بقلم: أسعد الفارس
تعد أشجار الدلب من الجنس Platanus، وهذا الجنس يشتمل على أحد عشر نوعاً من أشجار الدلب، أهمها: الدلب الشرقي P.orientalis الذي يعد واسع الانتشار في القسم الشمالي من آسيا وأوروبا، وتتوزع الأنواع الأخرى في المكسيك وماحولها من البلدان والبيئة الطبيعية. ويعود هذا الجنس من النباتات الزهرية ــ بأنواعه المختلفة ـ إلى عائلة الدلب platanaceae التي أخذت اسمه. ولعل أشهر نوع في هذه العائلة النباتية هو الدلب الشرقي، وهو أشجار يراوح ارتفاعها بين 15 و30 متراً، وأغصانها المتفرعة أو تاج الشجرة بيضوية الشكل، والساق متوسطة الارتفاع بنية مجعدة تتساقط منها القلف بشكل صفائح، والأوراق كبيرة نسبياً ومفصصة بعمق. وهو نبات زهري يزهر ما بين أبريل ومايو من كل عام. والنبات منفصل الجنس وحيد المسكن، أي إن الأزهار المذكورة والأزهار المؤنثة تكون على الشجرة ذاتها. الأزهار المؤنثة تجتمع على شكل كرات حرشفية تتدلى ويحملها عنق، والأزهار المذكرة كذلك.
قرب المياه
وبيئة الدلب الطبيعية هي ضفاف الأنهار العذبة، ومجاري المياه، والوديان الرطبة، ترافقه أشجار الحور والصفصاف، والزيزفون والدفلة، ويجود الدلب في التربة الكلسية. والدبل الشرقي من نباتات حوض البحر الأبيض المتوسط وما يجاوره منذ القدم، فالأحافير تشير إلى وجوده في المنطقة منذ ملايين السنين، خصوصاً أن طبعات أوراقه توجد في الصخور الكلسية؛ مما يدل على عمره الطويل في المنطقة. ومن صفاته أنه سريع النمو، يتحمل البرد، وهو من الأشجار النفضية (تسقط أوراقها في الشتاء). أما توزع الدبل الجغرافي، فينتشر من إيران إلى العراق فالبلقان إلى جبال الألب مروراً بالقسم الشمالي من الوطن العربي (سورية ولبنان وفلسطين).
ويعد الدلب الشرقي شجرة حراجية وافرة الظل تزرع في شوارع المدن.
والدلب الشرقي من الأشجار المعمرة التي يبلغ عمرها الوسطى 400 عام، وقد يمتد عمرها إلى ألفي عام عندما تتوافر الشروط الطبيعية المناسبة.
أهمية الدلب
أما عن أهمية الدلب، فأهميته حراجية، يتحمل الدخان، وينقي هواء المدن من غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى ظلاله الوارفة، ولا يخلو الدلب من منافع طبية، إذ تصنع منه أوراقه مراهم لعلاج الجروح والدمامل، وتورمات الأصابع ووجع الأسنان.
ومن أشجار الدلب المعمرة وغرائبها في بعض المدن العالمية أن مدينة لندن البريطانية تحوي شجرة دلب كبيرة نامية هناك منذ عام 1789، وهناك شجرة دلب معمرة في دمشق بمدخل سوق السروجية، وقد رسمها فنان أوروبي في لوحة جميلة عام 1880, ويظهر في اللوحة فلاح يستظل بها مع محراثه، ويعمل تحتها نجار مع أدواته وأخشابه، وبعض الناس يستظلون بظلها، ويتنفسون الهواء المنعش من حولها.
وفي مصياف من محافظة حماة السورية شجرة من الدلب الشرقي محيط ساقها 15 متراً، وأغصانها تظلل مساحة كبيرة من الأرض، وارتفاعها نحو 50 متراً. وهناك شجرة دلب عجيبة في ضواحي مدينة بورصة التركية قطر ساقها يتجاوز أربعة أمتار، وتشعبت أغصانها في الهواء وغلظت وتجاوزت في ارتفاعها الـ40 متراً. وتدل اللوحة الإرشادية التي وضعت تحتها أن عمرها بحدود 600 سنة، وقد استغلت هذه الشجرة – كمعلم طبيعي – استغلالاً ناجحاً من الناحية السياحية.