بقلم غيتا وفاق
عبر مسيرته الأكاديمية وعمله في القطاع المالي، كرّس سليم توفيق شاهين 25 عامًا للعمل على تحديد ما يعنيه أداء دور صنع القرار على مستوى عالٍ. بعد حصوله على درجة جامعية في الاقتصاد وشهادتي ماجستير في الهندسة المالية وفي الأعمال المصرفية والتمويل، وعلى الدكتوراه في التمويل من جامعة إيكس مرسيليا Université d’Aix–Marseille في فرنسا، كوَّن شاهين محفظة بحثية ثرية مع خبرة واسعة في العديد من مجالات التخصص، مثل تمويل المشاريع ورأس المال الاستثماري وحوكمة الشركات والطرح العام الأولي.
كما نشر العديد من الأوراق البحثية والمقالات في مجلات أكاديمية دولية تعنى بالقطاع المالي وبعلم الإدارة، ومنها على سبيل المثال، Review of Accounting Studies وStrategic Management Journal و Journal of Management و Journal of Corporate Finance و Journal of Financial Stability. بدأ شاهين حياته المهنية في قطاع خطوط أنابيب النفط كمساعد مدير مالي، ثم انتقل إلى الوسط الأكاديمي والقطاع المصرفي فعمل مستشارا لدى العديد من المؤسسات المصرفية في أوروبا وشمال إفريقيا ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي. وهو يقول إن حياة الباحث تدور حول طرح الأسئلة بهدف الحصول على إجابات عنها في عالم يتسم بالتعقيد والديناميكية. لقد أثرت خبرته الواسعة كخبير اقتصادي مالي في القطاع المصرفي تأثيرا عميقا في مسار أبحاثه.
ومن الأسئلة التي يطرحها: كيف يؤثر انعدام اليقين وتضارب المصالح على عملية صنع القرار في القطاعين العام والخاص؟ وكيف يؤثر ذلك في النهاية على النمو الاقتصادي؟. ويؤكد على الحاجة إلى صياغة أسئلة توفر منحنى تعليميًا محليًا وذات أهمية عالمية في الوقت نفسه. من خلال أبحاثه، ساهم شاهين بشكل كبير في عملية صنع القرار ، وأيضًا في اختيار صانعي القرار المناسبين للدور المطلوب توليه. وينطبق هذا بشكل خاص على الشركات صغيرة الحجم التي تعتمد على قيادة قوية لتطوير الشبكة الصحيحة وتكتيكات الأداء المناسبة لها. وهو يؤكد على أهمية التنوع في مجلس الإدارة في ما يتعلق بالعمر والنوع الاجتماعي والخبرة والتعليم. فالمستوى الأمثل من الاستقلالية داخل مجلس الإدارة عامل رئيسي بالنسبة إلى المساهمين أو أصحاب المصلحة عند النظر في أي قرارات رئيسية مثل الاستثمار. فمن بين العديد من مسؤولياتهم الأخرى، يؤدي أعضاء مجلس الإدارة هؤلاء دور المراقبين بالنسبة للشركة ويمثلون موارد إضافية للتواصل؛ إذ تملي اختياراتهم أداء الشركة. يقول شاهين عن الانتقال إلى تولي دور الرئيس التنفيذي أو عضو مجلس الإدارة: “كلما تقدمت في حياتك المهنية وتوليت مناصب جديدة فإنك ترى المسائل من وجهات نظر مختلفة. يؤثر هذا تأثيرا كبيرا في علاقتك بعملية صنع القرار”.
ويشير إلى أن الأمر يتلخص في “إما التواصل أو التقاعس”، وهي مهمة صعبة يواجهها كبار المسؤولين التنفيذيين نظرًا للأهمية الكبرى التي تولى لإقامة وبناء الاتصالات الصحيحة. ويؤكد شاهين على الحاجة إلى إقامة توازن بين الأمرين من أجل ترك تأثير إيجابي على مكانة الشركة. يستكشف عمله كذلك العديد من العوامل التي ترتبط بهذا، مثل الروابط الأسرية في مكان العمل والروابط الاجتماعية بين كبار المديرين وأعضاء مجلس الإدارة وانعكاساتها السلبية، مثلما يحدث عندما تتسبب السلطة الإدارية المفرطة في الترسيخ الإداري الذي يكون فعله مدمرًا بدلًا من خلق القيمة. في إحدى أوراقه البحثية الحديثة يخلص إلى أنه “بينما قد تحل الروابط الأسرية تضارب المصالح بين المدير والمالكين، فإنها قد تؤدي أيضًا إلى مصادرة ملكية الأقلية من حملة الأسهم و/أو الانتفاع الشخصي بالسيطرة”.
مع أنه من الجدير أن يُذكر هنا أن الروابط والاتصالات في سياقات غير مؤكدة قد تحسِّن التواصل، ومن ثم تعزز التماسك وتطابق الأهداف داخل فريق القيادة. وهذا بدوره قد يزيد الثقة بين الأطراف الرئيسية المشاركة في معاملات الشركات. كما يتطرق شاهين إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والكيفية التي تؤثر بها في قرارات المستثمرين والشركات. يقول شاهين: “إن وسائل التواصل الاجتماعي هي أداة مراقبة خارجية وتؤدي دورًا مهمًا في التخفيف من مخاطر عدم تناسق المعلومات”. ومن خلال أعماله البحثية المختلفة، يتتبع شاهين تأثير التغطية الإعلامية والمحتوى على سلوك الشركة وأدائها.
قال شاهين إثر حصوله على جائزة الكويت من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس): “إن الفوز بجائزة الكويت في مجال العلوم الاقتصادية والاجتماعية هو حافز كبير وأداة تسلط الضوء على أعمال الباحثين والأكاديميين العرب”. وأعرب عن اعتقاده أن الجائزة هي أعلى تقدير للمواهب العربية وجهودهم ومساهمتهم في مجالات البحث الخاصة بهم. والأهم من ذلك، أن هذه الجائزة التي تُمنح للباحثين في العالم العربي إنما هي دلالة على جودة مؤسساتنا التعليمية ومكانتنا العالمية. شاهين حاليًا في إجازة من العمل الأكاديمي ويشغل منصب نائب حاكم المصرف المركزي اللبناني، ويعالج القضايا الراهنة في القطاع المصرفي والمالي.