طب السفر والوقاية من الأوبئة
د. إيهاب عبد الرحيم علي
في عصر يسافر فيه كل جيل بتواتر أكثر ولمسافات أطول بكثير من الجيل السابق له، مع زيادة متوسطة قدرها 30 مليون مسافر سنويا في الفترة من 1995 وحتى اليوم، يواجه الأطباء في جميع أنحاء العالم بالعديد من الأمراض الجديدة.
من وجهة نظر الطب الحديث، فإن استيراد عداوى غريبة شديدة العدوى لا يزال يشكل خطرا داهما لكنه واقعي. والأكثر من مجرد التهديد هو حقيقة أن نحو %10 من المسافرين إلى البلدان النامية يصابون بمرض ينطوي على الحمى أثناء السفر أو بعده مباشرة. وبالأرقام المطلقة، يعني هذا أنه في كل عام، يراجع نحو 4 ملايين مسافر مرافق الرعاية الصحية المتخصصة، بسبب مرض جهازي ينطوي على الحمى، أو الإسهال أو الإصابة باضطرابات جلدية.
تتسم الأمراض المعدية في البشر بديناميكيتها؛ فقد تغيرت العداوى من حيث التوزيع، والكثافة، والنوع في الماضي وستستمر في التغيّر في المستقبل. وقد عملت الأمراض المعدية على تشكيل التاريخ البشري، ولا تزال سببا للقلق، والبحوث، والترصّد المرضي. وتعني الطبيعة الديناميكية للعدوى البشرية أن أي محاولة لتحديد أمكنة وجودها وعرض ذلك على خريطة لن تكون محدّثة تماما بالنسبة لكثير من الأمراض. إن العداوى الشائعة والتي تمت دراستها على نطاق واسع، مثل السل وعدوى المكورات العنقودية، يمكن أن تتغير من حيث أنماط الفوعة virulence والمقاومة. أما العداوى الجديدة أو التي تم التعرف إليها حديثا، مثل تلك التي تسببها فيروسات نيباه والسارس SARS (المتلازمة الرئوية الوخيمة الحادة)، فتظهر وتنتشر؛ وتتأثر وبائياتها بالخصائص البيولوجية للفيروسات المعنية، وأصولها، وطرق انتشارها.
يؤدي السفر الى مناطق غريبة إلى تعريض الناس لأمراض غريبة، يأخذونها معهم لاحقا إلى أمكنة أخرى. ويوضح وباء السارس كيف أن شخصا واحدا سافر من منطقة متوطنة من الصين إلى هونغ كونغ، أمكنه إصابة العديد من الأشخاص في فندق، وصاروا هم أنفسهم ناقلين لعدوى السارس، مما سمح بانتشاره في جميع أنحاء العالم. وهناك مثال أكثر حداثة، وهو فاشية فيروس شيكونغوينا Chikungunia التي بدأت في مناطق المحيط الهندي وامتدت إلى إفريقيا والهند. وبعد ذلك، قام المسافرون بنقل المرض إلى أوروبا، مما تسبب في فاشيته الأصلية الموثقة في إيطاليا. ومن ثم، لم تعد الأمراض المدارية تقتصر على المناطق الاستوائية.
طب السفر
وخلال العقود الماضية، تطور طب السفر travel medicine لكي يصبح تخصصا متميزا من دراسة الأمراض المعدية، على الرغم من أن انتقال العوامل المسببة للعدوى إلى التجمعات السكانية المعرضة للخطر عن طريق السفر كان معروفا جيدا منذ عدة قرون. وعلى سبيل المثال، عندما قام الغزاة الإسبان بغزو أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، أبادوا %95 من السكان الأصليين (عن طريق العدوى وكذلك القتل). وفي الواقع فإن جميع الأوبئة الكبرى التي ابتلي بها الجنس البشري انتشرت عبر أنحاء العالم عن طريق المسافرين. ومن الأمثلة على ذلك داء الطاعون plague، الذي قتل ثلث السكان المصابين به، في جميع أنحاء أوروبا، ما بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر؛ والزهري syphilis، الذي يعتقد أنه تم استيراده في الأصل إلى أوروبا من العالم الجديد من قبل البحارة الإسبان.
