بقلم فيجايالاكشمي سريدار
يرى أمين الطرزي أن البنوك تطورت كثيرًا في العقود القليلة الماضية من أجل مواكبة التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المختلفة. وقد عرّضها ذلك للعديد من المخاطر والأزمات. تقترح أبحاث الطرزي التي نال عنها (جائزة الكويت) في مجال العلوم الاقتصادية والاجتماعية لعام 2020 التي تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس)، طرقًا لمتابعة النظام المصرفي لجعله أكثر استقرارًا وأقدر على مقاومة مثل هذه المخاطر والأزمات.
وتطرح أبحاثه حلولًا لتصميم نظام يحمي البنوك من الفشل حتى لا تؤدي العواقب السلبية إلى انهيارها. ولا شك في أن رسم خطة تطبيق احترازية ومجدية ليس بالمهمة السهلة التي يمكن تطبيقها بخطوة واحدة.
يقول الطرزي موضحًا فلسفة تنفيذ نتائجه البحثية إن “البنوك مترابطة على الصعيد العالمي على الرغم من اختلاف نماذج أعمالها. من المهم التركيز على ترتيبات الحوكمة الداخلية والبيئة المؤسسية الموجودة في كل دولة للخروج بحلول توائم كل سياق”. في الواقع، يتمثل أحد حلوله لإدارة الأزمات في تكييف قواعد الصيرفة والتمويل الإسلامي على مستوى العالم، ولكن فقط بعد تخصيصها مراعاة للإطار الفردي لكل بنك والأحداث التي أثرت على نموه.وتكتسب أبحاثه أهمية متزايدة فيما تكافح بلدان العالم جراء تدهور اقتصاداتها بسبب جائحة كوفيد 19 المستمرة.
يقول الطرزي: “هذا هو الوقت المناسب [لكي] تدرك السلطات المعنية والمشرفون نقاط الضعف وتوقف مسبباتها. نحن بحاجة إلى إيجاد الطريقة المثلى لتحصين قواعد النظام”.
انخرط الطرزي في العمل المصرفي عندما بدأ بإعداد أطروحة الدكتوراه في فرنسا بعد حصوله على درجة الماجستير في المال والمصارف والتمويل من جامعة برمنغهام University of Birmingham بالمملكة المتحدة. وعلى الرغم من أنه كان الطالب الوحيد المختص في الاقتصاد الذي اختار بحثًا متخصصًا في الأعمال المصرفية، فقد شجعه المشرف عليه على المتابعة في مجال اهتماماته. لقد قاده اختياره الغريزي إلى مكان يمنحه إحساسًا كبيرًا بالإنجاز عندما ينظر إليه اليوم. بعد فترة تعلم استكشافية وبعد إكمال بحثه بنجاح، حانت اللحظة الحاسمة لاتخاذ القرار. كان على الطرزي الاختيار بين عرض للعمل في بنك دولي أو في جامعة مرموقة. وفي النهاية، اختار الوسط الأكاديمي.
عن ذلك يقول مازحا: “لم أندم قط”. يتنقل الطرزي الآن بين عمله كأستاذ للاقتصاد والتمويل ومدير مختبر التحليل الاقتصادي والعقود الآجلة (يُعرف اختصارًا بمصطلح LAPE) ورئيس برامج الماجستير والدكتوراه في الأعمال المصرفية والتمويل في جامعة ليموج Université de Limoges بفرنسا. كما يسافر عبر أرجاء العالم لتشارك أبحاثه وتبادل وجهات النظر وتلقي التعليقات من الأكاديميين، ويحضر كذلك المؤتمرات والاجتماعات ويتعاون مع زملائه الأساتذة الذين يشاركون في أبحاث مماثلة أو ذات صلة بالمجال المصرفي.
إضافة إلى ذلك، يكتب الطرزي مقالات ثرية بالمعلومات الحيوية حول عمله في مجلات مختلفة، بما في ذلك The Journal of Financial Economics و Review of Finance و Journal of Financial Intermediation و Journal of Corporate Finance و Journal of Banking and Finance و Journal of International Money and Finance.
تميزت أبحاث الطرزي بنجاحها في تحديد التأثيرات وتحقيق العديد من الاكتشافات المهمة. وتأثر عمله بفعل تفاعلاته كمستشار للأبحاث وعضو في اللجنة العلمية لهيئة الإشراف الاحترازية الفرنسية (تُعرف اختصارًا بالهيئة ACPR)، ولا سيما أدواره كمنسق عالمي للمفوضية الأوروبية مع العديد من الجامعات وشركاء الأبحاث في أوروبا وآسيا، الأمر الذي جعله أقرب إلى أهدافه البحثية. على الرغم من كونه حالمًا، يعود الطرزي دائمًا إلى أرض الواقع. وهو عندما كان شابًا، آمن بأن العلم مصدر قوة للبشرية، لكن تجربته الخاصة علمته أن التمويل مهم بالقدر نفسه لمواكبة زخم الحياة.
عبر الطرزي عن دهشته وسروره لدى اختياره لنيل جائزة الكويت المرموقة. وقال إنه سعيد لأنه حظي باعتراف مثل هذه المؤسسة الملتزمة التي تضطلع بدور رائد في تمويل الأبحاث والاعتراف بأهميتها للمجتمع. لقد منحته بالتأكيد الحافز اللازم للمضي قدمًا. يقول الطرزي إن “المعرفة ثروة. وهي التي تبني الجسر الذي سيصل بين الحاضر والمستقبل”.