د.سعود العنزي
تبدأ الأسنان بالظهور لدى الطفل بعد الشهر السادس من العمر، ثم تتوالى الأسنان اللبنية بالظهور حتى عمر عامين. ومن المعروف أن العدد الكامل للأسنان اللبنية هو 20، منها 10 في الفك العلوي ومثلها في الفك السفلي. وعندما يبلغ الطفل ست سنوات تبدأ الأسنان الدائمة بالظهور، وكما حدث مع الأسنان اللبنية، تتوالى الأسنان الدائمة بالظهور وتتبدل مع الأسنان اللبنية على مراحل حتى بلوغ الطفل 13 عاما، في حين تبدأ أسنان «العقل» بالظهور عند عمر 18 عاما.
تعتبر مشكلات نمو الأسنان أبسط علاجيا من مشكلات نمو الوجه والفكين. وفي بعض الحالات يكون هناك زيادة للأسنان عن العدد الطبيعي، وفي هذه الحال يلجأ الطبيب إلى إزالة الأسنان الزائدة. وفي حالات أخرى، يكون هناك نقص عن العدد الطبيعي، بمعنى آخر أن السن لم ينم ، وحل محله فراغ في الفم نتيجة عدم نموه، وفي هذه الحالات يتم إغلاق الفراغ عن طريق تقويم الأسنان، أو تعويض الفراغ عن طريق التركيبات الصناعية.
وحينما يصاب الطفل بخلل في نمو الفكين، يصبح العلاج أكثر تعقيدًا من الخلل الحاصل في نمو الأسنان؛ لأن التحكم في نمو الفك ليس سهلا، على العكس من التحكم في الخلل الحاصل في نمو الأسنان.
وإذا كان حجم الفك أكبر من المعدل الطبيعي، فإن الجينات الوراثية ستنقل هذه الصورة من أحد الوالدين إلى الطفل. أما إذا تعرض الطفل إلى إصابة في الفك – مثلا- أثناء اللعب العنيف، فإن ذلك قد يؤدي إلى تغير شكل الفك ونموه.
ضمور الفك السفلي
من الأمثلة الشائعة عن الخلل في نمو الفكين لدى الأطفال هو النقصان أو ضمور الفك السفلي، في هذه الحالة يكون شكل الطفل غير طبيعي، وربما يؤثر سلبا على شخصية الطفل ويسبب لديه مشكلات نفسية قد تستمر مدة طويلة، وربما تبقى مدى الحياة. وأثبتت الدراسات أن الطفل الذي يعاني من عدم تناسق في نمو الأسنان أو بالوجه والفكين يكون عرضة للتنمر أو الإيذاء بالمدرسة.
ويفضل أن يجري الطبيب أول فحص للطفل وهو في عمر سبع سنين، للتأكد من أن عملية النمو تتم بصورة سليمة وسلسة. وفي عمر السابعة تبدأ الأسنان الدائمة بالظهور ومن ثم تتبدل الأسنان اللبنية. وإجراء الفحص قبل ظهور الأسنان الدائمة لا يعطي مؤشرا إلى نمط نمو الطفل. وفي بعض الأحيان يتضح للطبيب وجود خلل في أسنان الطفل، مثل سوء تطابق الأسنان. وفي هذه الحال يضع الطبيب أجهزة تقويمية بسيطة لعلاج الخلل. وبعد التأكد من العلاج ندع النمو يأخذ مجراه الطبيعي. وفي بعض الأحيان نكتشف أن الطفل يمص أصبعه أو يعض على الأقلام ، وهي عادات سيئة جدا قد تؤثر سلبًا على نمو الأسنان. هنا نقدم التوعية للطفل والوالدين بضرورة التخلي عن هذه العادات السيئة لضمان حدوث النمو بشكل طبيعي.