بدأت المنشورات العلمية الطبية في مجال طب السفر في الظهور في خمسينيات القرن العشرين، حيث كانت موضوعاتها تركز بشكل رئيسي على أثر السفر الجوي والفضائي على الحالات الجسدية والأمراض الموجودة من قبل، مع تقارير فردية عن الأمراض التي شوهدت خلال الأسفار. وبحلول أواخر الستينيات، تم إجراء أول تجربة عشوائية محكومة لاستقصاء الوقاية التي توفرها مضادات الميكروبات من الإسهال الذي يصيب المسافرين، فضلا عن تقارير لحالات لأمراض معدية جلبها المسافرون، مثل الملاريا. وفي عقد السبعينيات، طرح الأطباء منظورا جديدا لطب السفر، يقسّم المسافرين إلى مسافرين على المدى القصير (مثل السياح الذين يقضون إجازات)، والمسافرين على المدى الطويل (مثل المغتربين)، والمهاجرين، والمسافرين الذين يزورون الأصدقاء والأقارب (VFRs) ممن تعود أصولهم إلى البلدان المدارية، بحيث يمكن تمييز الأخطار المختلفة للإصابة بالأمراض المتعلقة بالسفر بين تلك الفئات.
ونشرت التقارير الطبية دراسات للمتابعة عن كثب لاتجاهات السفر الجديدة، وحالات محددة لتفشي فيروس نورو norovirus بين ركاب السفن السياحية. ومنذ تسعينيات القرن العشرين، ازداد عدد المقالات العلمية في مجال طب السفر بمعدل ثلاثة أضعاف تقريبا مقارنة بالعقود السابقة، مما يشير إلى تنامي أهميته، والاهتمام من قبل العاملين في المجال الطبي بهذا الفرع من تخصص الأمراض المعدية. وقد اقترح الباحثون نموذجا لشرح التدابير الطبية الوقائية التراكمية، ومعدلات إخفاقها، وأطلق عليه اسم نموذج «الجبن السويسري». ووفقا لهذا التشبيه، ففي نظام معقد، يمكن منع الأخطار من التسبب في إحداث خسائر أو أمراض بشرية عن طريق سلسلة من الحواجز. وينطوي كل حاجز على نقاط ضعف أو ثغرات غير مقصودة، مما يمنحه شبها بالجبن السويسري. وتحتل الدفاعات، والحواجز، والإجراءات الوقائية مكانة رئيسية في هذه المقاربة؛ فمن خلال تحديد العوائق، والثغرات (المحتملة)، يمكن تحسين النظام وتقليل الأخطار، ومن ثم يمكن تطبيق النموذج نفسه على طب السفر، الذي تشير فيه شرائح وثقوب الجبن إلى الجوانب المختلفة من الوقاية ضد الأمراض المتعلقة بالسفر. ومن خلال تطبيق النموذج على طب السفر، يمكن أن يتحسّن نظام الوقاية من الأمراض المتعلقة بالسفر من خلال المعرفة بالموضوعات الآتية: وبائيات الأمراض المتعلقة بالسفر وعواملها المرضية والوفيات الناتجة عنها في مجموعات محددة من المسافرين؛ والالتزام بالاحتياطات الصحية المتعلقة بالسفر؛ والاستجابة المناعية للتطعيم؛ وتوافر تدابير وقائية، مثل اللقاحات.
أظهرت المقاربات المتعددة لحصر العبء الدقيق للأمراض المتعلقة بالسفر أن تحديد المقام denominator (أي عدد الأشخاص الذين تعرضوا للتهديد أو المرض) لا يزال يمثل تحديا. ومن طرق استقصاء هذا العبء، نجد رصد المشكلات الصحية المبلغ عنها ذاتيا بعد السفر إلى البلدان النامية. وعلى أي حال، فباستخدام هذه المقاربة، فإن الأمراض الخفيفة أو التي تنصرف ذاتيا مثل الإسهال، أو العداوى التنفسية والاضطرابات الجلدية الخفيفة إما لا يتم التقاطها أو يتم التقاطها بمعدلات أقل بكثير.
الوقاية من الأمراض المتعلقة بالسفر عن طريق التلقيح:
– حماية فئات معينة من السكان:
يتمثل النموذج المتبع في علم اللقاحات، الذي ظل موجودا منذ استحداث اللقاحات، في أن جميع المجموعات السكانية ستشكّل استجابات مناعية (وقائية) مشابهة عند استخدام نفس أحجام جرعات اللقاح وأعدادها. وأدت هذه المقاربة إلى إجراء عمليات التلقيح على مستوى السكان، ومن ثم السيطرة على العديد من الأمراض المعدية، لذا ينبغي دائما اتباعها. وعلى أي حال، فمع التقدم الحالي في المعرفة بالتباين الفردي في خطر الأمراض المعدية وعواملها المرضية والاستجابة للقاحات، فلابد من السعي إلى مقاربة أكثر تكيفا إلى حاجات الأفراد وطبيعتهم. ولوضع مقاربة شخصية للتلقيح، يجب دراسة الاستجابات المناعية في مجموعات محددة من السكان المعرضين للخطر، ومن ثم استقصاء طرق التلقيح الجديدة، والمواد المساعدة والجداول الزمنية للتلقيح.
