الخيارات الغذائية وآثارها في صحة البدن وجماله
د. نورة صالح العسكر
الفكرة المتمثلة في أنَّ خياراتنا الغذائية تؤثر في الصحة والجمال ليست فكرة جديدة، فمعظمنا يدرك تماماً أنَّ التغذية تؤدي دوراً حيوياً في الوقاية من أمراض مختلفة؛ مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري. ومع ذلك ، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أيضاً أن التغذية تؤثر في المناعة، والشيخوخة، والمزاج، والصحة العامة. وانطلاقاً من هذا الاعتبار ، فقد قدم لنا العلماء في الأبحاث الحالية جيلاً جديداً من الطعام يسمى (سوبرفوودس)، وهو يتكون من أطعمة متنوعة خاصة تحتوي على فوائد غذائية كثيرة. إنها الأطعمة الغنية بالمغذيات المكافحة للشيخوخة ولأمراض عدة. مثل المواد المضادة للأكسدة، كالأنثوسيانين والفلافونويد والفيتوستيرولز، والمواد الغذائية الأساسية الأخرى التي يحتاج إليها الجسم. ومعظم هذه الأطعمة متوافرة حولنا لكننا لا ندرك فوائدها الكثيرة.
و من أكثر الأطعمة المغذية والغنية بالمواد المضادة للأكسدة في قائمة أطعمة السوبرفوودس هو توت الأساي. ويوجد هذا التوت الصغير في الغابات المطيرة في البرازيل، وهو غني بعدد كبير من الفيتامينات والمواد المغذية. وسحر هذا التوت الصغير يكمن في لبه؛ وذلك في قوة لونه الأزرق الذي يتكون من مغذيات دقيقة استخدمها البرازيليون لمئات السنين، نظراً إلى فوائدها الطبية وخصائصها العلاجية. وقد أطلق عليه الدكتور نيكولاس بريكون اسم: ثمرة الطاقة الطبيعية. والقضية المثيرة في توت الأساي أنه غني بالأحماض الدهنية الأساسية، ومضادات الأكسدة والأحماض الأمينية والفيتامينات، وكلها معبأة في لب هذا التوت الصغير.
الخصائص المميزة للتوت:
تكمن قوة سر وفائدة هذا التوت في أمور كثيرة من أبرزها:
< الوفرة في تنشيط المواد المضادة للأكسدة: فهو غني بمضادات الأكسدة، وبعض الفيتامينات والمعادن والإنزيمات التي تساعد على مواجهة أو إبطاء آثار التأكسد في الجسم. ويستحسن أنْ نتناول جرعة صحية من المواد المضادة للأكسدة يومياً عن طريق غذائنا. وفي هذا الاعتبار ووفقاً لمقياس (أوراك) الذي وضعه علماء في المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة، والذي يستخدم لقياس مستوى مضادات الأكسدة في الغذاء، وجد أنَّ توت الأساي هو من أغنى مصادر هذه المواد المضادة للأكسدة.
• ومن أسرار هذه النبتة الفريدة أنها غنية بالأحماض الدهنية الأساسية المعروفة باسم أوميغا 3 و6 و9.. وهذه الدهون اللازمة صحية، ويجب الحصول عليها من الغذاء. فهي تساعد على دعم جميع أنظمة الجسم مثل القلب والأوعية الدموية، والجهاز التناسلي، والجهاز المناعي، والجهاز العصبي، وتستخدم أيضا لتصنيع وإصلاح غشاء الخلية. وهنالك وظيفة أخرى للأحماض الدهنية الأساسية هي إنتاج البروستاغلاندين، التي تنظم وظائف الجسم مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم وتخثر الدم. وتبين الأبحاث العلمية أن هناك حاجة أيضاً للأحماض الدهنية الأساسية للنمو السليم والتنمية العصبية لدى الأطفال. وقد تم ربط النقص في الأحماض الدهنية الأساسية بأوضاع صحية عديدة مثل النوبات القلبية والسرطان والربو والاكتئاب وتسارع مظاهر الشيخوخة والسكتة الدماغية.
• مخزن للألياف الغذائية: توت الأساي غني بالألياف الغذائية التي تمثل عنصراً أساسياً في نظام غذائي صحي. ووفقاً لمدرسة هارفارد للصحة العامة، فإن الألياف الغذائية تساعد على الحد من امتصاص الكولستيرول في الجسم، مما يقلل من خطر أمراض القلب، كما تساعد على الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، ومنع ظهور النوع الثاني من السكري من خلال تنظيم مستويات السكر في الدم. والأمر المهم جداً في الألياف الغذائية أنها تشعر بالشبع بسرعة ولمدة طويلة، لذلك فقد كان توت الأساي سبباً في نجاح برامج إنقاص الوزن في تجارب كثيرة بالولايات المتحدة.
• ثمرة غنية بالأحماض الأمينية: من المعروف أن الأحماض الأمينية أساس بناء البروتينات التي تشكل عنصراً رئيسياً وظيفياً وهيكلياً لجميع خلايا الإنسان. ويوفر البروتين للجسم ما بين 10 و %15 من حاجاته من الطاقة الغذائية. ويعتبر البروتين عنصراً أساسياً للنمو والتجديد الفسيولوجي. وفي عام 2007 أوصى تقرير الصندوق العالمي للسرطان بالحد من استهلاك اللحوم الحمراء إلى ما لا يزيد عن 500 غرام في الأسبوع، واللجوء إلى مصادر بديلة للبروتين مثل الدواجن والأسماك والنبات. وقد اعتبر توت الأساي واحداً من المصادر الغنية بالبروتينات النباتية والفيتامينات والمعادن كالحديد والكالسيوم.