م.علي الضويلع
يعد مجال الخدمة الكهربائية أحد المجالات التي استفادت من التطور الكبير الذي يشهده العالم في مجال الاتصالات ونقل البيانات. فقد أضحت البنية التحتية التقليدية للخدمة الكهربائية الواسعة الانتشار قابلة للإفادة من هذا التطور، عبر تطوير إمكانات تلك البنية لتصبح قادرة على العمل بكفاءة وموثوقية وأمان أكبر. وأحد أوجه الاستفادة يتمثل في مجال تطوير أنظمة القياس ومراقبة الاستهلاك، من خلال التمكن من نقل البيانات التي تسجلها العدادات الكهربائية في المواقع المختلفة إلى مكاتب شركات خدمة الكهرباء، دون الحاجة إلى تفاعل بشري بين المستخدمين وبين الأجهزة وتلك العدادات.
ويعد النظام الآلي لقراءة العدادات (AMR: Automatic Meter Reading System) أحد الأنظمة التي تشكل جزءاً من منظومة أكبر تسعى إلى تحويل الشبكة الكهربائية التقليدية إلى شبكة ذكية تتفاعل بالاتجاهين –المنتج والمستهلك- بحيث تخدم المستهلك والمنتج للكهرباء في الوقت نفسه.
ماهية النظام
النظام الآلي لقراءة العدادات يتكون من عدة أمور هي: العدادات الذكية وأجهزة جمع البيانات والخادم الرئيسي، وترتبط جميعها بشبكة اتصال مناسبة مثل الألياف البصرية أو شبكة الاتصالات اللاسلكية أو الأقمار الصنعية. وينتهي النظام بواجهة المستخدم التي من خلالها تظهر جميع البيانات التي تجمعها العدادات من المواقع. ويمكن ربط هذه البيانات بأنظمة “الفوترة” التي تصدر من خلالها قيم الاستهلاك الواجب على المشترك سدادها مقابل توفير الخدمة الكهربائية.
ويستهدف النظام زيادة موثوقية واعتمادية ودقة الحصول على كميات الاستهلاك التي يسجلها عداد الكهرباء في الموقع، وتقليل الجهود الكبيرة التي يبذلها في فترات متباعدة فريق القراء الذي يجمع بيانات العدادات. والعدادات الذكية ذات إمكانات أفضل من نظيرتها الميكانيكية، من حيث قدرتها على التسجيل بشكل دقيق لجميع عناصر الطاقة الكهربائية (من قدرة وجهد وتيار ومعامل قدرة) وخلال فترات متعددة وبتعرفات مختلفة.
مكونات نظام عدادات آلي نموذجي
أولا: العداد الذكي:
العداد المستخدم في مثل هذه الأنظمة يمتلك إمكانات هائلة ويحتاج إلى صيانة ومعايرة أقل من العداد الميكانيكي المعتاد، إضافة إلى تعدد وسائل الاتصال به عبر شبكات الاتصال التسلسلي أو شبكات الاتصال بالألياف البصرية، ويمكنه الاحتفاظ ببيانات الأحمال الكهربائية لفترة طويلة جداً، وتخزينها في ذاكرة قابلة للاستعادة عندما يتلف فيها العداد في حالات نادرة.
ثانياً: أجهزة جمع البيانات
تؤدي هذه الأجهزة دور الوسيط بين الخادم الرئيسي الذي يدير البيانات، وبين العدادات المركبة في الموقع. وهذا الوسيط هو جهاز لتخزين البيانات “أو تمريرها” عبر شبكة اتصالات النظام، وقد يدار بحاسوب أو خادم محلي أو عبر تطبيق مخصص لعملية نقل البيانات أو التواصل مع العداد، ويجري عبر هذا الوسيط أيضا الإعدادات والتحكم في الأحمال دون الحاجة لزيارة ذلك الموقع.
ثالثا: الخادم الرئيسي
يجري في هذا الجزء من النظام معالجة البيانات الحسابية أو تجميع بيانات المحطات المختلفة وتصنيفها وتحديد طريقة عرضها، إضافة إلى تحديد صلاحيات المستخدمين وامتيازاتهم في استخدام النظام، من حيث التعديل والإضافة أو الحذف، وإضافة عدادات جديدة وتعريفها على النظام، كما أنه المخزن الرئيسي لجميع البيانات الموجودة في العدادات في جميع المواقع.
رابعاً: شبكات الاتصال:
تعتمد شبكات الاتصال على البيئة التي يتم فيها تركيب النظام، إذ قد تستغل شبكات اتصال الألياف البصرية الموجودة في محطات نقل الطاقة، إضافة إلى إمكانية استغلال شبكات الاتصال المحمولة لنقل البيانات الى جهاز جمع بيانات محلي قريب يقوم بدوره بنقلها إلى الخادم الرئيسي بنفس الكيفية. وتوجد حلول اتصالات قد تستخدم في حالات نادرة وذلك عبر الأقمار الصنعية، خصوصاً في الأمكنة البعيدة عن المدن.
