د. فرحان الحمد
شهدت دولة الكويت في السنوات العشر الأخيرة ازديادا كبيرا في العمليات الهادفة إلى معالجة السمنة المفرطة عند الرجال والنساء، سواء من خلال حلقات المعدة أو تكميمها أو تحويل المسار. وتطورت هذه العمليات مع المستجدات الجراحية الحاصلة في هذا المجال، واستخدام الأجهزة الحديثة التي تساعد الجراحين على إجراء العمليات بسهولة ويسر، وتسهم أيضا في سرعة شفاء المرضى وخروجهم من المستشفيات، والحد من الأخطار الجانبية المصاحبة.
ومن المعروف طبيا أن زيادة الوزن والسمنة المفرطة من أكثر الأخطار التي يواجهها المجتمع في الوقت الحاضر، ولها آثار سلبية كثيرة على صحة الفرد، ومن ثم ينعكس ذلك على المجتمع بصورة عامة لأن خسارة أي فرد من أفراد المجتمع، أو حدوث أمراض مزمنة له تعني خسارة المجتمع عنصرا فاعلا ومنتجا.
وتظهر الدراسات الطبية أن للسمنة المفرطة تداعيات خطيرة على صحة الإنسان، فأمراض القلب والضغط والسكري والجهاز التنفسي واسترجاع المريء وآلام المفاصل، وحتى العقم والاكتئاب، تعد من أهم الأسباب الناتجة من السمنة المفرطة.
وعندما يجد المرء نفسه في دائرة المعاناة الدائمة بسبب السمنة المفرطة، ويبدأ بإدراك أخطارها الكثيرة، يسعى إلى اللجوء إلى الحلول المناسبة، واتباع النصائح التي يسديها له أشخاص كثيرون، فيبدأ عادة بأسهل الحلول وأيسرها وهو اتباع حمية خاصة تتعدد وفق النصائح التي يسديها له الأهل والأصدقاء أو المتخصصون، ثم يلجأ إلى ممارسة الرياضة، وقد يمارس الأمرين معا.
وما من شك في أن الحمية السليمة والتغذية الملائمة وممارسة الرياضة بصورة دائمة تعد أفضل الطرق للمحافظة على صحة الإنسان والتخلص من السمنة المفرطة وإنقاص الوزن، لكن قد يفشل الإنسان في تحقيق ذلك لأسباب عدة، عندها يجب التفكير في إجراء عمليات إنقاص الوزن بأنواعها المختلفة، مثل حلقة المعدة وتحويل المسار، وأحدثها تكميم المعدة.
تكميم المعدة
أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن عمليات تكميم المعدة تعد الأنجح والأفضل في معالجة السمنة المفرطة على المدى الطويل، لاسيما أن 80 % من الأشخاص الذين ينقصون أوزانهم عن طريق الحمية فقط يعود إليهم الوزن الزائد بعد سنتين على الأكثر.
وتعد عملية تكميم المعدة أقل العمليات من حيث المضاعفات عند مقارنتها بالوسائل الأخرى مثل حلقة المعدة أو تحويل المسار؛ ففي عملية التكميم يتم إزالة ما بين 85 – %90 من المعدة، فتصبح غير قادرة على استيعاب سوى كمية قليلة من الطعام، كما أن إفراز هرمون الغريلين (الهرمون المسؤول عن الإحساس بالجوع) ينخفض بصورة واضحة بعد عملية التكميم.
تجرى عملية التكميم بالمنظار الجراحي بعد إجراء التحاليل والأشعة اللازمة، ويتم إزالة الجزء الأكبر من المعدة باستخدام الدباسة الجراحية وفق تقنيات عالمية تعد الأكثر أماناً في الوقت الحاضر. وبعد العملية يتناول المريض السوائل فقط مدة أسبوعين، ثم يستطيع أن يأكل أطعمة غنية بالبروتينات وقليلة السعرات الحرارية لكن بكميات قليلة، ويجب أن يتناول المريض الفيتامينات والمعادن التي يصفها له الطبيب لتعويض النقص الذي يحدث نتيجة قلة الغذاء.
إجراءات بعد العملية
بعد جراحة تكميم المعدة، يبدأ المريض بنظام غذائي معين يتمثل بداية بسوائل غير مكربنة خالية من السكر في الأيام السبعة الأولى، ثم يتطور إلى طعام مهروس مدة ثلاثة أسابيع، ثم إلى تناوُل طعام عادي في نهاية المطاف بعد نحو أربعة أسابيع من الجراحة. ومع هذا النظام الغذائي الدقيق يصف الطبيب متعدد فيتامينات مرتين يوميًا، وأحد المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم مرة يوميًا، مع تلقي جرعة حقن بفيتامين B-12 مرة شهريًا مدى الحياة.
ولا يتوقف الأمر عند هذه الإجراءات، بل يجب على المريض أن يخضع لفحوص طبية متكررة لمراقبة حالته الصحية في الأشهر الأولى بعد جراحة فقدان الوزن، وربما يتضمن ذلك إجراء فحوص مختبرية وفحصا للدم وفحوصا أخرى متعددة. وربما يطرأ على المريض تغيرات مع تفاعل جسده مع فقدان الوزن السريع في الأشهر الثلاثة إلى الستة الأولى بعد جراحة تكميم المعدة، منها آلام في الجسم، وشعور بالتعب كما لو كان مصابًا بالأنفلونزا، وشعور بالبرودة، ووجود جلد جاف، وترقق الشعر وفقدانه، وتغيّرات في الحالة المزاجية.
ويلاحظ المريض نقصانا تدريجيا في وزنه خلال الأشهر الستة الأولى بمقدار يراوح بين 50 و%60 من وزنه الزائد. ويستمر نقصان الوزن على مدار الأشهر التالية، ويصل إلى الوزن المثالي تقريباً بعد سنتين من إجراء العملية، وذلك مع الحرص على اتباع النصائح الغذائية المناسبة وممارسة الرياضة.
ربما تتضمن عملية تكميم المعدة أخطارا ومضاعفات، بعضها آنية مثل النزيف والتسرب، والأخرى لاحقة ومنها الحموضة والتفاف المعدة ونقص الفيتامينات.
لقد نجحت عمليات السمنة في معالجة الكثير من الأمراض، ولعل الضغط والسكري وآلام المفاصل وغيرها من الأمراض قد تختفي أو تتحسن بعد إجرائها.