تقرير خاص

تطوير مجتمعاتنا باستثمار فوائد التحولات الرقمية وتحولات الطاقة

الكشف عن حلول مبتكرة في الندوة الثالثة لتعاون الكويت - آيميك

يتصدَّر التحولُ الرقمي طليعةَ رؤية الكويت 2035، التي تهدف إلى دفع الدولة نحو مستقبل أكثر ابتكاراً واستدامة. وتماشياً مع هذه الرؤية نظمت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ندوة الكويت-آيميك الثالثة 3rd Kuwait-imec Symposium: تطوير مجتمعاتنا بتسخير التحولات الرقمية وتحولات الطاقة. عُقدت الندوة في الكويت في أكتوبر 2023، بالتعاون مع مركز الإلكترونيات الدقيقة البلجيكي المشترك ما بين الجامعات (imec) وشركة إنرجي فيل EnergyVille القائمة على تعاون مجموعة من شركاء البحث البلجيكيين في مجالات الطاقة المستدامة وأنظمة الطاقة الذكية.

استعرض 12 خبيراً عالمياً أحدث التطورات في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي والخلايا الشمسية الكهروضوئية، واستقطبت الندوة مشاركة خبراء دوليين وإقليميين، ودعتهم إلى التعمق في التحولات العميقة الحادثة في المجتمعات بسبب التقدم في التقنيات الرقمية والانتقال نحو أنظمة الطاقة المستدامة. واستكشفت الندوة الدوافعَ الاستراتيجية والتحول الرقمي اللازم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتنوعة. فهذه التطبيقات تمتاز بالقدرة على تسريع وتيرة الاكتشاف العلمي، خاصةً في مجالات مثل الطب وعلوم المناخ والتكنولوجيا الخضراء. إذ تحمل تطورات الذكاء الاصطناعي في طياتها الوعدَ بعصر ذهبي من الاكتشافات من شأنه أن يعيد تشكيل عالمنا. وقد اختيرت موضوعات الجلسات والمناقشات لتكون مفيدة لواضعي السياسات وقادة الصناعة والباحثين وجميع أصحاب المصلحة المهتمين بتسخير قوة البيانات لتحقيق الرخاء الاقتصادي.

وكانت الندوة، التي امتدت على مدار يومين، بمنزلة منصة تعاونية لاستكشاف الدوافع والمتطلبات الاستراتيجية للتحول الرقمي في مختلف القطاعات مثل الرعاية الصحية والمدن الذكية والغذاء المستدام والطاقة. تناولت الجلسات الرئيسة موضوعاتٍ تشمل استشعار البيانات، وإنترنت الأشياء (IoT)، وتوليد الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية الوقائية، والإنتاج الغذائي المستدام، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما تناولت الندوة موضوعات حول تطوير تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة في مجال الطاقة واستكشاف الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص.

وقد حضر الندوة نحو 300 مشارك من الباحثين والأكاديميين ورجال الأعمال وأصحاب المصلحة من مختلف الجهات الحكومية مثل معهد الكويت للأبحاث العلمية، وجامعة الكويت، ووزارة الكهرباء والمياه والطاقة المتجددة، والهيئة العامة للبيئة، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاعات النفطية والمصرفية، وكذلك الهيئات الديبلوماسية من عدة دول خليجية وأوروبية.