خلل عظام الفك
ثمة حالات يكون فيها خلل كبير في عظم الفك، وعندها يجب إجراء تقويم جراحي للأسنان للتوصل إلى النتيجة المثالية. وعلاج مثل هذه الحالات يتطلب جهدا من الفريق الطبي والمريض، وتراوح فترة العلاج بين سنتين وثلاث سنوات. على سبيل المثال، عند وجود بروز كبير في الفك السفلي، لا يستطيع جهاز تقويم الأسنان وحده علاج ذلك؛ نظرًا لوجود الخلل في العظم، وأجهزة التقويم لا تستطيع أن تحرك عظم الفك بل تحرك الأسنان فقط. لذلك يجب تجهيز الحالة الذي يستغرق ما بين سنة وسنة ونصف في معظم الحالات. عندئذ يجري الفريق دراسة وافية للحالة لتقييم مدى ملاءمة الحالة للجراحة. بعد التأكد من خطة سير العلاج تتم عملية الجراحة التي تراوح مدتها بين ساعتين وأربع ساعات. وبعد الانتهاء من العملية يجري وضع تفاصيل لتطابق الأسنان ، وهي خطوة تستمر ستة أشهر.
من المشكلات أيضا الأنياب المطمورة لدى الأطفال. وعدم ظهور الأنياب في الوقت المحدد مشكلة عالمية.
دراسة كويتية
وأظهرت دراسة كويتية لتحديد نسبة حدوث هذه المشكلة أن نسبة حدوث فشل في بزوغ الأنياب بالكويت تتوافق مع النسبة العالمية وهي بحدود %3-2 ؛ أي إنه من كل 100 طفل في الكويت، هناك 3-2 أطفال يعانون بسبب هذه المشكلة.
ولدى الطفل الطبيعي أربعة أنياب، اثنان في الفك العلوي ومثلهما في الفك السفلي. والأنياب أسنان مهمة لأنها توجد في زاوية الفم وتحدد الشكل الجمالي للشفتين العلوية والسفلية، وعدم بزوغ الأنياب ربما يسبب خللا في شكل الوجه والشفتين. والناب المطمور لدى الطفل هو الناب الذي لم يظهر في فم الطفل بالوقت المحدد، وهو عمر 11 – 12 سنة للأنياب العلوية ، وعمر 9 – 10 سنوات للسفلية.
إن طريقة العلاج تختلف من طفل إلى آخر. على سبيل المثال، إذا كان المريض صغير العمر يفضل إجراء تقويم وسحب السن إلى مكانه الطبيعي، أما إذا كان الشخص بعمر متقدم، فيفضل اللجوء إلى خيارات أخرى أما إذا كان مكان السن غير مناسب وبعيدا جدًا عن موقعه الطبيعي فيفضل خلع السن واللجوء إلى زراعة الأسنان.
وقد يتعرض الأطفال أثناء ممارسة الألعاب الجماعية لإصابات متنوعة تختلف حسب مقدار تأثيرها على الطفل. وهذه الإصابات نوعان: إصابات داخل الفم ويكون تأثيرها على الأسنان والأنسجة المحيطة، وإصابات خارج الفم ربما تؤثر على الفكين والرأس والوجه. ولكل من النوعين معالجة سنية خاصة.
وجروح الوجه يمكن معالجتها عن طريق إيقاف النزيف واستخدام الخيط الطبي لعلاج التمزقات.أما إصابات الفكين فيمكن أن تشفى وحدها إذا كانت بسيطة، أما الإصابات المتوسطة إلى الشديدة، فيجب تحويلها إلى الطبيب المتخصص لتلقي العناية اللازمة.
العيوب الخلقية
على الرغم من قلة حدوث العيوب الخلقية في الآونة الأخيرة بسبب تطور العلم والتوعية والتطعيمات اللازمة، فإنها تحدث لبعض الأشخاص وتسبب مشكلات صحية ونفسية للطفل والأقارب؛ لأنها تمس منطقة الوجه والرأس، وتكون ظاهره للناس. ومن أشهر العيوب الخلقية لدى الأطفال ما يسمى بالشفة الأرنبية التي تتمثل في حدوث تشققات بالشفاه أو بالشفاه وسقف الحلق. وثمة أسباب عديدة لذلك، منها ما هو وراثي، ومنها ما هو ناتج عن عوامل بيئية مثل تناول الحامل بعض الأدوية أو تناول المواد الكحولية أو التدخين. ومع تطور العلم وووجود تقنيات مثل السونار، يمكن اكتشاف مثل هذه العيوب في الأشهر الأولى من الحمل. ويبقى السؤال لدى الوالدين: هل نبقي الجنين ونحن نعلم أنه سيولد بالمرض أو ننهي الحمل؟ ثمة جوانب دينية لذلك، لكن علميا فإن علاج الشفة الأرنبية تطور بشكل كبير حتى صار بالإمكان عودة الشفتين إلى شكلهما الطبيعي.