From Mechanical Engineering to a Doctorate in Marketing

اعتاد عبد الله سلطان على أن يسأله الآخرون كيف أنتقل من أن يكون مهندسًا ميكانيكيًا إلى الحصول على درجة الدكتوراه في التسويق. في بداية تعليمه، درس سلطان بالفعل وحصل على منح دراسية في كلا المجالين. ولكن بعد إتمامه درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة ميزوري-كولومبيا University of Missouri-Columbia، شعر بالحاجة إلى التغيير.

قال سلطان: ”في البداية، لم أكن كمهندس أعرف أي شيء عن التسويق، حقًا… كل ما هنالك هو أنني قرأت كتابًا عن العناصر الأربعة: المنتج والسعر والمكان والترويج“. إلا أن حماسته وإمكاناته مكنته من الانتساب إلى برنامج الدكتوراه. حاليًا، وبعد مرور عشرين عاماً، حصل سلطان على أكثر من درجة الدكتوراه؛ وفي عام 2022 حاز على جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب، من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، في مجال العلوم الإدارية والاقتصادية، تقديرًا لسجله المتميز في الأبحاث العلمية المنشورة.‎

قال سلطان: ”أنا أحب التسويق، لأنك تتعامل مع أشخاص، أنت لا تتعامل مع عملاء فقط؛ هناك مشاعر وراء هؤلاء الأشخاص. وكمهندس ميكانيكي، أعرف كيف تُنتج المنتجات. لكن كخبير تسويق، أحتاج إلى معرفة كيف أتحدث مع الناس بصفتهم مستهلكين والتعرف على مشكلاتهم الحياتية لإيجاد الحلول المناسبة لهم، لذلك هناك تداخل كبير جدًا بين الهندسة والتسويق“.
لقد قادته أبحاثه في مجال التسويق إلى بعض المسارات الرائعة، ومنها على سبيل المثال، الظاهرة النفسية للحنين إلى الماضي، وكيف تؤثر في سلوك المستهلك. قال سلطان: ”إن تذكر الماضي يمكن أن يحتوي على ما هو حلو وما هو مر. عندما عشت ذاك الماضي، عندما كنت صغيرًا، ربما كان الوضع الذي عشته حزينًا بالفعل. لكن عندما أتذكره الآن؟ فإنني أجده سعيدًا“. وللذكريات الحلوة والمرة هذه آثار قوية بالنسبة إلى التسويق الذي يسعى إلى استثمار مشاعر المستهلك والاستفادة منها.

ومن المفارقات أن إحدى القصص التي يروي سلطان كيف وجد فيها نفسه لأول مرة منجذبًا إلى أبحاث الحنين إلى الماضي، كانت لطيفة جدًا وعلى قدر كبير من ”الحلاوة“. في عام 2012، قررت إحدى العلامات التجارية الكويتية الشهيرة للمثلجات (الآيس كريم) تغيير عبواتها المميِّزة في محاولة لجذب الأسواق العالمية. ولكن المستهلكين الكويتيين ربطتهم على مر الزمن علاقة عاطفية عميقة بالشخصيات الموجودة على تلك العبوات، فكان لاختفائها تأثير كبير في النتائج المالية للشركة يتجاوز بكثير ما توقعته.

قال سلطان: ”بدأت بجمع البيانات ورصدت الكثير من الغضب في السوق من قرارهم هذا. وانخفضت مبيعاتهم، ودخل الكثير من المنافسين إلى السوق، وتحول الناس إلى منافسيهم“. وعرض سلطان ما جمعه من بيانات على مديري العلامات التجارية، ليجادل بأنه يمكنهم على الأقل إعادة هذه الشخصيات المحبوبة إلى السوق الكويتي. وفي نهاية المطاف، أعادت الشركة استخدام التغليف الكلاسيكي في مناسبات خاصة بعد عدة سنوات.