انطلقت ندوة الكويت-آيميك الثالثة بمناقشة متعمقة حول التأثير البعيد المدى للذكاء الاصطناعي. وركزت محاضرات اليوم الأول على الدوافع الاستراتيجية للتحول الرقمي ومتطلباته في مجالات مختلفة مثل الرعاية الصحية والمدن الذكية والأمن الغذائي والمياه والطاقة المستدامة. وتطرقت العروض التقديمية أيضاً إلى استشعار البيانات، واستخراج المعلومات، وإنترنت الأشياء، واستخدام الذكاء الاصطناعي في أجهزة الحوسبة الصغيرة المنتشرة على نطاق واسع. وإضافةً إلى ذلك دارت المناقشات حول دمج البيانات والمعلومات من هذه المصادر وتحليلها، ودمج تقنيات التحول الرقمي مثل إنترنت الأشياء والانتقال نحو أنظمة الطاقة المستدامة.
وركز اليوم الثاني على استعراض نتائج تعاون مشاريع أبحاث الخلايا الكهروضوئية الذي استمر 10 سنوات بين مركز آيميك وجامعة الكويت، وبدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. وكان نتيجة هذا التعاون «برنامج الأبحاث الكهروضوئية المتقدمة للسيليكون البلوري»، والذي هو جزء من اتحاد بحثي دولي أكبر يهدف إلى تطوير تقنيات الخلايا الشمسية الكهروضوئية المتقدمة وذات الكفاءة العالية وبتكاليف تصنيع أقل. موَّلت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ثلاث مراحل من البرنامج: هدفت المرحلة الأولى إلى تطوير تكنولوجيا خلايا شمسية عالية الكفاءة وبتكاليف تصنيع أقل؛ في حين ركزت المرحلة الثانية على تطوير خلايا شمسية هجينة جديدة تعتمد على البيروفسكايت، وقد تقدمت هذه التكنولوجيا خطوات متقدمة مُحقِّقة زيادة في الكفاءة إلى أكثر من 23%؛ أما المرحلة الثالثة، فقد كانت تهدف إلى تقييم أداء هذه الخلايا والتنبؤ بأدائها في ظل الظروف المناخية المحلية، وكان ذلك بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية.

وقد استثمرت جامعة الكويت منحة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في بناء بنية تحتية لمختبر تقني، وبناء القدرات الوطنية في مجال تطوير خلايا البيروفسكايت الشمسية، مما أدى إلى تسريع بناء القدرات التكنولوجية محلياً ونقلها من آيميك إلى جامعة الكويت.

يركز هذا المختبر على دفع حدود تكنولوجيا خلايا البيروفسكايت الشمسية، والاستفادة من أدائها المحسَّن ومن استقرارها باستخدامها في عديد من التطبيقات الأرضية والنظر في الاستخدامات الفضائية المحتملة. وقد أسفرت الأساليب الترادفية الهجينة المبتكرة، مثل الجمع بين البيروفسكايت ومواد مثل السيليكون أو سلينيد النحاس والإنديوم والغاليوم CIGS، عن كفاءة تجاوزت 25%. وحرص جامعة الكويت على تطوير قدرات تصنيع خلايا البيروفسكايت عالية الأداء ينبع من منطلق اهتمامها بالتطبيقات الفضائية لهذه الخلايا الشمسية.

تشمل المساعي البحثية في مختبر البيروفسكايت تصميم وتصنيع الأجهزة المصممة خصيصاً لظروف الفضاء، وذلك باستخدام هياكل متطورة (أجهزة P-I-N المستقرة) وتركيبات مواد جديدة (مثل: PTAA:Al2O3/C60:BCP) لنقل الشحنات الكهربائية بكفاءة. ويُجري المختبر دراسات شاملة حول الخواص الضوئية والكهربائية لهذه الأجهزة في ظل ظروف تحاكي الظروف الفضائية، مسلطاً الضوء على دراسة آليات الأداء والتدهور. وسيسهم الفهم العميق والتفصيلي – لهذه المواد وطرق المعالجة وهياكل الأجهزة – في تعزيز مزيد من التقدم في هذا المجال.

عكست ندوة الكويت-آيميك الثالثة حرص الشراكة الاستراتيجية بين مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومركز آيميك وشركة إنرجي فيل في تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار. إن الخبرات المتنامية لدى جامعة الكويت خلال تلك الفترة هي بمنزلة أساس متين للمرحلة المقبلة، والتي تنطوي على إنشاء مركز أبحاث الطاقة المتجددة. والهدف الأساسي للمركز هو تشجيع اعتماد التقنيات المبتكرة داخل مجتمع البحث، وزيادة الوعي بهذه التقنيات داخل المجتمع الكويتي، وإلهام أصحاب المصلحة للاستثمار وتأسيس شركات منفصلة جديدة لتلبية احتياجات السوق المحلية بتوفير منتجات الطاقة المتجددة وما يتصل بها من خدمات مبتكرة. وهذا أمر بالغ الأهمية لنجاح التحول المأمول في مجال الطاقة.

بقلم: ماجد المنيفي Majed Al Munefi

belowarticlecontent
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى