في وسط قرية ميريد السويسرية الوادعة التي تتوسط جبل سانت جورجيو، يقع (متحف المستحاثات “الأحافير”) الذي يختزن عالما نادرا من المستحاثات التي كانت تعيش في المياه التي غمرت منطقة تتشينو السويسرية القريبة من إيطاليا، والمناطق القريبة منها، قبل ما بين 180 و245 مليون عام.
والمتحف الذي أعاد بناءه وترميمه وتصميمه بروح عصرية المعماري ماريو بوتا يتضمن مزيجا فريدا لعدد من الحيوانات والنباتات النادرة التي كانت تعيش في تلك الحقبة، والتي عثر عليها عدد كبير من العلماء والباحثين السويسريين والإيطاليين الذين عملوا عقودا طويلة بدأت عام 1850 في جمع المستحاثات والتنقيب عنها وسط الجبال وبين الصخور الموجودة في تلك المنطقة.
وافتتح ذلك المتحف أبوابه للزوار من جديد في أكتوبر عام 2012 بعد عمليات الترميم والتصميم، لكنه ضم طوال العقود الماضية ذلك التراث النادر من المستحاثات المعبرة عن حيوانات ونباتات عاش بعضها في العصر الترياسي ، وجمعها أولئك الباحثون خلال عمليات مضنية بذلوا فيها جهودا جبارة لمعرفة تاريخ المنطقة والكائنات التي كانت تعيش فيها.
واعتبرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) محتويات ذلك المتحف والمستحاثات التي احتواها جبل سانت جورجيو أحد المواقع التراثية العالمية، ووضعت شعارها عليه؛ تقديرا للقيمة التاريخية لمحتوياته التي تعبر عن سجل تاريخ لعصور عاشت فيها حيوانات كبيرة انقرضت وظلت آثارها وبقاياها محفورة على الصخور.
ويتكون المتحف من أربعة أدوار يعرض في كل منها عدد من الحيوانات أو النباتات التي عثر عليها الباحثون في جبل سانت جيورجيو، ومنها أنواع من الديناصورات التي يبلغ طولها نحو 5ر2 متر، إضافة إلى بعض الصخور والحجارة التي يتركب منها الجبل، فضلا عن خرائط توضيحية للعصور التاريخية التي شهدتها المنطقة ودلالات كل عصر وبقاياه.
ويرى الزائر للمتحف عددا من أنواع الطيور الكبيرة التي كانت سائدة في تلك الحقبة، ومن الأسماك والقواقع المتنوعة الأحجام التي كانت تعيش في المياه التي غمرت جبال المنطقة ، فضلا عن أنواع غريبة من الزواحف والبرمائيات، وأنواع متنوعة من الرخام الذي يشتهر به جبل سانت جورجيو.
ويطلع الزوار على تصوير فيديوي يوضح مقتنيات المتحف وقيمتها التاريخية، وكيفية جمعها عبر العقود الماضية، وأهمية الحفاظ عليها، لتبقى سجلا للأجيال، ولترسم صورة معبرة عن الحقب التاريخية لهذا الكوكب.