في حديث صريح وشامل مع مجلة أكد وزير الصحة الأسبق واستشاري جراحة السمنة والأورام الدكتور محمد الجار الله أهمية إجراء عمليات السمنة من خلال مراعاة الأسس العلمية لاختيار المريض المناسب والعملية الملائمة والتدريب الكامل للجراح لإتمام الإتقان والحد من المضاعفات، فضلا عن توفر الأجهزة الحديثة وغرف العمليات المناسبة.
وقال الدكتور الجار الله إن عمليات السمنة آمنة وفق المنظورين الطبي والعلمي، وهي تعالج مرض السمنة العضال أو السهل الممتنع، وتحدث تغييرا جذريا في حياة الشخص من حيث اللياقة البدنية وتجنب الضيق والاكتئاب الملازم للسمنة، ناهيك عن المضاعفات الصحية الخطرة.
وأضاف إن إجراء عملية السمنة في الكويت وقدرة المواطن على تحمل تكاليفها أسهما في إقبال الكثيرين عليها، إضافة إلى نتائجها الباهرة، مبينا أن معدل عمليات التكميم ربما يبلغ 500 عملية شهريا في الكويت، وهو رقم قياسي عالمي نسبة إلى عدد الكويتيين.
وهذا نص اللقاء:
شهدت عمليات الجراحة المعنية بالسمنة انتشارا كبيرا في الكويت خلال السنوات القليلة الماضية، ما السبب في ذلك، وما نسبتها مقارنة بدول العالم؟
تعد الكويت من الدول التي تشهد انتشارا كبيرا للسمنة عاما بعد آخر، وبما يشمل جميع الأعمار، كما تعد من أولى الدول عالميا في عمليات الاستئصال الطولي نسبة إلى عدد الكويتيين. وعملية السمنة آمنة وفق المنظورين الطبي والعلمي، وهي تعالج مرض السمنة العضال أو السهل الممتنع، وتحدث تغييرا جذريا في حياة الشخص من حيث اللياقة البدنية وتجنب الضيق والاكتئاب الملازم للسمنة، ناهيك عن المضاعفات الصحية الخطرة. إن إجراء عمليات السمنة في الكويت وقدرة المواطن على تحمل تكاليفها أسهما في إقبال الكثيرين عليها، إضافة إلى نتائجها الباهرة. وقد يبلغ معدل عمليات التكميم نحو 500 عملية شهريا في الكويت، وهو رقم قياسي عالمي نسبة إلى عدد الكويتيين. والعملية علاج ناجح لكن يجب أن تكون من خلال مراعاة الأسس العلمية لاختيار المريض المناسب والعملية الملائمة والتدريب الكامل للجراح لإتمام الإتقان والحد من المضاعفات إلى أقل نسبة، فضلا عن توفر الأجهزة الحديثة وغرف العمليات المناسبة.
ما هي أنواع الجراحة الخاصة بالسمنة، وما أهم الفوارق بينها؟
هناك خمسة أنواع لجراحات السمنة: أولها عملية (بالونة المعدة) وهي ليست عملية تدخلية كبيرة، بل تتمثل في كبسولة تبلع فتصبح كالبالون في المعدة، ثم تذوب بعد أربعة أشهر، وينصح بها من لديهم زيادة في الوزن تتراوح بين 10 و15 كيلوغراما. أما العملية الثانية فهي (حلقة المعدة) وهي تجرى لمن لديهم زيادة في الوزن تتراوح بين 20 و25 كيلوغراما (يتراوح مؤشر الكتلة لديهم بين 30-35)، وهي من العمليات التي قل استخدامها حديثا. والعملية الثالثة هي (التكميم)، وتعد الأكثر شهرة وتجرى لمن يزيد مؤشر الكتلة لديهم على 35 مع مرض مصاحب للسمنة، وهي من أكثر العمليات شيوعاً في العالم، وتتضمن تدبيس المعدة (أي تصغيرها) على أن يترك منها نحو 100 مل مكعب على شكل موزة. أما النوع الرابع فهو (عملية تحويل المسار المصغر ذات التوصيلة الواحدة) التي يتم فيها عمل جيب؛ أي معدة صغيرة متصلة بالمريء، ثم نوصل الأمعاء لها، وبذلك تكون كمية الأكل الداخلة إلى الجسم قليلة جدا، ويقل الامتصاص. والنوع الخامس هو (عملية تحويل المسار التقليدية). وهناك أيضا عمليات تقليل الامتصاص بواسطة تغيير مسار عصار المرارة والبنكرياس. وهي عمليات معروفة لكن إجراءها في الكويت قليل بسبب آثارها الجانبية الكثيرة. وفي جميع العمليات هناك تغيرات في هرمونات الجهاز الهضمي تساعد على انخفاض الوزن.
