بقلم: د. عبدالرحمن لطفي أمين
زيكا (Zika) هو مرض يسببه فيروس من جنس يسمى الفيروسة المصفرة flaviviruses، وهو الجنس نفسه من الفيروس المسبب لمرض حمى الضنك، والحمى الصفراء، وفيروس غرب النيل. وينتقل فيروس زيكا بين البشر عن طريق لدغة بعوضة من النوع المسمى الزاعجة المصرية Aegypti Aedes. وهذه البعوضة غير موجودة في دولة الكويت ومعظم دول الخليج العربي، لكنها موجودة في بعض الدول العربية مثل: اليمن ومصر والسودان. وإضافة إلى عدوى فيروس زيكا فإن هذه البعوضة تنقل أيضاً مرضاً يسمى (شيكنجويا) وحمى الضنك والحمى الصفراء.
سمي فيروس زيكا بهذا الاسم نسبة إلى غابات مسماة بغابات زيكا في أوغندا، حيث جرى عزل الفيروس للمرة الأولى في قرد هندي صغير في عام 1947. وجرى الكشف عن أولى الحالات البشرية عام 1952 في أوغندا وتنزانيا. وانتشر الفيروس بعد ذلك في جميع أنحاء إفريقيا الاستوائية وآسيا، حيث كان مرتبطاً بإصابات متفرقة. وكان أول تفش للعدوى بالفيروس في جزيرة ياب بميكرونيزيا في عام 2007؛ حيث أصاب أكثر من %70 من سكان الجزيرة. وحدث تفش آخر أكبر في بولينيزيا الفرنسية في 2014-2013، حيث أصاب ثلثي سكان المنطقة.
وجرى اكتشاف العدوى بالفيروس للمرة الأولى في نصف الكرة الغربي في فبراير 2014 بجزيرة إيستر في تشيلي. ثم جرى الكشف عن العدوى بالفيروس في البرازيل في مايو 2015.
أين يوجد المرض الآن؟
في مايو 2015، أبلغ عن انتقال فيروس زيكا في الأمريكتين من البرازيل. وبعد انتشار فيروس زيكا في البرازيل، كانت هناك زيادة ملحوظة في أعداد الأطفال الذين يولدون بصغر حجم الرأس. ولكن من غير المعروف عدد الحالات المرتبطة بعدوى فيروس زيكا.
وبحلول منتصف يناير 2016، كان قد تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن انتقال الفيروس في 20 بلداً أو إقليماً في الأمريكتين. وعلى الرغم من عدم التبليغ عن حالات في الولايات المتحدة، فقد جرى الإبلاغ عن إصابات بين مسافرين يزورون الولايات المتحدة ويعودون منها، ومن المتوقع على الأرجح أن تزيد الحالات الوافدة إلى الولايات المتحدة مما قد يؤدي إلى انتقال المرض إلى مناطق محدودة منها. وحالياً، يستمر تفشى فيروس زيكا في الأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبي، والمحيط الهادئ. وذكرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن الفيروس «ينتشر بشكل رهيب» وأعلنت أن فيروس زيكا والمضاعفات المرتبطة به يعتبر من طوارئ الصحة العامة ذات الأهمية الدولية.
أعراض المرض
نحو 1 من كل 5 من المصابين بفيروس زيكا تظهر عليهم أعراض المرض. ومعظم الناس لا يدركون أنهم أصيبوا بالعدوى نظراً لعدم ظهور أعراض مرضية عليهم. وأعراض المرض عادة تكون خفيفة وتستمر من عدة أيام إلى أسبوع.
أما الأعراض الأكثر شيوعاً للمرض فهي الحمى والطفح الجلدي، وآلام المفاصل، أو التهاب الملتحمة (العين الحمراء). وتبدأ الأعراض عادة بعد 2 إلى 7 أيام من التعرض للدغة بعوضة مصابة.
طرق الانتقال
ينتقل مرض زيكا في المقام الأول عن طريق لدغة البعوض من جنس الزاعجة. فالبعوضة تصاب بالفيروس عندما تلدغ شخصاً مصاباً بالفعل بالفيروس، ثم تنقل البعوضة المصابة الفيروس إلى أشخاص آخرين عن طريق اللدغ.
وربما ينتقل الفيروس المعدي من الأم الحامل إلى جنينها أثناء الحمل، أو في وقت قريب من الولادة عن طريق المشيمة.
وقد ثبت حالياً الانتقال الجنسي لعدوى فيروس زيكا. كما ثبت أن زيكا ينتقل أيضاً عن طريق منتجات الدم، والتعرض للفيروس بالمختبرات، ومن خلال زرع الأعضاء أو الأنسجة.
تجنب الإصابة
والسؤال المطروح دائماً: ما الذي يمكن القيام به لتجنب الإصابة بفيروس زيكا عند السفر إلى مناطق بلغ عن إصابات فيها؟
لا يوجد لقاح ضد الفيروس وأفضل طريقة للوقاية من المرض وكذلك كل الأمراض التي تنتشر عن طريق البعوض هي تجنب التعرض للدغات. وذلك باستخدام الطرق الآتية:
- ارتداء قمصان ذات أكمام طويلة، وكذلك ارتداء السراويل الطويلة.
- البقاء في أمكنة مكيفة الهواء، مع ضرورة وجود سلك على النوافذ والأبواب لتجنب دخول البعوض إلى الغرف.