– زيادة توافر جرعات اللقاح
في نطاق الحماية على مستوى السكان من خلال التلقيح، يتمثل الهدف في إحداث مناعة جماعية من أجل الحد بشكل كبير من انتقال مسببات الأمراض والعدوى. ومن بين جميع الأهداف التي وضعتها منظمة الصحة العالمية (WHO) فيما يتعلق بالقضاء على الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، لم يتحقق حتى الآن سوى استئصال مرض الجدري smallpox. وربما يعزى فشل القضاء على الأمراض المعدية عن طريق التلقيح إلى العديد من العوامل. من الواضح أن الأسباب السياسية والمالية هي العقبات الرئيسية التي يتعين التغلب عليها، ولكن من منظور علمي، قد تكون هناك أسباب أخرى وراء هذا الفشل.
شبكات المعلومات وطب السفر
في تسعينيات القرن العشرين، أدى ظهور الإنترنت والبريد الإلكتروني واستخدامهما الواسع النطاق في كثير من الممارسات السريرية خلال المواجهة مباشرة مع المرضى المعتلين إلى إتاحة التبادل المستمر للملاحظات السريرية في الزمن الحقيقي تقريباً. وأدى ذلك إلى إنشاء العديد من شبكات الاتصالات الدولية، بداية من ProMED-mail في عام 1994. إن ProMED-mail هو نظام لإرسال التقارير عبر شبكة الإنترنت، مخصص للنشر العالمي السريع للمعلومات المتعلقة بتفشي الأمراض المعدية والتعرض الحاد للسموم التي تؤثر في صحة البشر. إن النشر الإلكتروني المفتوح عن طريق البريد الإلكتروني مع إمكانية الاختيار السريع للمنشورات الإلكترونية من قبل هيئة التحرير ومن ثم النشر على الإنترنت في اليوم نفسه يمكّن نظام ProMED-mail من توفير أخبار محدّثة وموثوقة للجمهور في جميع أنحاء العالم.
ويعتمد نظام الخفير الأرضي GeoSentinel على 40 مركزاً رئيسياً للإحالة السريرية في 23 بلداً، وهي تراقب المسافرين الخفراء sentinel travelers المحتمل إصابتهم بمجموعة كاملة من الأمراض عند عودتهم إلى أوطانهم من جهات محددة تقع في أكثر من 230 بلداً. وقد أنشئت شبكة GeoSentinel في عام 1995، وهي الشبكة الرئيسية للترصد المرتكز على المزودين فيما يتعلق بالأمراض المتعلقة بالسفر. وفي الوقت الحالي تتكون شبكة GeoSentinel للاتصالات وجمع البيانات من 53 عيادة للسفر/ طب المناطق المدارية، وهي عضوة في الجمعية الدولية لطب السفر (ISTM). وتشارك مواقع GeoSentinel الثلاثة والخمسون في الترصّد الخافر الكامل، وتقع في 23 بلداً موزعة عبر القارات الست. تساهم هذه العيادات في تقديم بيانات الترصد الخافر المرتكزة على العيادات، والمتعلقة بالمسافرين العائدين المعتلين باستخدام الإدخال المباشر للبيانات عبر الإنترنت في نقطة الرعاية. تمكن بيانات الترصّد الواردة من شبكة GeoSentinel من تجميع تفاصيل تشخيص المرضى وبلد التعرض، وتحديد التسلسل الزمني للسفر، وتفاصيل التعرض الموحدة ومن ثم إجراء تحليل مفصل للعوامل المرضية المتعلقة بالسفر. وإضافة إلى ذلك، يمكن لمثل هذه الشبكات اكتشاف فاشيات الأمراض، وتعزيز الترصّد، وتسهيل التواصل السريع، والاستجابة، ونشر المعلومات بين مقدمي الخدمات والشركاء في مجال الصحة العامة.
