لا يسَعُ كثيرين القولُ إنهم عملوا مع أكبر وأقوى مسرِّع للجسيمات في العالم وهم يتابعون دراستهم العليا، لكن الفيزيائي الكويتي عيسى النصرالله يمكنه ذلك. فبدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، شارك النصرالله في برنامج صيفي في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (اختصاراً: سيرن CERN) في العام 2019، حيث عمل على مصادم الهادرونات الكبير Large Hadron Collider، أكبر وأقوى مسرِّع للجسيمات في العالم.
عن تجربته قال النصرالله: “كنتُ محظوظاً لأن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أتاحت لي هذه الفرصة. لقد ساعدتني تلك التجربة على تشكيل منظوري حول العلوم”.
حصل النصرالله على البكالوريوس في الهندسة النووية والفيزياء في العام 2015، وعلى الماجستير في الهندسة النووية والفيزياء الهندسية في العام 2016 من جامعة ويسكونسن ماديسون University of Wisconsin Madison في الولايات المتحدة، ثم عاد إلى الكويت ليعمل زميلاً في معهد الكويت للأبحاث العلمية، ويتابع تحصيله العلمي للحصول على درجة الماجستير في الفيزياء من جامعة الكويت. شجعه أحد الأساتذة الموجهين في جامعة الكويت على التقدم لبرنامج سيرن الصيفي.
في أثناء وجوده في سيرن في مدينة ميرين بسويسرا، عمل النصرالله ضمن فريق دولي يتولى تحليل بيانات اللولب المركب للميون Compact Muon Solenoid (اختصاراً: التجربة CMS)، وهو كاشف فيزياء الجسيمات للأغراض العامة ملحق بمصادم الهادرونات الكبير. بفضل البيانات التي يحصلون عليها من اللولب المركب للميون، يمكن للفيزيائيين دراسة اللبنات الأساسية للمادة، بما في ذلك جسيم بوزون هيغز المعروف. ويوضح هذا العمل أدق التفاصيل التي تشكل كوننا.
إن فرصاً من هذا النوع، التي تتيح تعزيز فهم البشرية للكون، هي التي ألهمت النصرالله لدراسة الفيزياء في المقام الأول. ويقول عن ذلك: “نحن البشر يُهمنا حقاً أن نفهم الطبيعة. هذا هو السؤال الكبير: لماذا نحن هنا؟ كيف يعمل الكون؟ والفيزياء هي المجال الذي يجيب عن هذه الأسئلة”.
خلال البرنامج الصيفي درس النصرالله أيضاً لغات برمجة جديدة، وحضر محاضرات وشارك في أنشطة لامنهجية مثل يوم ثقافي وهاكاثون. خلال الهاكاثون عمل فريقه خلال عطلة نهاية أسبوع كاملة على تصميم لعبة على شبكة الإنترنت تعتمد على فهم أساسي للفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات.
إن تنوعَ المجموعة والبيئةَ التعاونية مكَّنا المشاركين من خوض تجربة غنية. قال النصرالله إن لقاء باحثين آخرين من جميع أنحاء العالم ذكَّره بأنه للإجابة عن عدد من أكبر الأسئلة في الحياة، “تحتاج حقاً إلى تعاون الجميع من خلفيات مختلفة”.
بعد أن عاد إلى الكويت، واصل النصرالله العمل في معهد الكويت للأبحاث العلمية، ويتابع حالياً دراساته العليا. وتتضمن أبحاثه الحالية تطوير مواد نانوية ذات أساس معدني لتخزين الهيدروجين والمساهمة في مستقبل الطاقة في الكويت. وتطويرُ مثل هذه المصادر من الطاقة هو جزء من أهداف المعهد لتحويل اقتصاد الكويت المعتمِد على النفط بالتحول إلى مصادر الطاقة المستدامة.