د. عبد الله المطوع هو واحد من أبرز الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في الكويت، وهو يسخِّر مهاراته هذه للمساعدة على تحقيق تقدم في المجال الطبي. حصل المطوع على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي الحاسوبي من جامعة سيراكيوز Syracuse University في سيراكيوز بولاية نيويورك في عام 1999. بعد التخرج، التحق بقسم هندسة الحاسوب في جامعة الكويت حيث ما زال يعمل أستاذاً مشاركاً. المطوع هو أيضًا خبير مرموق في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وشارك مؤخرًا في عضوية لجنة حكومية دولية صاغت توصيات حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في نوفمبر 2021.
قال المطوع إن “الذكاء الاصطناعي موضوع واسع”. وبينما قد يبدو معقدًا، فإن الذكاء الاصطناعي يعتمد في الواقع على افتراض بسيط. وأوضح أن “ما نفعله هو محاولة تقليد السلوك الذكي لأي نوع حي… والبشر هم على قمة الهرم”. وفي الوقت الذي تطور فيه الكائنات العضوية، مثل البشر، ذكاءً طبيعيًا، فإنه يمكن للآلات تطوير الذكاء الاصطناعي. والمطوع هو أيضًا متخصص في تعلم الآلة Machine Learning، وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يستخدم البيانات والخوارزميات لتدريب الآلات.
يتعلم البشر عادة من الأمثلة، وتعلم الآلة يقلد هذه العملية. إذ يغذي متخصصون مثل المطوع الآلات بالآلاف من الأمثلة الجيدة والسيئة. في البداية، يخبر الباحثون الآلة أيًا من الأمثلة هي الجيدة وأيًا منها سيئة. في النهاية، “تتعلم” الآلة كيف تميّز ذلك بنفسها. ومع تلقيم الآلة المزيد والمزيد من الأمثلة، يتحسن أداؤها.
يمكن تطبيق هذه الأساليب في عشرات المجالات، من البيع بالتجزئة إلى الزراعة. أما المطوع فقد بنى مسيرته المهنية بتسخير معرفته بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في المجال الطبي.
مسيرة مهنية مكرسة لمساعدة الناس
أتاح العمل في مجال الطب للمطوع أن يجمع بين مهاراته واهتماماته ورغبته في مساعدة الناس، وكما يقول، فقد وضع ذلك هدفًا نصب عينيه منذ بداية حياته المهنية. تمحورت إحدى الأوراق البحثية الأولى التي نشرها في وقت مبكر من حياته المهنية حول استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المرضى الذين يعانون ضعفَ السمع. وشمل أحد أحدث مشاريع المطوع البحثية تطوير نظام يستخدم إشارات تخطيط كهربية الدماغ (EEG) لمساعدة المرضى الذين أدخلوا المستشفيات والموصولين بأجهزة التنفس الاصطناعي على التعبير عن أنفسهم. وأعرب المطوع عن أمله في أن “يكتشف هذا [الكشف التلقائي عن المشاعر] عما إذا كانوا يشعرون بالمـلـل أو بالـسـعـادة أو بالحزن أو بالاشـمـئزاز أو بـالإحبـاط … لأنه يـقرأ الإشـارات مبـاشـرة من أدمغتهم”.
يتضمن أحد أحدث مشاريع المطوع البحثية استخدام مهارات هندسة الحاسوب وتقنياتها مع تطبيقها في المجال الطبي لتحليل حالات مصابة كوفيد-19 أدخلت إلى مستشفيات الكويت. ستساعد الدراسة على تحديد المرضى المعرضين لمخاطر عالية منذ المراحل الأولى من المرض وحمايتهم.
تطبيق الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة على كوفيد-19
اعتبارًا من عام 2020، قاد المطوع فريقًا من الباحثين الذين استخدموا أساليب تعلم الآلة لتحليل تسلسل جينوم مرضى كوفيد-19وتاريخهم الطبي ونتائجهم. عن ذلك قال “من خلال ملاحظاتنا الرصدية، قد يكون في العائلة نفسها شخص في وحدة العناية المركزة وآخرون لم يحتاجوا إلى مثل هذه الرعاية الطبية… ونود الاستفادة من هذه المعلومات”. وبتحليل البيانات من مثل هذه الحالات، شرع فريق البحث في تحديد سبب إصابة بعض المرضى بحالات أكثر خطورة من كوفيد-19 من غيرهم. وحصل الفريق على الدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (KFAS) لإجراء أبحاثهم.
استخدم الباحثون مسارين: أولاً، أخذ الفريق بيانات متسلسلة من مرضى كوفيد-19محفوظة في مستودع بيانات دولي واستخدموا طرق تعلم الآلة لإعادة تحليلها. أوصلهم هذا المسار إلى بعض النتائج المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بمنشأ فيروس كورونا.
لكن المطوع قال إن أهم إنجازات الفريق جاءت من مسارهم الثاني عندما جمعوا بيانات من مرضى كوفيد-19 أدخلوا إلى وحدة العناية المركزة في مستشفى جابر في الكويت. وقال: “لقد جمعنا بيانات نحو 400 مريض دخلوا وحدة العناية المركزة، وأدخلنا كامل معلومات تاريخهم الطبي في نظامنا لتعلم الآلة”.
استخدمت الآلة بيانات هذه الحالات من المرضى وتاريخهم الطبي لمساعدة الفريق على تحديد الفئات المختلفة. ومن ثم يمكن استخدام هذه الفئات لفرز المرضى في المستقبل بناءً على احتمال أن يكونوا عرضة بعد الإصابة بكوفيد-19 لتطوير الحالة الحرجة من المرض. وأوضح المطوع أنه من خلال فرز هذه الفئات “يمكننا [اتخاذ] قرارات حاسمة بشأن احتمال إدخال المريض إلى المستشفى من عدمه فيما بعد”.
وقال المطوع إنه يمكن استخدام هذه المعلومات لتطوير تطبيق أو موقع إلكتروني يستطيع الأشخاص تصفحه بعد أن تثبت إصابتهم بكوفيد-19. سيطرح التطبيق أسئلة مستهدفة حول عوامل الخطر وتاريخ المريض الطبي. ثم يستخدم هذه المعلومات لتقدير ما إذا كان يجب إدخال المريض إلى المستشفى لبدء العلاج المبكر، أو عن احتمال إصابته بحالة بسيطة لا تتطلب مزيدًا من التدخل. إذا أدرك النظام أن الشخص معرض لخطر كبير قد يتطور لحالة حرجة، فسيمكنه تلقي العلاج على الفور بدلاً من انتظار تفاقم الأعراض.
يمكن لهذه التكنولوجيا أن تنقذ الأرواح وتُجنب إغراق المستشفيات بمرضى من غير المرجح أن تتطور أعراضهم إلى حالة حرجة. ويأمل فريق البحث، كما يقول المطوع، أن تكون النتائج التي توصلوا إليها “جزءًا من الحل العالمي للجائحة”، وأن تلهم مسارات جديدة لمزيد من البحث في مجال التقاطع بين علوم الحاسوب والطب.
ويرى المطوع أن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة يتيحان الجمع على نحو ممتاز بين المجالات الهندسية والتقنية والطبية لمساعدة عدد لا يُحصى من الأشخاص.
بقلم ماريانا دينين