غرفة لذيذة: إعادة هندسة الآيس كريم الكلاسيكي لمستقبل أكثر صحة
تجربة إكلينيكية تعاونية رائدة تقدم دليلًا على أن تقليل تناول السكر لا يعني بالضرورة تقليل الطعم
تؤثر المعدلات المرتفعة من الأمراض الأيضية، مثل مرض السكري من النوع الثاني، على الناس في جميع أنحاء العالم، والكويت ليست استثناءً. قالت الدكتورة إباء العزيري، رئيسة قسم الطب في معهد دسمان للسكري: «تبلغ نسبة انتشار مرض السكري من النوع الثاني في الكويت أكثر من 20%».
إن أحد الأسباب الرئيسية لمرض السكري من النوع الثاني هو السمنة، إلى جانب اعتمادنا المتزايد على الأطعمة شديدة المُعالَجة. ولكن بما أنه من غير الواقعي أن نتوقع من معظم الناس أن يستبعدوا هذه الأطعمة من نظامهم الغذائي تمامًا، فإن الضغوط تقع على صناعة الأغذية والمشروبات لإعادة هندسة البدائل الصحية.
أُسِّست شركة الألبان الكويتية الدنماركية (كي دي دي) KDD في العام 1962، وهي علامة تجارية مُوجَّهة نحو الأسرة، تنتهج نهجًا جديدًا فيما يتعلق بتحسين التغذية في الكويت. قال ولفرام ألديرسون، المدير التنفيذي للأبحاث والابتكار في شركة «كي دي دي»: «لطالما حظيت شركة كي دي دي بالتقدير؛ باعتبارها رمزًا ثقافيًّا في الكويت؛ لأنها تتجاوز مجرد توفير المنتجات… هناك اهتمام حقيقي بصحة المستهلكِين، وهذا دفع القيادة إلى القول: دعونا نطوِّر كيفية تصميم أطعمتنا باستخدام أحدث التوجهات العلمية».
وقد أدى هذا الاهتمام بصحة المستهلك إلى شراكة رائدة بين شركة كي دي دي ومعهد دسمان للسكري، بتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي؛ لإعادة هندسة آيس كريم الشوكولاته الكلاسيكي من شركة كي دي دي. ولم يكن الهدف مجرد إزالة السكر المضاف، واستبداله بمُحَلِّيات أكثر صحة، بل الحفاظ على نفس النكهة والجودة التي تشتهر بها العلامة التجارية. وقال ألديرسون: «نحن نعلم أن عملاءنا، هنا في الكويت الذين نشأوا على آيس كريم الشوكولاته من شركة كي دي دي، لن يرحبوا بمنتج لا يتمتع بعامل اللذة نفسه، حتى لو كان يمتاز بمغذيات أفضل».
وبالإضافة إلى إعادة هندسة الآيس كريم، أرادت شركة كي دي دي – أيضًا – تحديد الفوائد الصحية للتركيبة الجديدة. ولتحقيق هذا الهدف، كان من الضروري إجراء تجربة إكلينيكية (سريرية). وقالت العزيري: «جاءت هذه شراكة بين معهد دسمان للسكري وشركة كي دي دي، بتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لمعالجة احتياجات مجتمعية مهمة».
وتُعد التجربة إنجازًا كبيرا؛ فهي أول تجربة عشوائية تُجرى على السكان الكويتيين المحليين. وقالت العزيري: «كان الهدف من الدراسة هو تقييم الاستجابة لارتفاع نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني». وأظهرت النتائج أن الآيس كريم الخالي من السكر المضاف لم يؤد إلى نسبة غلوكوز دم واستجابات أنسولين مصاحبة مرتفعة. وفي حين أن تركيبة الآيس كريم الجديدة لا تحتوي على سكر مضاف، إلا أنها لاتزال تحتوي على بعض السكر من المنتجات الطبيعية للحليب. وقالت العزيري: «يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري إلى فهم أن ما تدعيه العلامات التجارية بأنه «خالٍ من السكر» لا يعني عدم وجود أي سكر في المنتج؛ بل يعني أنه لا يحتوي على سكر مضاف، من المهم جدًّا إرسال رسائل واضحة للناس». وقد حظيت الورقة البحثية المنشورة بعنوان «إعادة صياغة الآيس كريم لتحسين استجابة الغلوكوز بعد الوجبة الغذائية: فرصة للصناعة لتوليد قيم مشتركة» باهتمام دولي كبير، حيث حصلت على عدد مشاهدات للصفحة أكبر من %96من جميع المقالات الأخرى المنشورة في مجلة «فرونتيرز إن نيوتريشن».
