رعاية النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات
النساء ما زلن يواجهن عقبات في سعيهن إلى التخصص في مهن علمية وهندسية، لكن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تواجهة التحدي لتحقيق تكافؤ الفرص
بينما تمثل النساء في الكويت %70 من الطلبة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فإن القليل منهن يعملن في هذه المجالات ويتابعن التطور فيها. فأقل من %20 من المناصب القيادية في القطاع الحكومي تشغلها نساء، وتنخفض هذه النسبة إلى أقل من %15 في القطاع الخاص.
تلتزم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بمساعدة الحكومة على إنجاز خطة التنمية الوطنية للكويت التي تشمل المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، من خلال تشجيع النساء على الانخراط في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (اختصاراً: المجالات STEM)
وبالتعاون مع الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب National Academies of Sciences, Engineering and Medicine (اختصاراً: أكاديميات NASEM) في مدينة واشنطن، نظمت المؤسسة ورشتي عمل لتحديد الممارسات القائمة على الأدلة والموارد التي يمكن بفضلها تحسين دمج المرأة في تعليم المجالات STEM والعمل في المهن المتصلة بها. عُقدت أولى ورشتي العمل في أكتوبر 2019 في مدينة واشنطن، وأُجلت ورشة عمل المتابعة التي كان من المقرر عقدها في الكويت في مارس بسبب جائحة كوفيد19، وستعقد افتراضيا في أكتوبر 2020.
شارك في ورشة العمل الأولى أكثر من 30 من القادة من الأوساط الأكاديمية والحكومية وقطاع الأعمال من الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية، وعقدت في قاعة ألبرت آينشتاين التذكارية في أكاديميات NASEM. وعلى مدار ثلاث جلسات، تبادل المشاركون الخبرات حول الاستراتيجيات والبرامج الناجحة في الولايات المتحدة والكويت لدعم النساء على اتباع مسار مهني في المجالات STEM وزيادة فرصهن في ذلك.
وقالت ماريا تشارلز Maria Charles، أستاذة علم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا University of California وعضو لجنة تنظيم ورشة العمل: “كانت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي سباقة في تنظيم فعاليات دولية تستكشف القضايا المتعلقة بانخراط النساء في المجالات STEM”. وأضافت قائلة: ” أثمن عالياً فرصة مقارنة تجارب العالمات والمهندسات في الولايات المتحدة والعالم العربي. كفاحاتنا متشابهة ومختلفة في الوقت نفسه، وكذلك مُخرجات التعليم وسوق العمل لدينا”.
وقالت نجوى البدري، مديرة مركز التميُّز للخلايا الجذعية والطب التجديدي Stem Cells and Regenerative Medicine في مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمصر: “لقاء كل هؤلاء النساء الملهمات كان رائعاً”. وأضافت إن الورشة كانت فرصة لإطلاع أقرانها بشكل أفضل على وضع المرأة العربية في المجالات STEM. وقالت: “لدى الأشخاص في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم العديد من المفاهيم الخاطئة عنا”.
في الكويت، بُذلت جهود متضافرة للاستثمار في برامج تمكين المرأة ومساعدتها على تطوير المهارات اللازمة لبناء مسار مهني ناجح. وقالت أماني بوقماز ، الأستاذة المساعدة في كلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت، إن هناك تحديات تواجه المرأة العربية بشكل عام.
شاركت بوقماز تجربتها في ورشة العمل باعتبارها مديرة ومستشارة أكاديمية لبرنامج الفتيات المهندسات في الكويت على مدار السنوات الثلاث الماضية. وقالت بوقماز: “كان أحد الأهداف الرئيسية لهذا البرنامج هو إحداث حالة أخوية للمشاركات اللواتي يدعمن ويساعدن بعضهن بعضاً في التصدي للتحديات التي يواجهنها في حياتهن المهنية والشخصية. … هذه الحالة الأخوية كانت مفقودة في الثقافة الكويتية”.