الشبكات الإقليمية
تعاني بعض مناطق العالم نقصا في تكنولوجيا الاتصالات والوصول إلى الإنترنت. وغالباً ما تشمل هذه المناطقُ المناطق الساخنة للأمراض الناشئة، مثل منطقة الأمازون في أمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، وبلدان إفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى. وللمساعدة على معالجة هذه التفاوتات، وتحسين التواصل عبر الحدود داخل هذه المناطق، وكذلك تحسين تدفق تقارير الأمراض الناشئة داخل هذه المناطق وخارجها، أطلق ProMED-mail العديد من الشبكات الإقليمية. تمتلك هذه الشبكات درجة من الاستقلالية عن قائمة ProMED العالمية، على الرغم من أن نظام ProMED يوفر البنية التحتية والتمويل والتدريب اللازم لها، ويديرها وسيط إقليمي كبير يتخذ القرارات حول اختيار التقارير التي يتم نشرها، على أساس المصالح المحلية. كانت أولى شبكات ProMED الإقليمية هي ProMED -ESP، وهي شبكة ناطقة باللغة الإسبانية يقع مقرها في أمريكا اللاتينية وProMED-Port التي تغطي بالمثل المناطق الناطقة بالبرتغالية في أمريكا اللاتينية. وتشمل الشبكات الأخرى ProMED-MBDS (ترصّد الأمراض في حوض نهر الميكونغ) التي يقع مقرها في جنوب شرق آسيا، وتنشر المشاركات باللغة الإنكليزية مع قدرة محدودة على الترجمة إلى اللغات الإقليمية الأخرى مثل الفيتنامية، والتايلاندية، والصينية. وتوفر شبكة ProMED-RUS تقاريرها باللغة الروسية للدول المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفييتي السابق.
أما أحدث الإضافات، وهما شبكتا ProMED-EAFR وProMED-FRA فتوفران التقارير باللغتين الإنكليزية والفرنسية، على الترتيب، وتغطيان المنطقة الإفريقية.
تمتلك كل خدمة قائمة منفصلة للبريد الإلكتروني وموقعا مخصّصا على شبكة الإنترنت لإطلاع المهتمين بتلك المناطق المعينة من العالم. وكما هو متوقع، فقد وفرت هذه الشبكات الإقليمية محتوى بالغ الثراء، تتم إعادة بثه عبر خدمة ProMED-mail العالمية.
وهناك شبكات إقليمية أخرى، مثل الشبكة الأوروبية لمراقبة الأمراض المعدية المستوردة (TropNetEurop)، التي تعد تقاريرها عن المسافرين المصابين بمجموعة صغيرة من المراجع الرئيسية.
ومن خلال توفير الإنذار المبكر لفاشيات الأمراض الناشئة وتلك التي تعاود الظهور، يمكن اتخاذ الاحتياطات المتعلقة بالصحة العامة على جميع المستويات في الوقت المناسب لمنع المزيد من انتشار المرض إلى السكان المحليين أو تصديره إلى بلدان جديدة. كان أول مثال مهم على فائدة هذه الأساليب في التعرف إلى فاشية مرضية في الوقت الحقيقي هو اكتشاف داء البريميات leptospirosis في بعض المشاركين في سباق التحدي الإيكولوجي EcoChallenge في عام 2000. وبعد ذلك، تم وصف أمثلة أخرى على الطرق التي يمكن بها للمسافرين أن يعملوا كخفراء للأمراض المعدية الناشئة.
التحليل الطويل المدى باستخدام الشبكات الخافرة
وإضافة إلى القدرة على الاستجابة السريعة لأحداث الترصّد الخافرة المثيرة للقلق، فإن التجميع المنهجي والمستمر للبيانات المجمعة من هذه الشبكات التعاونية يوفر ترصّدا للاتجاهات الحالية للأمراض المستوردة. ومن شأن هذا أن يساعد الأطباء على تشخيص العائدين المصابين بالاعتلال، وتقديم المشورة للمسافرين المحتملين، وتحديد الارتباط بين المرض وخصائص المرضى.
تسمح المشاركة عبر القارات بوضع وصف موحد وشامل ومتعدد الجنسيات للطيف الكامل للمرض الذي تصاب به مجموعة واسعة من المسافرين العائدين من جهات عالمية متنوعة، كما تقدم عينة كبيرة من المسافرين المرضى، وتسمح بالتركيز على وجهة التعرض وليس على أوجه التحيز الناتجة عن ورود جمهرة معينة من السكان المرضى في دراسات تنطوي على العائدين المرضى في مركز صحي واحد. يتم التحقق من التشخيص من قبل طبيب وليس بصفة التبليغ الذاتي.
