت دولة غنية بالموارد تعتمد على قطاع واحد، هو النفط. لكن الباحثين اختلفوا حول ما إذا كانت البلاد مصابة بالمرض الهولندي أم لا. لتقصي الأمر، استخدم الشمري وزملاؤه نموذجًا تحليليًا جديدًا يُعرف باسم نموذج سعر الصرف التوازني السلوكي Behavioral equilibrium exchange rate model، لتحديد الكيفية التي أثرت بها الأسعار والإنتاجية بين عامي 1980 و2014 في قيمة الدينار الكويتي مقارنةً بمجموعة متنوعة من العملات الأخرى. أظهرت الدراسة التي نشرها الباحثون في عام 2018، أن “سعر صرف الدينار الكويتي ارتفع مع ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وأسعار النفط وأسعار الفائدة ومعدلات التضخم”، مما يشير إلى أن الكويت تعاني من المرض الهولندي، وفق الشمري. ويقول إن البلاد بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة هذا المرض مثل “تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية لإعادة هيكلة الاقتصاد بعيدا عن النفط وتعزيز دور القطاع الخاص في قيادة الاقتصاد”.
باستخدام بيانات اقتصادية من 19 دولة على امتداد أكثر من عقدين، تقصى الشمري وزميله جون ويلوباي John Willoughby من الجامعة الأمريكية أسباب الربيع العربي الذي انتشر في شمال إفريقيا والشرق الأوسط في عامي 2010 و2011. وحدد تحليلهما الذي نشر في 2019 عدة عوامل أدت دوراً حاسماً في ذلك. يقول الشمري: “وجدنا أن عدم الاستقرار السياسي في المنطقة حساس جداً للصدمات التي تلحق بأسعار المواد الغذائية خارجها”، وبمعنى آخر للزيادات المفاجئة في تكلفة المواد الغذائية المستوردة. ويضيف إن بطالة الشباب كانت مؤشراً قوياً على الاضطرابات التي حصلت. ومع ذلك، فإن الدراسة تلقي بظلال من الشك على التفسير الذي كثيراً ما يتردد بأن الشباب المثقفين المحبطين بسبب ظروفهم قادوا الاحتجاجات والانتفاضات.
هناك مسألة أخرى استكشفها الشمري وهي الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة المحتملة بين مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الكويت، والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن المفاوضات بين مجموعتي الدول بدأت في عام 1991، فإنها انهارت في عام 2008. لفهم الفوائد المحتملة لمثل هذه الاتفاقية، حلل الشمري وزملاؤه تأثير اتفاقية عام 1988 بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي التي حررت التجارة ولكنها لم تفتح الأسواق بالكامل. وقد أدت تلك الاتفاقية إلى زيادة صغيرة ولكنها مهمة في التجارة، مما يشير إلى أن اتفاقية التجارة الحرة يمكن أن تعزز الصادرات بين مجموعتي الدول، كما يقول.
يقول الشمري إن القضية التالية التي يعتزم دراستها هي التحديات الجديدة في سوق العمل. في السنوات القليلة المقبلة ستؤدي الاستعانة بالروبوتات والذكاء الاصطناعي إلى زوال العديد من الوظائف واستحداث أخرى، وهو يريد استكشاف الكيفية التي تؤثر بها هذه التغييرات في أسواق العمل والتعليم. ويعرب عن فخره لحصوله على جائزة الإنتاج العلمي التي تعد “أهم جائزة تُمنح في الكويت في مجال البحث العلمي”.

belowarticlecontent
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى