قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ
أحمد عبد الحميد
بعد عدة أيام من اللقاءات والندوات وورش العمل المتخصصة، وبحضور أكثر من 60 من قادة دول العالم اختتمت قمة الأمم المتحدة من أجل المناخ أعمالها في أواخر سبتمبر الماضي بنيويورك بنتائج متواضعة – نوعا ما – و«وعود» من المشاركين بالعمل من أجل الحد من احترار الكرة الأرضية، ومن تداعيات ذلك على البشرية.
فمن الجانب الإيجابي أعلنت أكثر من 60 دولة عزمها العمل على البحث في سبل لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الصفر، وقالت دول أخرى لا يقل عددها عن تلك إنها ستصعد من طموحاتها فيما يخص التغيُّر المناخي بحلول العام المقبل.
لكن على الجانب السلبي، تبين من خلال دعوات عدد من الناشطين البيئيين والتقارير المتخصصة أن جهود بعض الدول المتقدمة غير الكافية في هذا المجال تهدد مستقبل الأجيال القادمة. فالتعهد الذي تقدمت به ألمانيا – على سبيل المثال – وصفه ناقدون بأنه غير كاف أبداً للوفاء بوعود خفض الانبعاثات الكربونية التي سبق أن تعهدت بها الحكومة الألمانية.
نداء الأمم المتحدة
في تلك القمة طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدول المشاركة فيها بالالتزام بما خلص إليه مؤتمر باريس للمناخ عام 2015، وإحياء صندوق المناخ الأخضر والالتزام بجمع 100 بليون دولار سنويا بدءا من عام 2020. ودعا إلى تقديم التزامات ملموسة بوقف دعم الوقود الأحفوري، والتوقف عن بناء محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والتحرك نحو الوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى صفر.
واستنكر تقديم بعض حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تريليونات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لصناعة الوقود الأحفوري لتعزيز الأعاصير، وانتشار الأمراض المدارية، وبناء المزيد من مصانع الفحم التي تخنق مستقبلنا، محذرا قادة دول العالم المشاركين في القمة من «غضب الطبيعة والآثار الوخيمة لتغير المناخ». وأقر الأمين العام بـ«فشل جيله في الاضطلاع بمسؤولياته إزاء حماية كوكب الأرض»، مضيفاً «نحن في حفرة مناخية عميقة وللخروج يجب علينا أولاً التوقف عن الحفر».
معدلات قياسية
ووفق الأمم المتحدة فقد وصلت الانبعاثات الغازية إلى معدلات قياسية وهي لا تبدي أي علامة توقف. وكانت السنوات الأربع الأخيرة أكثر حرارة كما أن درجات الحرارة في فصل الشتاء في القطب الشمالي ارتفعت ثلاث درجات سيليزية منذ سنة 1990.
وتشهد مستويات البحر ارتفاعا، فيما تموت الشعاب المرجانية، ويلاحظ العالم الأثر المهدد على الحياة لتغير المناخ على الصحة، من خلال تلوث الهواء وموجات الحرارة وأخطار الأمن الغذائي.
وباتت آثار تغير المناخ محسوسة في كل مكان كما أن لها عواقب حقيقية على حياة الناس، وهي تعرقل تطور الاقتصادات الوطنية. غير أن هنالك اعترافا متزايدا بأن الحلول الممكنة والقابلة للتطوير موجودة الآن، وأن بإمكانها العمل على أن يتخطى الجميع هذا الأمر وصولا إلى اقتصادات نظيفة وأكثر مقاومة.
ويظهر تحليل حديث أنه إذا تحركت البشرية في الوقت الحالي، فبإمكانها خفض انبعاثات الكربون خلال 12 سنة، وإيقاف الارتفاع في المعدل العالمي لدرجة الحرارة إلى أقل بكثير من درجتين سيليزيتين.
قمة للشباب
على هامش قمة المناخ عقدت قمة الأمم المتحدة للمناخ المخصصة للشباب التي تعد منبرا مخصصا لهذه الشريحة التي ستقود النشاط المناخي.
واستهدفت القمة استعراض أعمال الشباب ومبادراتهم وحلولهم لمشكلة تغير المناخ، والتشارك بشكل هادف مع صانعي القرار بشأن هذه القضية الحيوية.
وتضمنت قمة الأمم المتحدة للمناخ المخصصة للشباب برامج جمعت بين الناشطين والمبتكرين ورجال الأعمال وصانعي التغيير من فئة الشباب الملتزمين بمكافحة تغير المناخ بالسرعة والمستوى اللازمين لمواجهة التحدي.
حافظات العمل
لضمان أن تكون أعمال التحول في الاقتصاد الفعلي مؤثرة قدر الإمكان، أعطى غوتيريش الأولوية لحافظات العمل التالية، التي يعترف بأن لها قدرة عالية على الحد من الانبعاثات الغازية وتعزيز العمل العالمي على التكيف والمقاومة.
الجانب المالي: تعبئة المصادر العمومية والخاصة للتمويل لدفع عملية إزالة الكربون من جميع القطاعات ذات الأولوية وتعزيز المقاومة؛
التحول في الطاقة: تسريع التحول من الطاقة الأحفورية نحو الطاقة المتجددة، إضافة إلى تحقيق أرباح معتبرة في كفاءة الطاقة؛
التحول في الصناعة: تحويل الصناعات كالوقود، والغاز، والفولاذ، والأسمنت، والمواد الكيميائية، وتكنولوجيا المعلومات؛
الحلول القائمة على : التخفيض من الانبعاثات، وتعزيز المقاومة داخل وعبر الغابات، والزراعة، والمحيطات، وأنظمة الغذاء بما في ذلك المحافظة على التنوع البيولوجي، وتسخير سلاسل الإمداد والتكنولوجيا.
المدن والعمل المحلي: تعزيز الخفض والمقاومة على المستويين الحضري والمحلي، مع التركيز على التزامات جديدة بشأن المباني ذات انبعاثات منخفضة، والنقل الجماعي، والبنية التحتية الحضرية، ومقاومة فقراء المناطق الحضرية؛
المقاومة والتكيف: تعزيز الجهود العالمية لمعالجة وإدارة آثار تغير المناخ ومخاطره، لا سيما في المجتمعات والدول الأكثر ضعفا.
علاوة على ذلك، هنالك ثلاثة مجالات رئيسية مهمة:
استراتيجية خفض الانبعاثات: توليد زخم للمساهمات الطموحة المحددة وطنيا والاستراتيجيات البعيدة المدى لبلوغ أهداف اتفاق باريس.
إشراك الشباب والتعبئة العامة: لتعبئة الأفراد في جميع أنحاء العالم لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ وضمان إدماج الشباب وتمثيلهم في جميع جوانب القمة، بما في ذلك مجالات التحول الستة.
العوامل الاجتماعية والسياسية: لتعزيز الالتزامات في المجالات التي تؤثر في رفاهية البشر، مثل التقليل من تلوث الهواء، وخلق فرص عمل لائقة، وتقوية استراتيجيات التكيف مع المناخ، وحماية العمال والفئات الضعيفة.