وبعد نجاح التجربة الإكلينيكية، تم إطلاق ثلاث نكهات من الآيس كريم الجديد في يونيو 2024 تحت العلامة التجارية «مفيد لي» Good for Me: الشوكولاته والفراولة والفانيليا. ورافق الإطلاق ندوة عامة، قالت العزيري إنها «حظيت باستقبال جيد جدًّا، وربما كانت واحدة من أنجح الفعاليات التي نظمها معهد دسمان بمشاركة الجمهور».
وبالإضافة إلى ابتكار نسخة صحية من آيس كريم شركة كي دي دي المحبوب، فقد ولَّد هذا البحث فوائد أخرى، بما في ذلك إلهام الجيل القادم من العلماء الكويتيين. وقالت العزيري: «ما نفخر به حقًّا هو ما حقّقناه من بناء القدرات الذي قمنا به في هذا المشروع… الفريق بأكمله الذي أدار مشروع البحث هو من الشباب الكويتيين، من قطاعات مختلفة». كما خضع المشروع لتدقيق أ.د. كاريل لو رو، الخبير العالمي في السمنة. ومن بين الفوائد الأخرى للمشروع أنه سلط الضوء على الطبيعة المجتمعية للكويتيين الذين شاركوا في التجربة. وقالت العزيري: «كانت هذه تجربة شاقة إلى حد ما تهدف إلى تلبية احتياجات المجتمع».
ويعرب كل من ألديرسون والعزيري عن امتنانهما للدعم الذي تلقاه الفريق خلال هذه التجربة. وقال ألديرسون: «لقد كان فريق مؤسسة الكويت للتقدم العلمي متحمسًا جدًّا، ويفهم حقًّا مدى أهمية ربط النقاط بين الصناعة والنتائج الصحية. لم يكن أي من هذا ليحدث لولا اهتمام رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة كي دي دي السيد محمد جعفر، ونائب رئيس مجلس الإدارة ونائب الرئيس التنفيذي والمدير المالي لشركة كي دي دي السيدة بهية عزت جعفر، بهذا المشروع».
وتأمل شركة كي دي دي أن تلهم أبحاث، مثل هذه، الشركات الأخرى في صناعة الأغذية والمشروبات؛ لتدرك أن التغيير ممكن: «نحن ننشر نتائج هذا البحث ونتيحها للجميع؛ حتى تستفيد منه الشركات الأخرى، بما في ذلك منافسونا»، كما قال ألديرسون. «نحن في حاجة إلى نظام إيكولوجي من المنافسة… نريد أن يتنافس الناس على صنع منتجات أكثر صحة، بدلًا من التنافس على صنع منتجات غير صحية».
وفي معهد دسمان، يمثل هذا المشروع بدايةً لتطلعات جديدة حول أهمية نشر القيم المشتركة في مختلف أنحاء القطاع الخاص. وقالت العزيري: «سنعمل على العديد من المشاريع المستقبلية التي تبحث في جوانب مختلفة حول كيفية تعزيز المنتجات الجديدة لشركة كي دي دي؛ بينما نرحب أيضًا بالتعاون مع شركات القطاع الخاص الأخرى لمعالجة القضايا الصحية المهمة، بما في ذلك انخفاض كتلة العضلات واضطرابات النوم والصحة العامة».
بعد النجاح الذي حققته نكهات الآيس كريم الثلاث “Good for Me”، تعمل شركة كي دي دي الآن على إعادة هندسة مجموعة واسعة من منتجاتها، فضلًا على تطوير إصدارات جديدة. وقال ألديرسون: «لا سقف لما تريد قيادتنا أن نصل إليه».