يعتمد بقاء الشركات الخاصة بصورة متزايدة على الحفاظ على الريادة في التنبؤ باتجاهات السوق والتوصل إلى حلول مبتكرة وسرعة التكيف مع بيئات الأعمال المتغيرة.
تبرز أهمية الابتكار خصوصاً في الكويت التي تُعرف بأنها بلد منتج للنفط لكنها صارت حالياً في موقع يؤهلها لأن تكون مركزًا عالميًا للوجستيات والتمويل والتجارة. وإدراكًا لأهمية الابتكار، أطلقت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عام 2015 برنامج (تحدي الابتكار)، وهو برنامج تعليم تنفذي يستهدف شركات القطاع الخاص الكويتي.
وقال يوسف عبد العزيز العبدالله، مسؤول برنامج التعلم المؤسسي والتنمية البشرية في إدارة الشركات والابتكار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي إن «لدى الكويت إمكانات للنمو، واعتماد التكنولوجيا الجديدة والابتكار في جميع مجالات الأعمال». وأضاف إن «من المهم أن تفكر المؤسسات الناضجة في الابتكار لتحويل أعمالها وكذلك الكويت، إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وأن ترتقي وتتطور من خلال توفير منتجات وخدمات وأفكار جديدة لصالح الجميع».
ويهدف برنامج (تحدي الابتكار) إلى تعزيز ثقافة مبتكرة في القطاع الخاص في الكويت من خلال توفير فرصة للموظفين في المستوى الإداري الأوسط والقادة الواعدين لتعزيز قدراتهم في حل المشكلات وبناء الفريق والتواصل والتصميم والنمذجة الأولية.
والبرنامج متاح لجميع الشركات العاملة في الكويت منذ أكثر من خمس سنوات. وترشح الأطراف المهتمة فريقاً يتراوح ما بين ثلاثة وخمسة أعضاء، وتقدم مقترحاً في مجال أعمالها التجارية يشرح التحديات المالية والتقنية التي تواجهها الشركة. وتجري مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بعد ذلك مقابلات لتقييم الدافع والالتزام والخبرة والكفاءة في اللغة الإنجليزية لكل عضو في الفريق، وكذلك المنتجات أو الخدمات أو الحلول التي يحاول الفريق تقديمها. ثم يجري اختيار الفرق التي تتمتع بأفضل ديناميات وأعلى إمكانات لتحقيق الأهداف للمشاركة في البرنامج.
على مدار خمسة أشهر، ستحدد الفرق المختارة المشكلات وتطرح وتناقش الأفكار وتخرج بنماذج أعمال قابلة للتطبيق. يبدأ البرنامج ، بتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، في الكويت حيث يتعلم الجميع أساسيات الإبداع والابتكار. ويُتوج بحضور مجموعة من المحاضرات القصيرة وورش العمل والزيارات الميدانية لمؤسسة أكاديمية عالمية خارج الكويت.
يقوم المدرب المسؤول بعد ذلك بتقييم مشروع الفريق الابتكاري ويقدم تقريراً تقييمياً، قبل أن يقدم الفريق عرضًا تقديميًا لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي. وقد صُممت المبادرة لتعزيز مهارات المشاركين حتى يصيروا «أبطالًا للابتكار» ويحدثوا تغييرات مهمة داخل شركاتهم.
وقال العبدالله «لقد شرعنا في تغيير ثقافة الابتكار داخل القطاع الخاص … ووفر التغيير في نمط التفكير حافزًا أكبر للشركات لمواصلة الاستثمار في الابتكار في مجال الأعمال وإنشاء برامج أو مراكز ابتكار خاصة بها».
وقد تعاونت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي مع بعض المؤسسات الرائدة في مجال التعليم المبتكر، بما في ذلك كلية هاس للأعمال Haas School of Business في جامعة كاليفورنيا University of California، في بيركلي، وكلية كامبريدج جادج للأعمال Cambridge Judge Business School في جامعة كامبريدج University of Cambridge، ومركز الكلية الملكية للفنون InnovationRCA في الكلية الملكية
للفنون Royal College of Art، وكلية أندرسون للإدارة بجامعة كاليفورنيا UCLA Anderson School of Management في لوس أنجلوس.
ويؤمل أن يطور المشاركون مهارات النمذجة الأولية وقدرة أكبر على العمل بشكل تعاوني وكذلك فهماً عميقاً لاحتياجات العملاء. وخلال هذا البرنامج، سيتم توجيه الفرق ودعمها بواسطة عدد من الخبراء والتوصل إلى أساليب جديدة لتسهيل التعاون والإبداع والابتكار.
ومنذ انطلاقة برنامج (تحدي الابتكار) فقد شهد مشاركة أكثر من 200 من قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين والعقول الرائعة من أكثر من 30 شركة من بينها بنك بوبيان وشركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) وبنك الخليج وشركة محمد حمود الشايع.
ومن أكبر قصص نجاح البرنامج المشروع الذي أنشأه فريق شركة كيبكو. وتضمن التحدي الذي طرحه الفريق التواصل بين مختلف الشركات ضمن المجموعة. وتمثلت فكرتهم، وفقًا لإيمان العوضي، المديرة التنفيذية لاتصالات المجموعة في كيبكو، في تطوير بوابة تساعد على إيصال المعلومات أو المشاريع إلى الأشخاص المعنيين ونشر جداول الترقيات وتشجيع المبادرات، إضافة إلى أمور أخرى كثيرة.
وسيكون للبوابة مكونات متعددة، أحدها عبارة عن دليل. وقالت العوضي: « حينما تحتاج للبحث عن شخص ما، ستحصل على نبذة عنه وعلى صورته وبريده الإلكتروني ورقم مكتبه ومسؤوله المباشر ودوره داخل المجموعة».
وأضافت أن العصف الذهني والتفكير والاختبار والتواصل الذي يحدث أثناء تحدي الابتكار أمر لا يقدر بثمن. وستكون المكونات الأخرى عبارة عن مدونة حيث يمكن نشر قصص إخبارية عن شركات المجموعة، مما يعزز الوعي الداخلي حول ما يجري فيها ويشرك العاملين فيها في مختلف المبادرات. والمكونان الآخران هما خاصية للمراسلة وخاصية أخرى لطلب أوراق العمل الإدارية وملفاتها، مثل الإجازات الطبية، والإجازات الدورية.
ويلمس العديد من الشركات الأخرى نتائج مشاركتها في (تحدي الابتكار)؛ إذ أطلقت بعض الشركات منصات تفاعلية لتمكين موظفيها من تبادل أفكارهم ووجهات نظرهم ومقترحاتهم، في حين لا تزال شركات أخرى بصدد بناء مراكز للأبحاث وتطوير الابتكار.
وقالت العوضي: «في الشركات ، تُمنح بعض الأدوار أهمية أقل من غيرها ، لكن في مجموعة مثل مجموعتنا، حيث يساهم كل فرد في بناء الشركة، يبدأ دورك داخل الشركة في اكتساب منظور أكبر … ومن المهم بالنسبة لنا أن يبقى الأشخاص على تواصل لأننا نستمد من ذلك قوَّتنا».