شبكة عالمية للمدن الصديقة للمسنّين
م. محمد البسام
يؤدي المسنّون دورا حاسما في مجتمعاتهم المحلية ، فهم ينخرطون في العمل المدفوع الأجر وذاك التطوعي، ويسهمون في نقل الخبرات والمعارف، ويساعدون أسرهم على النهوض بمسؤوليات الرعاية. ولا يمكن ضمان تحقيق هذه المساهمات إلا إذا كانوا يتمتعون بصحة جيدة وإذا ما حرص المجتمع على تلبية حاجاتهم.
ولعل من أهم تلك الحاجات تهيئة بيئة حضرية متميزة لهذه الشريحة العمرية في المدن والمناطق المختلفة، تسهم في تعزيز تمتع المسنّين بالصحة والنشاط وحياة عالية الجودة في سن الشيخوخة.
وتحقيقا لهذه الأهداف وغيرها أنشأت منظمة الصحة العالمية شبكة عالمية خاصة بالمدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين لتعزيز تبادل الخبرات والتعلم المتبادل بين المدن والتجمّعات في جميع أنحاء العالم.
والمدن والتجمّعات المنتمية إلى هذه الشبكة العالمية متباينة الأحجام وهي تقع في أصقاع مختلفة من العالم. وتبذل هذه المدن والمجتمعات جهودها في أوساط ثقافية واجتماعية واقتصادية غاية في التنوع من أجل أن توثّق عرى صداقتها بالمسنّين. ويشترك جميع أعضاء الشبكة العالمية في إبداء الرغبة والالتزام اللازمين لتهيئة بيئة حضرية مادية واجتماعية، تعزز تمتع المسنّين من الأفراد بالصحة والنشاط وحياة عالية الجودة في سن الشيخوخة.
توسع رقعة المدن
تقول منظمة الصحة العالمية إنه في عام 2008 تمكّن السواد الأعظم من سكان العالم من العيش في المدن للمرة الأولى في التاريخ. وسيتواصل نمو سكان المناطق الحضرية في المستقبل، وتشير التقديرات إلى أن عدد هؤلاء السكان سيبلغ نحو 3 أفراد من أصل 5 أفراد بحلول عام 2030.
ومع توسع رقعة المدن في مختلف أنحاء العالم سيتزايد في الوقت نفسه عدد سكانها من المسنّين الذين ستتضاعف نسبة البالغين منهم 60 عاما من العمر في العالم من 11 % في عام 2006 إلى 22 % بحلول عام 2050.
وترى المنظمة أنه بفضل الشبكة العالمية يمكن توفير منبر عالمي لتبادل المعلومات وتقديم الدعم المشترك من خلال تبادل الخبرات. إضافة إلى ذلك، تقدم المنظمة توجيهات في هذا المضمار وتشجع على توليد المعارف بشأن السبل الكفيلة بتقييم أواصر الصداقة التي تقيمها مدينة أو مجتمع محلي ما مع المسنّين، وتلك الكفيلة بدمج منظور الشيخوخة في التخطيط الحضري وتهيئة بيئة حضرية صديقة للمسنّين.
برامج خاصة
وتنظر المنظمة إلى إقامة المدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين باعتبارها من أنجع نهج السياسات المحلية للاستجابة لمتطلبات شيخوخة السكان. والبيئة المادية والاجتماعية محدّد رئيسي للبت فيما إذا كان بمقدور المسنّ أن يبقى محافظا على صحته واستقلاليته واعتماده على الذات طوال مرحلة شيخوخته.
وبرنامج المنظمة الخاص بالبيئة الصديقة للمسنّين هو نشاط دولي يتناول العوامل البيئية والاجتماعية التي تسهم في تمتع المسنّين بالنشاط والصحة.
ويساعد البرنامج المذكور المدن والتجمّعات على تقديم مزيد من الدعم للمسنّين من خلال تلبية حاجاتهم على أساس الأبعاد الثمانية الآتية: البيئة المشيدة، ووسائل النقل، والإسكان، والمشاركة الاجتماعية، والاحترام والاندماج الاجتماعي، والمشاركة المدنية والعمالة، والتواصل، وخدمات الدعم المجتمعي والصحة.
