جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب

هشام المجمد

الشغف بالمحاسبة: مهنة العمر

في أثـنـاء تـدريـسه المحاسبة في كلـية الـدراسات التجـاريـة بالـهيـئـة الـعـامـة للـتـعـليم التـطبـيـقي والـتـدريب، اهـتـم هـشام المـجمـد بـتزويد طـلـبته بالأدوات اللازمة لفهم دور أسواق المال وكيفية قراءة وتحليل البيانات المالية لمشروعهم الخاص. وأوضح المجمد أنه يمكن لإتقان علم المحاسبة أن يكشف ليس فقط المعاملات في دفاتر الحسابات، لكن أيضا الأحداث التاريخية وراء تلك الأرقام.

قال المجمد: “المحاسبة هي لغة الأعمال، فإذا كان بإمكانك دراسة أو حساب شيء ما، إذًا يمكنك رؤيته والتنبؤ به مستقبلا، إضافة إلى أن بإمكانك التعلم من هذه الرحلة”.

حـصل المـجـمـد على جـائـزة جـابـر الأحـمـد للبـاحـثين الشبـاب لعام 2021 (في مجال العلوم الإدارية والاقـتـصـاديـة) التي تـمـنحهـا مـؤسـسـة الكـويت للـتـقـدم العـلمي، تقـديراً لعـمله (يشمل ثــلاثـة كـتـب وأكثر من عــشـرين ورقة بـحـثـية منـشورة) في مـوضـوعات تتـعلق بإمكانية التنبؤ بأسعار الأسهم في البنوك الخليجية وطرق تقييم الأسهـم في سوق الـكويت للأوراق المالية، وصولا إلى مقـاييس مـلاءمة المعلومات المحاسبية . لكن في سنـواته الأولى، لم يتوقع على الإطلاق أن يبرز اسمـه في عالم البحث الأكاديمي الغني بالبيانات.

قال “بعد تخرجي في جامعة الكويت، لم أكن أفكر حقًا في مواصلة دراستي… بل فكرت بالعمل مع إحدى شركات التدقيق العالمية الأربع، مثل كـيه بي إم جي. لـكن بـعد قـبول عـرض للاستفادة من مـهـاراته المـحاسـبية في إدارة الخبراء التـابعة لوزارة العدل الكويتية، رأى الكيفية التي يمكن بها أن تكون المحاسبة أداة لمساعدة القضاة على حل المشكلات المالية المعقدة. وبعد أربع سنوات، رغب في أن يرتقي بمعارفه.

بحـلول عام 2003، حصل المجمد على درجة الماجــســتـير في المــحــاسـبــة من جــامــعــة ولايــة نيـو مـكـسيكـو في الـولايـات المتـحـدة الأمـريـكية. وبـحــلـول عـام 2011، حـصـل على الــدكـتـوراه في المـحـاسـبة والتمـويـل من جـامـعـة دنـدي في المملكة المتحدة. اختار المجمد متابعة الدكتوراه في دندي لأنـه رأى أن ذلك سيـوفـر بيـئـة جـيـدة لعـائـلتـه وأطفاله الصغار الـذين بـدأ أكـبرهـم مـنـذ ذلك الحـيـن الـدراسة في كلية الصيدلة. ويعبر المجمد عـن تــقـديره الشديـد لعائـلـتـه، ويـقـف بـتـواضع أمام الدعم الذي قدمته له طـوال سنـوات عـمله ولاسيمـا زوجـته التي حصـلت على الماجـستير في الصيدلة الإكلينيكية من جامعة لندن. قال المجمد مبتسمًا: “هي أيضًا ذكية جدًا”.