- استخدام المواد الطاردة للحشرات والمعتمدة من قبل وكالة حماية البيئة، حيث يتم تقييم جميع تلك المواد الطاردة للحشرات.
طارد الناموس
هناك مجموعة تعليمات من المفضل الالتزام بها عند استخدام طارد الناموس:
- لا تضع الرذاذ الطارد على الجلد تحت الملابس.
- إذا كنت تستخدم كريمات واقية من الشمس، فضع واقي الشمس أولاً ثم ضع طارد الحشرات.
- لا تستخدم المواد الطاردة للحشرات للأطفال الذين تقل أعمارهم عن شهرين. مع ضرورة استخدام الملابس التي تغطي الذراعين والساقين للطفل، وتغطية سرير الطفل، والعربة بالناموسيات. كما يجب عدم وضع المواد الطاردة للحشرات على اليدين والعينين والفم للطفل. ويفضل وضع رذاذ طارد الحشرات على يديك ثم ضعه على وجه الطفل.
- يجب معالجة الملابس والأدوات بمادة البيرميثرين أو شراء المواد المعالجة بالبيرميثرين، مع ملاحظة عدم استخدام المنتجات المعالجة بالبيرميثرين مباشرة على الجلد.
- النوم تحت ناموسية البعوض إذا كنت في الخارج وغير قادر على حماية نفسك من لدغات البعوض.
العلاج
لا يوجد حتى الآن لقاح أو دواء معين لعلاج التهابات فيروس زيكا. وإنما يمكن تخفيف الأعراض فقط. ويتضمن علاج الأعراض: الحصول على قسط من الراحة، وشرب السوائل لمنع الجفاف، وتناول عقار مخفض للحرارة ومسكن للألم مثل الأدول. مع مراعاة عدم تناول الأسبرين أو العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية الأخرى.
الوقاية
للوقاية من تلك المشكلة المؤرقة توصي مراكز مكافحة الأمراض CDC ببعض الاحتياطات الخاصة للفئات الآتية:
النساء الحوامل طوال فترة الحمل: يجب على الحوامل تأجيل النظر في السفر إلى أي منطقة يكون انتقال فيروس زيكا فيها مستمراً. وإذا كانت هناك ضرورة للسفر إلى هذه المناطق، يجب التحدث مع الطبيب المعالج أولاً واتباع خطوات منع لدغات البعوض بدقة أثناء الرحلة.
النساء اللاتي يخططن للحمل: حيث يجب قبل السفر، التحدث مع الطبيب المعالج حول احتمال حدوث الحمل. وعند ضرورة السفر يجب اتباع خطوات منع لدغات البعوض بدقة متناهية أثناء الرحلة.
متلازمة غيلان
إن متلازمة غيلان باريه (GBS) هي اضطراب نادر يقوم فيه الجهاز المناعي للمريض بإتلاف الخلايا العصبية، مما يتسبب في ضعف العضلات، وأحياناً، الشلل. وهذه الأعراض يمكن أن تستمر عدة أسابيع أو أشهر. وبينما يشفى معظم الناس تماماً فإن بعض المرضى قد يتضررون بصورة دائمة، وفي حالات نادرة قد يسبب الوفاة.
وتقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية إنها لم تتوصل حتى الآن لأي علاقة بين فيروس زيكا وتلك المتلازمة، على الرغم من أن وزارة الصحة البرازيلية قدمت تقارير تفيد بزيادة عدد الأشخاص المتضررين من متلازمة غيلان باريه، ومازالت المراكز تعمل لتحديد وجود الارتباط من عدمه.
تشخيص المرض
خلال الأسبوع الأول من عدوى فيروس زيكا يمكن اكتشاف الفيروس في الدم، ومن ثم فإنه يمكن للفيروس أن ينتقل من شخص مصاب إلى شخص آخر عن طريق لدغات البعوض. كما يمكن للبعوضة المصابة أن تنشر الفيروس إلى أشخاص آخرين.
ويجب استشارة الطبيب إذا كان الشخص يعاني الحمى والطفح الجلدي، وآلام المفاصل، أو احمرار العينين في غضون أسبوعين من العودة من السفر من بلد تم الإبلاغ عن وجود حالات فيروس زيكا فيه.
والإصابة تحدث مرة واحدة في العمر، ويكون المصاب محمياً من الاصابة في المستقبل حتى إذا لدغ ببعوضة مصابة بالفيروس. وثبت مختبرياً أن لدى فيروس زيكا القابلية لإصابة الأنسجة العصبية وهي ظاهرة تسمى Neurotropism. لذا فقد ارتبطت عدوى فيروس زيكا ببعض الأعراض والمضاعفات العصبية، وتشمل هذه المضاعفات صغر حجم الرأس الخُلقي والمشكلات النمائية الأخرى بين الأطفال الذين يولدون لنساء مصابات بالعدوى خلال فترة الحمل، وربما يسبب متلازمة غيلان باريه، والتهاب النخاع الشوكي، والتهاب السحايا والدماغ.
وقد وردت العديد من التقارير التي تثبت وجود عيب خلقي خطير في الدماغ للأطفال المولودين من أمهات أصبن بالمرض أثناء الحمل، حيث يعاني الأطفال حالة تسمى microcephaly أو صغر حجم الرأس (يكون رأس الطفل أصغر من المتوقع عند مقارنة الأطفال من نفس الجنس والعمر(.