ويأخذ بعض الدول الأعضاء في المنظمة بزمام المبادرة في وضع برامجه الخاصة بتقديم مبادرات وطنية أو أخرى على نطاق الدولة ككل بشأن إقامة المدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين. وتشجّع البلدان على العمل مع المنظمة لضمان حصول المدن والتجمّعات المشاركة في هذه البرامج على العضوية تلقائيا في الشبكة العالمية.
عضوية المدن
تشترط منظمة الصحة العالمية على المدن أو التجمّعات التي ترغب في الانتماء إلى عضوية الشبكة العالمية أن تلتزم بإجراء عملية تقييم وتحسين مستمرين لعلاقة الصداقة التي تربطها بالمسنّين. ومن الضروري أن يشارك المسنون من أفراد تلك المدن والتجمّعات مشاركة هادفة في جميع مراحل العملية.
وبمقدور المدن أو التجمّعات الأعضاء في الشبكة العالمية أن تستخدم تسمية (عضو في الشبكة العالمية لمنظمة الصحة العالمية الخاصة بالمدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين). كما تمكّن العضوية في الشبكة من تحقيق ما يأتي:
< إقامة صلة بشبكة عالمية من الخبراء المسنّين، ومنهم كبار المسؤولين ومديرو البرامج والباحثون والمسنون أنفسهم.
< الاطلاع على آخر ما يستجد من أخبار ومواد عن مشروعات المدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين واجتماعات هذه المدن والتجمّعات وفعالياتها.
< الحصول على توجيهات بشأن النهج المتبعة في وضع وتطبيق مناهج المدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين.
< المشاركة في مناقشات حول أفضل الممارسات المتبعة في بناء المدن أو التجمّعات الصديقة للمسنّين والتغلب على التحديات التي تواجه بناءها.
< تيسير إقامة شراكات أو نشاطات تعاونية بين المدن.
< نشر نتائج المشروعات المنفذة وتقاسمها.
الشبكة والمبادرات الأخرى
تؤكد المنظمة أن المشاركة في الشبكة العالمية للمدن والتجمّعات الصديقة للمسنّين لا تحل محل مبادرات أخرى خاصة بمدن صديقة للمسنّين، لا من حيث التخطيط ولا التنفيذ، بل تُشجّع البلدان بالأحرى على العمل مع المنظمة لضمان حصول المدن المشاركة في تلك البرامج على العضوية تلقائيا في الشبكة العالمية.
إضافة إلى ذلك تتيح المشاركة في الشبكة الفرصة أمام المدن لتقيّم ما تتبعه حاليا من نهج صديقة للمسنّين تلبّي حاجاتهم تلبية منهجية وشاملة, بحيث تحدّد الفجوات المتبقية وتعمل على سدّها. لذا يُشجّع على إدراج مبادرات أخرى ضمن خطة عمل المدينة أو التجمّع لتوثيق عرى الصداقة بالمسنّين، أو إقامة صلات بين تلك المبادرات.
الخطط المستقبلية للشبكة
قد تتمثل الخطوة الأخرى المتخذة لاحقا في تحديد ما تضعه المدن أو التجمّعات الصديقة للمسنين من معايير تمكّن المدن التي تبلغ مستوى معينا من الصداقة بالمسنّين من الحصول على جائزة قيّمة. فقد تتوفر مثلا مؤهلات الحصول على جائزة خاصة بوسائل النقل في المدن أو التجمّعات التي تخفّض تعريفة نقل المسنّين في وسائل النقل العام التي تتيحها للجميع، وتوفر في تلك الوسائل مقاعد تكون أولوية الجلوس فيها للمسنّين وتُدرّب سائقي الوسائل على مساعدة أولئك الأفراد. وقد يتسنى أيضا تحديد المدن أو التجمّعات التي تحرز تقدما استثنائيا في إقامة الصداقات مع المسنّين من أجل أن تحصل على جائزة شاملة.