وذكرت أن بعض النساء يخترن اتباع مسار مهني بعيداً عن المجالات STEM ويتولين وظائف أخرى لأداء الأدوار التي يمليها المجتمع. حتى وإن حققت المرأة بداية ناجحة في وقت مبكر من حياتها المهنية، فإنها غالباً ما تواجه صراعاً شاقاً لخوض المنافسة مع زملائها الرجال أو لتحظى بفرصة للترقية. ويترك العديد من النساء المتخرِّجات في هذه التخصصات مجالاتهن في وقت مبكر. ورأت بوقماز أن الضغوط الاجتماعية قد تكون عاملاً دافعاً وراء مثل هذا القرار.
وقالت سابنا شيريان Sapna Cheryan، أستاذة علم النفس في جامعة واشنطن Washington University، والرئيسة المشاركة للجنة ورشة العمل في واشنطن: “أعتقد أن إحدى الطرائق العامة لإجراء التغيير يمكن أن تتمثل في جمع البيانات، النوعية والكمية على حد سواء، لمعرفة ما إذا كانت هناك نقاط زمنية معينة يجب التركيز عليها بشكل عاجل لتقليص الفجوات، مثل التقدم للمناصب أو الترقيات”.
يُسجل انخفاض حاد لافت للنظر في عدد الطالبات في المجالات STEM وأولئك اللائي يعملن في هذه المجالات. وهناك عدة عوامل وراء هذا التفاوت، بما في ذلك التوقعات الثقافية والاجتماعية والشعور بعدم ’القدرة على الاندماج’ في مجالات يهيمن عليها الذكور. وألقت البدري باللوم أيضاً على الصورة المشوهة التي غالباً ما تسبغها وسائل الإعلام على العالمات. وقالت: ” إن تصويرهن على أنهن غريبات الأطوار ومعزولات وبعيدات عما حولهن قد يثبط رغبة الشابات في أن يكن جزءاً من هذا المجتمع” العلمي.
أجرت منيرة العجلان، مدرِّسة اللغة الإنجليزية كلغة ثانيةESL Instructor في كلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت، دراسة تحدت الصور النمطية للمرأة في المجالات STEM. وقالت العجلان: “بنت طالبات الهندسة اللاتي شاركن في بحثي هويات متعارضة تماماً مع الخطاب السائد أثبتن من خلالها استعدادهن للعمل كمهندسات”.
واتفقت البدري وبوقماز على أن دعم الأسرة هو الأساس لكي تحقق النساء النجاح في المجالات STEM في الدول العربية. وقالت البدري: “يُتوقع من النساء أداء معظم الأعمال المنزلية وتحمل مسؤولية رعاية الأطفال. وهذا يترك لهن ساعات أقل يخصصنها للعمل المهني مقارنة بزملائهن الرجال”. وأضافت إنه يمكن تكييف مكان العمل ليصير أكثر ملاءمة لاحتياجات النساء للتغلب على هذا التحيز الذكوري.
وقالت العجلان: “أعرف العديد من المؤسسات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة التي توفر رعاية نهارية لأطفال الموظفات. يمكن للنساء العمل بسهولة ولساعات أطول إذا علمن أن أطفالهن ليسوا بعيدين جداً عنهن”.
وقالت بوقماز إنها تلمس تغيُّراً ثقافياً في الكويت، مع توفير مزيد من الأسر الدعم للبنات والزوجات لمتابعة مسارهن المهني في المجالات STEM وتشجيعهن على عدم الاستسلام.
وأضافت العجلان: “نظراً لأن هذه القضية ما زالت ثقافية ويمكنني أن أقول إنها تتأثر بالنوع الاجتماعي، فمن الواضح أن العديد من النساء يتركن مسارهن المهني في المجالات STEM لأنهن لا يلمسن أي تقدم أو دافع أو يتعرضن ببساطة لضغوط”.
والنصيحة العامة التي تقدمها شيريان للطالبات هي: “ابحثن عن النساء اللواتي يعملن في المهنة التي تعتقدن أنها ستكون مثالية بالنسبة لكن يوماً ما، وتحدثن معهن حول مساراتهن الأكاديمية والوظيفية”.
سيساعدهن هذا على معرفة الكيفية التي يمكن من خلالها الوصول إلى حيث يأملن أن يكنَّ يوماً ما. ولا شك أن ورش العمل مثل الورشة التي نظمتها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي توفر فرصة فريدة لهذا النوع من التفاعل الذي لا يُقدر بثمن.