وعلى مدى العقد الماضي أو أكثر، كان سلطان يتابع بعناية تطور سيكولوجية المستهلك لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي – وهو الاستخدام الذي يمكن أن يتحول إلى إدمان صريح. وقد اختبر سلطان هذا الأمر بشكل مباشر عندما حمّل هو وزوجته تطبيق واتساب لأول مرة، على أمل أن يجعلهما يشعران بأنهما أكثر ارتباطًا بالحياة الاجتماعية الكويتية. قال سلطان: ”تحولنا من عدم استخدام الواتساب إلى استخدامه كل خمس دقائق“. وبدأ ذلك يؤثر في حياتهما.
قال سلطان: ”في علم النفس الإكلينيكي، يُعرَّف الإدمان على نحو مختلف؛ مثل تعاطي المخدرات، أو تدخين السجائر. لم يسبق تعريف الإدمان على الإلكترونيات في الأدبيات البحثية“. ومن ثم، عندما اقترح لأول مرة إجراء بحث حول تطبيق واتساب على أعضاء لجنته في جامعة ولاية واشنطن Washington State University، لم يكونوا في الواقع قد سمعوا مطلقًا عن التطبيق الذي تجاوز انتشاره في الكويت استخدامه في الولايات المتحدة بأكثر بكثير.
قال سلطان: ”نشرت البحث بمفردي. لقد استغرق الأمر بضع سنوات حتى اقتنع باحثين آخرين بالاستشهاد بهذا البحث. ولكن الآن، يُستشهد كثيرًا بهذا البحث، وهذا يجعله عملاً أساسيًا في مجال الإدمان على واتساب“.

منذ ذلك الحين، تطورت أبحاث سلطان حول وسائل التواصل الاجتماعي، منذ أيامه الأولى مع تطبيق واتساب (على سبيل المثال، ورقته البحثية التي نُشرت عام 2014 بعنوان ”الإدمان على تطبيقات المراسلة النصية على الهاتف المحمول ليس شيئًا يثير الضحك“) للتركيز على سلوكيات المستهلك في عدد لا يحصى من القنوات الأخرى (مثل ورقته البحثية الصادرة عام 2022 بعنوان ”تفاعل المستخدم والكشف عن الذات على سنابتشات وإنستاغرام: التأثيرات الوسيطة لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي والخوف من تفويت أي شيء“). يوفر عالم تطبيقات الوسائط الاجتماعية قدرًا لا بأس به من البيانات خاصة من الشباب الذين صارت مثل هذه التطبيقات ضرورية بالنسبة إليهم لتكوين اتصالات شخصية في العصر الرقمي، وغالبًا ما يشعرون بأنهم ملزمون بتعزيز تواجدهم عبر الإنترنت.

قال سلطان: ”هناك بعض الأشياء التي لا ترغب في الإفصاح عنها للآخرين، لكنك تكشف كل شيء عن حياتك على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا أمر مقلق تمامًا، خاصة إذا بدأ الشباب يفعلون ذلك… لأنهم ربما لا يفكرون في العواقب المستقبلية لما يفعلونه“. وبقدر ما صار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وركيزة أساسية لاستراتيجية التسويق لكل علامة تجارية، يشعر سلطان أن المسوِّقين بحاجة أيضًا إلى توخي الحذر.

قال سلطان: ”أعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق مهمة جدًا للمسوِّقين. ولكن، ربما، بصفتي مسوِّقًا، أحتاج أيضًا إلى التفكير في رفاه العملاء… منصات التواصل الاجتماعي هذه، أو الطريقة التي أستخدم بها وسائل التواصل الاجتماعي وأؤثر في عملائي، هل سيكون لها تأثير كارثي عليهم؟ أم أنها ستكون مفيدة لحياتهم؟ أفضّل أن أكون مفيدًا بدلاً من أن أتسبب بتاثير كارثي. لأنني كمسوِّق، أحتاج إلى بناء علاقة طويلة الأمد مع عملائي“.

سلطان هو الآن أستاذ في مجال التسويق في جامعة الكويت، ويشعر بالامتنان الكبير لعائلته وأصدقائه لوقوفهم بجانبه خلال مسيرته الأكاديمية، ولكل من ساهم في دعمه وصولا إلى حصوله على جائزة جابر الأحمد. وقال سلطان: ”كرمني الشيخ جابر الأحمد، تغمده الله برحمته، على إنجازي المتميز عندما تخرجت في الهندسة الميكانيكية بمرتبة الشرف عام 2000. والآن يشرفني مرة أخرى أن أتسلم جائزته“.

By Jonathan Feakins

Exit mobile version