معهد دسمان للسكري .. نحو تغيير مسارات السمنة وداء السكري في الكويت
بقلم ريهام العوضي
عندما كانت طفلة، أخبرت فاطمة الراشد زميلاتها في المدرسة أنها تطمح إلى أن تكون عالمة، ومن ثم فليس من المستغرب أن تلتحق بعد نيلها شهادة الدكتوراه بمعهد دسمان للسكري في مدينة الكويت للعمل في مختبر قسم المناعة. ومن خلال أبحاثها تسعى الراشد إلى إيجاد طريقة لمنع الخلايا الممتلئة بالدهون من التسبب بانسداد أنسجة الجسم، ومن ثم عكس اتجاه السمنة في الكويت.
وبوصفها واحدة من أفراد المجتمع الكويتي، تستطيع الراشد أن تلمس الكيفية التي تؤثر بها السمنة في الناس، لذا فهي حريصة على معرفة سبب معاناة نسبة كبيرة من الكويتيين السمنةَ مقارنة بالدول الأخرى. هذا هو السبب الذي يجعلها تركز جلّ اهتمامها على استقلاب الشحوم والاستجابة المناعية أملا بالوصول إلى صنع دواء يساعد مصابي السمنة والسكري على العيش حياة أطول وبصحة أفضل.
وتقول الراشد إننا يوما بعد يوم نشخص المزيد من حالات الإصابة بالمتلازمات الأيضية مثل السمنة وداء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك لأننا غيّرنا النظم الإيكولوجية لأجسامنا، وها هي الآن تحاول التأقلم مع ما حدث لها بسرعة.
فعندما تخزِّن الخلايا الدهنية طاقة إضافية في أجسامنا على شكل دهون، تتمدد هذه الخلايا إلى الحد الأقصى الممكن، ثم تبدأ الدهون بالتجمع من حولها. وعندما يحدث ذلك، يستجيب نوع من الخلايا المناعية يُسمى البلاعم (الخلايا البلعمية) Macrophages، لما حدث بتطويق كل تلك الدهون الإضافية، كما تُصنِّعُ هذه الخلايا أحياناً بعضا من تلك الدهون الإضافية. ينتهي بنا هذا إلى أن يكون لدينا نظام مناعي دهني وبلاعم مثقلة بالدهون ومن ثم بطيئة ومقاوِمة. وتشرح الراشد أن هذه الخلايا تتسلل إلى أي عضو قريب منها في الجسم فتولِّد فيه استجابات التهابية، مما يلحق الضرر بالأنسجة المحيطة.
وللخلايا البلعمية استجابةٌ فطرية. فهي مبرمجة للاستجابة للضرر بغض النظر عما إذا كانت الخلية في حالة جيدة أم سيئة. وقد تتسبب هذه الاستجابة في نهاية المطاف بالإصابة بمرض الكبد الدهني، أو تلحق الضرر بالكلى والأنسجة والجلد والشبكية، أو تسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
وتضيف: “لذلك، ما نريد تحقيقه هو الغوص أعمق إلى المستوى الخليوي والتعرف على المشكلة التي تسمح لهذه الأحماض الدهنية بالحث على ظهور علامات التهابية… إذا عكسنا ذلك، يمكننا عندها أن نُخلِّق علاجا يستهدفها”.
ولفهم المشكلة، اختبرت الراشد وزملاؤها مزرعات الأنسجة في المختبر، فلجأوا إلى تثبيط مسارات مختلفة واستثارة ردود أفعال متنوعة لمراقبة النتيجة. إن هدف الراشد على المدى القصير هو فهم هذه المسارات نظراً لأنها جميعها متشابكة.
وعلى الرغم من العقبات التي تواجهها في الكويت -حيث ما زالت التجارب الإكلينيكية غير مرخصة، إضافة إلى تأثير العديد من المعتقدات الأخلاقية والسياسية والدينية والثقافية- فلا تزال الراشد تأمل أن تتمكن من إجراء تجارب على البشر بمجرد تمكنها من تطوير دواء في المستقبل.