من البحث إلى العلاج: رحـلة الدكـتور سـالم الشمـري وتحويل الطب تحويلًا جذريًّا
لعقود من الزمن، اعتمد علاج السرطان على نهج موحد، غالبًا ما يستخدم العلاج الكيماوي الشرس ذا الآثار الجانبية الشديدة. ومع ذلك، فإن التطورات في الطب الدقيق تعيد تشكيل علم الأورام، مما يتيح العلاجات المصممة خصيصًا للمرضى كأفراد. يقود هذا التحول في الكويت الدكتور سالم الشمري، وهو طبيب متميز في أمراض الدم، وخبير في زراعة الخلايا الجذعية، حيث تعمل أبحاثه الرائدة على تغيير مشهد رعاية مرضى السرطان في الكويت والمنطقة.
كرس الدكتور الشمري، أستاذ مشارك إكلينيكي في كلية الطب بجامعة الكويت ومدير وحدات الليمفوما وزرع الخلايا الجذعية في مركز الكويت لمكافحة السرطان، حياته المهنية لسد الفجوة بين الاكتشاف العلمي والتطبيق الإكلينيكي. مع حصوله على درجة طبية من جامعة الكويت، وتدريب متخصص في أمراض الدم وزرع نخاع العظم في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان، قاد مبادرات رائدة تعيد تعريف استراتيجيات علاج السرطان.
يركز أحد أكثر مشاريعه البحثية طموحًا على سرطان الدم النقوي الحاد، وهو سرطان دم نادر ولكنه شرس. وبالاستفادة من تقنيات الجيل التالي من سلسلة الحمض النووي، يحدد الدكتور الشمري الطفرات الجينية التي تؤثر في تقدم المرض واستجابة العلاج. يعد بحثه بالغ الأهمية بالنسبة إلى المجموعة السكانية في الكويت، حيث إن كثيرًا من البيانات العالمية الموجودة تستند إلى المجموعات السكانية الأوروبية، والتي قد لا تعكس – بشكل كامل – الاختلافات الجينية الإقليمية. وقد كشفت نتائجه بالفعل عن اختلافات كبيرة، مثل ظهور سرطان الدم الليمفاوي المزمن في وقت مبكر لدى المرضى الكويتيين مقارنة بنظرائهم الغربيين، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى بروتوكولات علاج خاصة بالمنطقة.
وبصرف النظر عن البحث المختبري، أدى الدكتور الشمري دورًا حاسمًا في تكييف استراتيجيات علاج السرطان في أثناء الأزمات. كشفت دراساته على مرضى سرطان الدم أثناء جائحة كوفيد – 19 عن زيادة معدلات الوفيات في الحالات المتقدمة، مما دفع إلى التحول نحو خيارات التطبيب من بعد، والعلاج الكيميائي عن طريق الفم لتقليل التعرض وتحسين نتائج المرضى. وقد ضمنت قدرته على التكيف ونهجه القائم على الأدلة استمرار رعاية مرضى السرطان خلال فترة صعبة.
يتطلع الدكتور الشمري إلى المستقبل حيث يصبح الطب الدقيق هو المعيار، مع علاجات مستهدفة بشكل متزايد تعتمد على العلامات الجينية والجزيئية. إن سعيه الدؤوب إلى تحقيق إنجازات علمية خارقة لا يحدث طفرة في علاج السرطان في الكويت فحسب، بل يضع المنطقة أيضًا في الطليعة بالنسبة إلى التطورات العالمية في علم الأورام. وبينما يواصل سعيه إلى دفع حدود البحث الطبي إلى تخوم متقدمة، يقدم عمله الأمل في علاجات أكثر فعالية وشخصية للسرطان وتحسين معدلات بقاء المرضى.
تدرك مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أهمية دعم الباحثين الرائدين أمثال الدكتور الشمري؛ إذ تتواءم أبحاثه مع مهمة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لدفع الابتكار العلمي وتعزيز نتائج الرعاية الصحية في الكويت. ومن خلال تمويل أبحاثه، تضمن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أن تظل الأبحاث الطبية في طليعة نظام الرعاية الصحية في الكويت، مما يعود بالنفع – في نهاية المطاف – على المرضى، ويعزز دور الكويت الرائد في العلوم الطبية والطب الدقيق.
أمينة فرحان
المدير العام