د. عبدالله بدران
كلما عقدت الأمم المتحدة أو المنظمات العالمية البيئية مؤتمرا عن البيئة والموارد الطبيعية، فإنها تحرص على تسليط الضوء على الأخطار الناجمة عن تقلص الغابات واجتثاث أشجارها، وأثر ذلك على البيئة بصورة عامة والبشرية بصورة خاصة، لاسيما الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
وفي خطتها الجديدة المعنونة: «تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030»، التي وافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والبالغ عددها 193 دولة، في العام الماضي ، والمكونة من إعلان واحد و17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة و169 غاية، تركز الأمم المتحدة على أولويات محددة تتمثل في القضاء على الفقر والصحة والتعليم والأمن الغذائي والتغذية، وطائفة واسعة من الأغراض الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ومن المعروف أن الغابات والأشجار تدعم الزراعة المستدامة؛ فهي تثبّت التربة والمناخ وتنظّم تدفق المياه، وتوفر الظلّ والمأوى، كما توفر موئلاً للملقحات والحيوانات. وهي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي لمئات الملايين من الأشخاص الذين تشكل بالنسبة إليهم مصادر مهمة للأغذية والطاقة والدخل. ومع ذلك، لا تزال الزراعة تشكّل الدافع الرئيسي للتصحّر في العالم، وغالباً ما تكون السياسات الزراعية والحرجية والمتعلقة بالأراضي مخالفة لها.
ويظهر أحدث تقرير في هذا الشأن’ وهو (تقرير حالة الغابات في العالم لعام 2016) إمكان زيادة الإنتاجية الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي بموازاة وقف التصحّر أو حتى عكس اتجاهه، ويسلط الضوء على الجهود الناجحة التي بذلتها دول عدة بهذا الصدد. ويُعتبر التخطيط المتكامل لاستخدام الأراضي المدخل إلى تحقيق التوازن بين أوجه استخدام الأراضي، مدعوماً بالصكوك الصحيحة الخاصة بالسياسات لتعزيز استدامة الغابات والزراعة.
نقاط مهمة
يذكر التقرير الذي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أهمية الدور الذي تؤديه الغابات في العالم، وكيفية المحافظة عليها، والتغلب على التحديات التي تواجهها، والارتباط بينها وبين الأغذية.
ويرى أن تلبية الطلب المتزايد في العالم على الأغذية وغيرها من المنتجات التي تعتمد على الأراضي يتطلب مساحات مثمرة تدار على نحو مستدام. وتقوم الغابات بأدوار رئيسية في الدورة المائية وفي الحفاظ على التربة واحتجاز الكربون وحماية الموائل، بما في ذلك موائل الملقحات، ولإدارتها المستدامة أهمية حاسمة للأمن الغذائي والزراعة المستدامة.
ويشير التقرير إلى أهمية الزراعة في اعتبارها المحرك الأكثر أهمية لإزالة الغابات العالمية، وإلى الحاجة الملحة إلى تعزيز تفاعلات أكثر إيجابية بين الزراعة والحراجة، وإلى ضرورة إحراز تقدم في وقت واحد نحو تحقيق الزراعة المستدامة والأمن الغذائي والإدارة المستدامة للغابات، وجميعها عناصر أساسية لأهداف التنمية المستدامة.
ويركز على ضرورة تحسين التنسيق بين السياسات بشأن الغابات والزراعة والأغذية واستخدام الأراضي والتنمية الريفية. وبالقدر نفسه من الأهمية، يرى ضرورة وضع أطر قانونية واضحة تنظم تغيّر استخدام الأراضي، بما في ذلك وضع نظم آمنة لحيازة الأراضي تعترف بالحقوق التقليدية العرفية في استخدام الأراضي ومنتجات الغابات.
وحين تكون الزراعة التجارية الواسعة النطاق هي المحرك الرئيسي لتغيّر استخدام الأراضي، فإن المطلوب في هذه الحال تنظيم التغيّر تنظيماً فعّالاً مقترناً بضمانات اجتماعية وبيئية مناسبة. كما أن هناك تأثيراً إيجابياً كبيرا لمبادرات الحوكمة التي يطلقها القطاع الخاص، من مثل خطط إصدار الشهادات الطوعية والالتزامات بالقضاء على إزالة الغابات.
الاستخدام المناسب للأراضي
ويرى التقرير أنه حيث تكون زراعة الكفاف المحلية هي المحرك الرئيسي لتغيّر استخدام الأراضي، فينبغي اتخاذ تدابير أوسع نطاقاً لتخفيف حدة الفقر والتنمية الريفية، جنباً إلى جنب مع اتخاذ إجراءات لتحسين الزراعة والحراجة المحلية وممارسات استخدام الأراضي الأخرى.
ويوفر تخطيط استخدام الأراضي إطاراً استراتيجياً لتحقيق التوازن بين استعمالات الأراضي على النطاقين الوطني ودون الوطني وعلى نطاق المواقع الطبيعية. و ينبغي أن يشمل ذلك مشاركة بنّاءة لأصحاب المصلحة لضمان شرعية خطط استخدام الأراضي والحصول على دعم أصحاب المصلحة لتنفيذها ومتابعتها.
ويذكرالتقرير أنه يمكن تحقيق الأمن الغذائي بالتكثيف الزراعي واتخاذ تدابير أخرى مثل الحماية الاجتماعية، بدلاً من توسيع الرقع الزراعية على حساب الغابات.