ما الحالات التي تنصحون بها مريض السمنة بإجراء الجراحة المناسبة؟
كقاعدة عامة، تجرى العملية لمن لديه مؤشر كتلة يبلغ 40 فأكثر، أو 35 فأكثر مع وجود مرض مصاحب للسمنة كالضغط أو السكري أوالديسك. وهناك دراسات أشارت إلى إمكانية إجراء عملية التخطي لأصحاب الأوزان الأقل من ذلك، مثل من يعاني من السكري وليس لديه سمنة مفرطة (أي المؤشر أقل من 35)، وأثبتت شفاء هؤلاء من السكري بدرجة كبيرة. وهناك دراسة أخرى خلصت إلى النتائج نفسها من عملية التكميم لأوزان أقل. أما عملية حلقة المعدة، فقد بدأت بعض المراكز بإجرائها لمن يبلغ مؤشر الكتلة لديهم أقل من 35. وهناك عوامل عدة يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل إجراء العملية مثل ضعف الغدة الدرقية، ووجود تكيسات المبايض، وصعوبة إنزال الوزن أثناء الحميات السابقة، وسن المريض، ووجود ارتجاع في المريء. وكل هذه الأمور تحدد العملية المناسبة للمريض.
يخشى بعض المرضى إجراء عملية التكميم، فما أخطارها وسلبياتها؟
كأي عملية جراحية هناك نسبة من المضاعفات لكنها متدنية، مثل التخدير ومضاعفاته، والنزيف أو التسريب في الأيام الأولى من العملية، وهي أمور تحل بالمنظار دون حاجة إلى جراحة كبيرة. أما على المديين المتوسط والبعيد فقد يحدث ارتجاع للأحماض في المريء وحموضة متكررة، أو ضيق بالمعدة وغثيان وقيء، أو سقوط مؤقت للشعر، أو حدوث جلطة في الرجل أو الصدر، أو تكوُّن حصوات في المرارة، إضافة إلى سوء التغذية. وفي المجمل فهي قليلة الحدوث ويمكن علاجها.
لكن هل يمكن القول إن هذه العمليات آمنة تماما؟
بصورة عامة فإن هذه العمليات آمنة، وضرورية في آن واحد؛ فقد أظهرت دراسات طبية دقيقة في أوروبا شملت نحو 22 ألف مريض أن العلاج الجراحي كان أكثر فعالية بعشرين ضعفا في خفض أمراض السمنة ومضاعفاتها من الحمية، وذلك من خلال تحسن أو شفاء أمراض السكري والضغط والقلب والمفاصل والتهاب الجلد والجهاز الهضمي، فضلا عن زيادة الخصوبة لدى النساء، والتحسن الكبير في التنفس وانخفاض الكولسترول ومعدلات الإصابة بالسرطان. إن أخطار عمليات السمنة مماثلة لأكثر عمليات جراحة المنظار شيوعا، مثل المرارة، وأثبتت الدراسات أن الجراحة تؤدي إلى انخفاض معدل الوفيات بنسبة 89%. وأود أن أنبه إلى واقع نراه حاليا، وهو أن طرح هذه الأخطار والمضاعفات بشكل جزئي أو أحادي في معظم وسائل الإعلام لا يعكس الحقيقة الكاملة، بل يساهم في نشر حالة من الضبابية وانعدام الرؤية والتشويش على المريض وأسرته.
ما النصائح المقدمة لمن يجري إحدى جراحات السمنة بعد العملية من حيث الغذاء والرياضة والدواء والحمية؟
من الأهمية بمكان أن يلتزم المريض بعد إجراء هذه العمليات بإرشادات الطبيب، لاسيما ما يتعلق بطريقة التغذية وتناول الدواء والمكملات الغذائية، وهي إرشادات لا تتعلق بالشهر الأول بعد العملية بل تمتد حتى عدة أشهر أو سنوات. وهنا يجب أن يكون لدى المريض وعي صحي بما يجب تناوله وبما يتعين الامتناع عنه. أما الرياضة فهي عامل مساعد جدا على تحسين الصحة في كل الأحوال، ويشمل ذلك من أجريت لهم عمليات السمنة بطبيعة الحال.