تتجاوز بعض الأبحاث الواعدة اليوم الحدود التقليدية بين التخصصات وتتضمن التعاون بين الإدارات والمؤسسات حول العالم. ألهم هذا النوع من الأبحاث التعاونية متعددة التخصصات (البينية Multi-disciplinary) ضاري الحويل على امتداد مسيرته المهنية، وأسهمت إنجازاته اليوم في نيله إحدى أهم الجوائز التي حصل عليها حتى الآن، ألا وهي جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب لعام 2022 من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات.
يقول الحويل، الأستاذ المشارك في قسم علوم المعلومات في كلية العلوم الحياتية بجامعة الكويت: ”كان تركيزي دائمًا على الدراسات والأبحاث متعدد التخصصات”. وتتمحور دراسات الحويل حول مجالات الصحة الرقمية والمعلوماتية الصحية وإدارة البيانات والأمن السيبراني. وهي مواضيع قال إنها تفتح باب ”التعاون مع العديد من الزملاء من مختلف التخصصات، وهو ما يعكس طبيعة العلوم في يومنا هذا“.
هذا، ويؤكد الحويل أن الرغبة في استخدام التقنيات الحاسوبية من أجل تحسين حياة مواطنيه الكويتيين ومن ثم أولئك الذين يعيشون في العالم الأوسع قادته إلى هذا المسار الوظيفي. وعن ذلك يقول: ”عندما يتعلق الأمر بالصحة الرقمية والأمن السيبراني، فإن هذه المجالات الواسعة تمس حياتنا على نحو يومي، وتؤثر في صحتنا، وكيف نتفاعل مع مختلف الأدوات والتقنيات والبيانات، وكيف نحمي هوياتنا الرقمية وأصولنا الرقمية“. ولهذه المجالات دورها أيضا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك إمكانية تحسين صحة السكان، وإعادة تنظيم رعاية المرضى في العيادات والمستشفيات، وتعزيز الأعمال التجارية. يقول الحويل: ”آمل ألا تتناول أبحاثي الأولويات الوطنية فحسب، بل أن يكون لها أيضًا تأثير على مستوى الإنسانية“.
يتضمن أحد مشاريعه الأخيرة استكشاف نقاط الضعف في الأمن السيبراني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الكويت، وقد حصل على تمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للبحث في ذلك. يقول الحويل: ”مع الأسف، تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة في أكثر الأحيان تحديات تتعلق بمتطلبات العالم الرقمي ومواكبة الأمن السيبراني. ما نريد دراسته هو مدى مرونتها بعد تعرضها لهجوم إلكتروني وتزويدها بتوجيهات مدعومة بالأدلة حول الكيفية التي تتيح لها التعافي والاستمرار.“
وفي الوقت نفسه، ومن خلال التعاون مع وحدة المعلوماتية الصحية التي ساهم في إنشائها في معهد دسمان للسكري -أحد المراكز التابعة لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، يبحث الحويل في تطبيق استخدامات البيانات، الأدوات، والأنظمة، ومن ضمنها الذكاء الاصطناعي (AI)، لتحسين صحة المجتمع. ومن خلال مشروع تعاوني آخر مع مختبر الصحة الجغرافية Geohealth Lab في المعهد نفسه، يبحث الحويل أيضًا في العلاقة بين الجغرافيا والصحة في الكويت.
قبل عودته إلى الكويت للعمل في جامعة الكويت، درس الحويل في الولايات المتحدة حيث حصل على درجة البكالوريوس والماجستير في نظم المعلومات الإدارية من جامعة أريزونا University of Arizona. ثم حصل على درجة الدكتوراه في نظم المعلومات من جامعة ميريلاند في بالتيمور University of Maryland in Baltimore County.
طوال مسيرته المهنية، سعى الحويل لاقتناص فرص التبادل العلمي والتعاون البحثي، فحرص على حضور المؤتمرات والفعاليات في العديد من البلدان. وحظي بإحدى أهم هذه الفرص في عام 2022 عندما حضر منتدى العلوم والتكنولوجيا في المجتمع Science and Technology in Society Forum في كيوتو باليابان. وقد شارك في هذا الحدث كواحد من أربعة علماء كويتيين شباب اختارتهم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لتمثيل أفضل العلماء الشباب في الدولة. التقى الحويل في المنتدى بعلماء آخرين وبعدد من صانعي السياسات وقادة الأعمال وحضر ورش عمل حول موضوعات عدة يعنى بعضها بالكيفية التي تشكل وفقها العلوم والتكنولوجيا الاقتصاد والمجتمع وكيف يمكن توصيل النتائج العلمية على نحو فعال. يقول: ”لقد أثرى المنتدى معرفتي وشحذ أفكاري وساعدني على فهم الاتجاهات التي تتجه إليها أبرز المؤسسات البحثية والعلماء، وكيف تُترجم العلوم إلى تأثيرات وتطبيقات في حياة المجتمع، ودورنا كعلماء“.
يشارك الحويل أيضًا في العديد من الجمعيات المهنية والمؤسسات الأخرى، وهو ما يعكس اهتماماته البحثية المتنوعة. فهو زميل الأكاديمية الدولية لمعلوماتية العلوم الصحية والجمعية الأمريكية للمعلوماتية الطبية. وهو أيضًا عضو هيئة تدريس مساعد في كلية الطب بجامعة دندي University of Dundee في اسكتلندا، حيث يقدم الاستشارة لطلبة الدراسات العليا في المعلوماتية الصحية. وقد كوفئ على تميزه في التدريس ونشر العشرات من الأبحاث العلمية في مجلات مُحكمة.
ومع هذه القائمة الطويلة من الجوائز، يشعر الحويل بسعادة غامرة لأن إنجازاته حظيت بمثل هذا التكريم الكبير وصولا إلى جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب. عن ذلك يقول: ”إن الفوز بهذه الجائزة عزيز على نفسي“. ومع ذلك، يقول إنه لا يفكر في تخفيف وتيرة نشاطه: ”الجائزة تأتي أيضًا مع مسؤولية كبيرة تعني أن عليَّ أن أواصل عملي… لديَّ مسؤولية كبيرة تتمثل في نقل معرفتي وتدريب وتعليم علماء المستقبل وإلهام الآخرين لتحقيق إنجازات، ففي نهاية المطاف، هذه الأبحاث مكرسة لبلدنا وللإنسانية“.
بقلم: ماريانا دينين