الخريطة الصحية HealthMap
في السنوات القليلة الماضية، بدأت ProMED إطارا رئيسيا للتعاون الكبير مع مؤسسة «الخريطة الصحية» HealthMap.org، التي يقع مقرها في مستشفى بوسطن للأطفال وكلية هارفارد الطبية. وتشمل هذه الخدمة العالمية قدرات بحثية متطورة على شبكة الإنترنت بلغات متعددة، والتي تعثر تلقائيا على المعلومات المتعلقة بتفشي المرض في مواقع الإنترنت المتاحة للجمهور، وتعالج المعلومات، ومن ثم تضعها على خريطة تفصيلية للعالم من موقع غوغل. ومنذ بدايتها، أدرجت الخريطة الصحية تقارير ProMED في نظامها. وقد بدأ التعاون المشترك من خلال وضع خريطة متخصصة لتقارير ProMED. وبسبب حصوله على دعم جزئي تمثل في منحة من Google.org، فقد توسع هذا التعاون ليشمل ما يأتي:
1. توفير تنبيهات تلقائية بالبريد الإلكتروني حول معلومات الأمراض التي تستخرجها آلة بحث HealthMap على شبكة الإنترنت. يمكن تصنيف هذه التنبيهات وفقا للمرض، أو الجغرافيا، أو غيرهما من الخصائص التي تسمح للمشرفين ProMED المتخصصين بالاطلاع على مجالات الاهتمام الخاصة بكل منهم.
2. تمكّن موظفي ProMED من «تنظيم» تقارير HealthMap: تدقيق اسم المرض وإضافة قدر من الدقة والضبط إلى عملية رسم الخرائط.
3. إدراج خرائط HealthMap التفصيلية المقابلة لمجالات نشاط المرض ضمن تقارير ProMED.
4. تنظيم مستودع ProMED الهائل من تقارير الأمراض (أكثر من 60,000 تقرير مرضي يعود تاريخها إلى 16 عاماً مضت) في قاعدة بيانات منظمة؛ ويسمح هذا بإجراء النشاطات البحثية حول توقيت ونوعية ودقة تقارير الأمراض غير الرسمية والرسمية على حد سواء. ومن شأن هذا البحث، بدوره، أن يسمح بإجراء تحسينات على عملية اكتشاف الفاشيات المرضية.
الجوانب السياسية للترصد المرتكز على المسافرين
عبر مسؤولو الصحة العامة ووزارات الصحة في كثير من البلدان عن قلقهم من أن استخدام المسافرين كخفراء يعني أن المسؤولين المحليين ليسوا كاملي الأهلية للقيام بعمليات الترصد المنوطة بهم، أو حتى أن أي اعتماد على البيانات الواردة من مصادر دولية قد يهدد مخصصاتها من الميزانية الخاصة بالترصد. وبالتالي، فمن الضروري أن يتم التأكيد على أن البيانات الخافرة المستقاة من المسافرين ما هي إلا مصادر متممة للأنظمة المحلية وليست بديلا عنها. وحتى مع وجود برنامج محلي قوي للرصّد، فإن التقنيات التشخيصية المتزايدة التطور، والتي يمكن الوصول إليها في البلدان المتقدمة، قد تمثل مصدرا مهما للاكتشاف السريع للفاشيات الجديدة أو بؤر العدوى الناشئة، والذي سيعود بالنفع على تشخيص وعلاج السكان المحليين. وكذلك يجب عدم إغفال الضغط الواقع على السلطات الصحية لحجب المعلومات المتعلقة بالأمراض، والتي قد تؤثر على التجارة، أو على تدفق السياح من البلدان الأخرى.
الاستجابة للفاشيات المرضية
إن وقوع فاشية مرضية يستدعي استقصاء واستجابة مناسبين، مما يتطلب التنسيق بين المنظمات الوطنية والدولية، فضلا عن بناء شراكات متعددة التخصصات. وعلى سبيل المثال، فجزء من مهمة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC) هو المشاركة في تقييم اكتشاف وتقييم الفاشيات الدولية وفقا لخطوات محددة، تبدأ بالبحث عن إشارات معلوماتية تشير إلى الأوبئة المحتملة التي تهم بلدان الاتحاد الأوروبي. يجب أن تكون أنظمة الترصّد حساسة بما يكفي للاكتشاف الفعال للعلامات التي تشير إلى الفاشيات ذات الاحتمالات الوبائية من أجل تنفيذ تدابير المكافحة في أقرب وقت ممكن. ويحقق المركز الأوروبي ذلك من خلال تحليل البيانات الواردة من أنظمة الترصد المرتكزة على المؤشرات. وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، فإن نظام الترصد الأوروبي المعروف باسم TESSy يوفر محطة كاملة لتقديم التقارير المستندة إلى الحالات من الدول الأعضاء، وذلك بغرض الترصد الروتيني للأمراض الستة والأربعين المدرجة في قائمة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى السارس، وحمى غرب النيل، وإنفلونزا الطيور، وتصفية المعلومات من أنظمة المراقبة المعتمدة على الأحداث (التي تقوم بتجميع البيانات من أي نوع من المصادر).