طريقة عمل المنظومة
يجري التخاطب عبر أجزاء النظام من خلال وسوم محددة ومبرمجة بشكل متطابق بين أجزائه، وذلك بشكل مستمر لنقل البيانات من طبقة إلى أخرى وصولا إلى عرضها على أجهزة عرض المستخدم (GUI). وتطبق بروتوكولات متعددة يجري تطوير مواصفاتها العالمية باستمرار، بحيث تطرح الأنظمة من قبل المصنعين بطريقة تكفل راحة المستخدم والمصنع. والمواصفات المطبقة في هذا المجال تفتقر إلى القوة والترابط، وهذا أمر متوقع لأن النظام المذكور جديد ولم يجرب بشكل مستمر ولفترات طويلة، ومن ثم مجال التطوير مستمر ومفتوح للجميع. فالعداد يقرأ البيانات الكهربائية للحمل عبر لوحة إلكترونية ويسجلها في الذاكرة الرئيسية له، وذلك مع ختم زمني (time stamp) يحدد تاريخ ووقت القراءة، وبالإمكان تعديل فترة القراءة، لتصبح على رأس الساعة مثلا أو كل ربع ساعة وهكذا، ثم تنتقل القراءات عبر وسيلة الاتصال الموجودة حاليا وبين أجهزة تجميع البيانات. وهناك ملاحظات تتعلق بانتقالها، فإذا كانت تستخدم المنفذ التسلسلي – الذي يتضمن قصورا يتمثل في كونه يتسلسل بالقراءة من نقطة لأخرى في حالة وجود أكثر من عداد على نفس المنفذ التسلسلي – فقد نحصل على قراءات غير صحيحة لحمل يقاس بأكثر من عداد، فتتأخر قراءة العداد عن العداد الذي يليه، أما إذا كان لكل عداد منفذه الخاص باتجاه جهاز جمع البيانات فستكون القراءات أدق. وإذا تم جمع البيانات في جهاز جمع البيانات وطلبها المستخدم، يجري إرسالها إلى الخادم الرئيسي لتوضع بالشكل النهائي وتعرض للمستخدم.
القراءة عن بعد
يجدر بنا بسط الحديث أكثر على أهمية هذا النظام وفوائده، ومنها سهولة إطلاع المشترك على استهلاكه لحظيا، وإمكانية تطبيق نماذج مختلفة من التسعير بناء على أنماط الاستهلاك، وتخفيض التكاليف التشغيلية بإلغاء أعمال القراءة اليدوية وأجهزتها وعمليات الإدخال اليدوي وكذلك رفع الكفاءة التشغيلية للعمليات و الصيانة، وتقليل فرص الأخطاء التي قد تحدث بسبب وجود العامل البشري، وإعداد الفواتير بشكل آلي وإرسالها مباشرة إلى المستهلك، وإمكانية الحصول على بيانات للتحليل لأي فترة خلال اليوم أو الشهر أو السنة لفترة ماضية قريبة أو بعيدة، والاستثمار في بيانات المشتركين ومعرفة أنماطهم الاستهلاكية مما يساهم في تخطيط البنية التحتية الكهربائية بشكل أكثر فعالية.
أنواع العدادات ومواصفاتها
يعد العداد الذكي أهم مكونات النظام الآلي، وتحديد الغرض من استخدام العدادات لقياس حمل ما هو عنصر مهم في اختيار نوعه، ففي حالة «الفوترة» فإن العدادات يجب أن تكون على درجة عالية من الدقة، وهي مواصفة تحدد نسبة الخطأ المسموح بها في عدادات العائد (العدادات التي تستخدم في حساب الفواتير Revenue Meters). وهناك مواصفات أخرى لعدادات محددة لجمع بيانات تتعلق بجودة الطاقة الكهربائية، حيث تقيس وتخزن بيانات تتعلق بالتوافقيات (Harmonics) ومعامل القدرة والتردد وتتضمن هذه العدادات إمكانية الحصول على قراءة في جزء من الثانية، ومن ثمّ تخزين كميات هائلة من القراءة بصيغ حاسوبية مكتوبة بعناية.
العدادات والشبكات الذكية
عند الحديث عن أمكنة القياس لأنظمة العدادات الآلية يجب الحديث عن أدبيات المدن الذكية وارتباط العديد من الأجهزة بشبكات الاتصال العالمية، بعد أن أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مفهوم مذهل سيغير حياتنا على كوكب الأرض ألا وهو مفهوم إنترنت الأشياء، ومفاد هذا المفهوم هو أن كل ما حولنا من أجهزة سيكون مترابطا بشكل أو بآخر بحيث يعمل بشكل متصل بالجهاز الآخر ويحقق طلبات المستخدم بذكاء، والساعات الذكية والسبورات الذكية والهواتف الذكية ليست عنا ببعيد. لذا فإن النظام الآلي للعدادات ليس إلا جزءاً من كل، وهو رؤية وتصور عن نظام أشمل وأعم يدير حياة الناس في المدن ومنه يفيدون ويستفيدون، ويجب أن تتضافر كل الجهود التي تصب في رفاهية سكان المدن لتكامل كل الأجهزة ذات العلاقة بالشبكات الذكية.
الربط بالأنظمة الأخرى
تحتوي الأنظمة الذكية على فرص عظيمة فيما يتعلق بالارتباط بينها وإنجاز المهام بشكل متزامن، مثلا يمكن برمجة العداد الذكي ليرسل إشارة إلى قاطع كهربائي لفصل حمل عند تجاوزه حدا معيناً، أو بالإمكان ربط منظم الجهد بقراءة الجهد الكهربائي ليصحح في حالة ارتفاع الجهد وانخفاضه.