كمـا اتـضـح، بدأ المـجـمـد مـسـيرته البـحثـية الوليدة في وقت ازدهار بحوث المحاسبة في الكويت على نحو خاص، إذ صدرت تعليمات جديدة عن بنك الكويت المركزي تتعلق بحوكمة الشركات في عام 2012، ثم أُنشئت هيئة أسواق المال، ثم صدر قـانون حـوكمة الشركات للشركات المـدرجة في بـورصـة الكويت في عام 2016. لكن تصادف أن أبحاثه تزامنت أيضًا مع إدراج بورصة الكويت ضمن مـؤشر مـورغان ستـانلي للأسـواق الناشئة وسـلـطـت الـضوء عليها. وتـعد بـورصـة الـكويت حـاليًا إحدى الـبـورصـات الأعلى أداءً بين الـدول الــعربـيـة، وهي مـدرجـة كـسـوق نـاشئ من قـبل مـؤشر مورغان ستانلي الشركة الأمريكية لإدارة الاستـثمار والخـدمات المالية متـعددة الجنسيات.

عنـدمـا كان في المـدرسـة الـثـانـويـة في بـداية الـتسعينـات مـن الـقرن الـعشرين، اخـتـار المـجمد دراسة الرياضيات. لكنه ينسب الفضل إلى أستاذ المحـاسبة في المدرسـة الثـانوية، عـادل شهاب، في إعادة توجيه مساره نحو علم المحاسبة. كان لهذا المعـلم المؤثر تأثير أكبر مما كان يتوقعه – ليس فقط من خلال وضع المجمد على طريق الحصول على الدكتوراه، لكن أيضًا لمواصلة تعليمه وتدريب عدد لا يحصى من الطلبة على مدار العشرين عامًا الماضية. كان التزام المجمد بالتدريس تلبية لدعوة نبيلة تمثل جزءًا أساسيًا من عمله.

قال المجمد “الكويت دولة صغيرة. إذا ذهبت إلى مركز تسوق فستلتقي بطلبتك. تذهب إلى البـنـك فترى طلـبتك. عمـلت مـسـتشارًا في وزارة الـتجارة، وأعـتقد أنه كان لدي ثلاثة عشر طالبًا [سابقين] يعملون معي”.

يمضي المجمد قدمًا في عمله، وهو متحمس بشكل خاص لمواصلة بحثه الأخير حول الظروف التي يـمكن أن تـضـمـن الـنـجـاح للــمـتـقـدمين إلى الامتحـانـات الـكويتـيـة للـمـحاسـبين الـقـانونـيين. وبالفعل فقد جمع البيانات الخاصة بطلبة الكويت مقـارنة بمـجموعات الـبيانات المتـاحة في أمريكا الشمـالية وأوروبـا، لـكن لا تزال هـناك تـحديات كـبيرة تـطلبت في بـعض الأحيان من المجمد جمع البيانات الـلازمة من الـتقارير الـسـنوية وتـقارير حوكمة الشركات يدويًا. لكن المجمد يعتقد أيضًا أنه مع زيادة إمكانية الوصول إلى بيانات موثوقة وعــالـية الجـودة (وربـمـا مـزيـد من المـســاعـدين الـعـلمـيين في الجـامعـات لمعـالجـة تـلك البيـانات)، سيتمكن هو وأقرانه من أن يخوضوا في مجالات أعمق من البحث والاستقصاء.

وسبـق وأن تـقدم مـؤسسة الـكويت للتقدم العلـمي الـدعـم المـعنـوي والمـالي لـعـدد كـبيـر من الباحثين لإجراء بحوث الدكتوراه وغيرها. ويَعتبر المجمد الحصول على جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب بمثابة لحظة تتويج في مسيرته المهنية. إنه فخور بحصوله على هذا التقدير بعد سنوات من البحث الدؤوب في مهنة تمثل معنى كبيرًا له وللعديد من الطلبة الذين تتلمذوا على يديه، ويرى أن هذه الجائزة المرموقة جاءت لتكرم مهنة كرّس لها حياته منذ أن كان مراهقًا. وحتى أبناؤه كانوا يتطلعون للحصول على هذه الجائزة.

بقلم جوناثان فيكينز

belowarticlecontent
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى