د. فاروق الباز
عالم الفضاء العربي
فتح عصر الفضاء في منتصف القرن الماضي نافذة جديدة على علم الكون، أحدثت طفرة معرفية هائلة حين أظهرت لنا ما كان خافياً في أقرب الأجرام السماوية من البشر. بدأ ذلك خلال رحلات برنامج أبولو إلى القمر، التي أوضحت تضاريسه، ليس فقط في النصف الذي نراه، بل أيضاً في النصف المخفي عن الأرض.
وتبين لنا من تحليل عينات من صخور القمر أنه تكوَّن من العناصر الكيميائية نفسها التي تكونت منها الأرض، لكن بنسب مختلفة بعض الشيء، وكان ذلك التكون منذ أكثر من أربعة مليارات سنة.
وتتابعت بعد ذلك الرحلات الاستكشافية غير المأهولة إلى كواكب المجموعة الشمسية وأقمارها. وأسفرت عن نتائج كثيرة أفادت بأن الشمس وكل ما يحيط بها من كواكب وأقمار تكونت في اللحظة نفسها من الزمن، وكونت العناصر الثقيلة الأجرام القريبة من الشمس، وتجمعت الخفيفة بعيداً عن الأم.
وفور انتهاء برنامج أبولو بدأ استكشاف كوكب المريخ؛ واتضح لنا أن تضاريس هذا الكوكب الأحمر تشبه تضاريس الصحراء. ويبدو أن الأمطار الغزيرة كانت تهطل على سطح المريخ في الماضي البعيد، فتكونت أودية عديدة، تماماً كما هي الحال في البلاد العربية.
إضافة إلى ذلك؛ بعد أن قلَّت الأمطار بدأت الرياح تنقل فتات الصخور وتجمعها على شكل كثبان رملية، تماما كما هي الحال في الصحراء العربية. ونظرا إلى هذا التشابه الغريب، فإن هناك تزايدا مطردا في عمليات البحث عن آثار عن وجود مخلوقات على المريخ، وبخاصة في الثلوج المغمورة تحت سطح الكوكب.
ومع كثرة الأبحاث ونتائجها المتنوعة؛ ازدادت المعرفة ببعض ما نراه في هذا الكون الفسيح. واتضح أنَّ كل ما نراه من نجوم في السماء عبارة عن شموس ومجرات، أكبر من شمسنا بآلاف المرات، فيما نراها نحن صغيرة جداً لبعدها عنا.
وقد ازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة بدراسة بعض ما اعتقد الباحثون أنها كواكب تدور حول الشموس، وذلك للإجابة عن السؤال الذي حير البشرية ألا وهو: هل نحن وحدنا في الكون؟