د. محمــد فيحـــان العتيــبي
يعاني عدد من الناس مشكلة جلدية مشهورة تدعى الأكزيما، ويحارون في علاجها والتعامل معها، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى الإصابة بها، ودور العوامل الوراثية والبيئية في انتشارها وتطورها. والأكزيما حالة التهابية غير جرثوميـة تصيب الجــلد ، وكلمـة أكزيما هي نفسـها التهاب الجــلد ، وتسـتعملان بالمعنى نفسه مع فارق أساسي مفاده أن الأكزيما تعني الالتهابات الجــلدية النابعة من حساسية خارجية أو داخلية المنشـأ، أما التهاب الجـلد فيطلق على الحـالات الالتهابية الخارجية المنشــأ.
أسباب المرض
ثمة أمور عدة تؤدي إلى حدوث هذا المرض، أهمها:
الاستعداد الوراثي: يؤدي الاستعداد الشخصي أو التكوين الوراثي للشخص دورا أسـاسيا في تعرضه للإصابة بالأكزيما.
الأطعمــــة: مثل الحليب والبيض والفول السوداني والقمح والأسـماك.
المواد الاستنشاقية: وتشـمل عتة غبار المنزل وحبوب اللقاح والشـعر وفضلات الحيوانات والطيور.
العوامل النفسـية: لوحظ أن التوتر النفسي يزيد من قوة أعراض المرض؛ بسبب وجود علاقة بين الخـلايا العصبية والخـلايا المؤثرة في التفاعلات المناعية.
التقلبـــات الجــوية: تختلف حالات الأكزيما حسب طبيعة التغيرات الجوية، فبينما تسـوء حالة بعض المرضى في الشـتاء فإن بعضهم الآخر تزداد معاناتهم مع المرض في الربيع والصيف. والتعرض لأشـعة الشمـس ربما يكون مفيـدا لبعض الحـالات لكنه قد يكون ضارا لحـالات أخرى، حسب نوع الأكزيما.
أكزيما الأطفـال والكبار
تظهر الأكزيما عند الرضع بين عمـر شـهرين وســنتين، وتصيب الوجه وبخاصة منطقـة الخـدين، على هيئـة احمـرار نقطي وحبيبـات وحويصلات وقشـور. وقد تنتشـر لتصيب الذقن والجبهة والعنق وفروة الرأس. وفي الحـالات الشـديدة قد تصيب سـطح الجــلد كله.
وثمة نوع يدعى أكزيما الأطفــال، و هذه الحالة قد تسـبقها أكزيما الرضع أو يبـدأ المرض في عمر 4 – 5 سـنوات، ويسـتمر ظهوره حتى سـن العاشـرة. وتمر الأكزيما بفـترات نشاط وركود، ويكون هذا النوع من الأكزيما من النوع الجـاف ويصبح الجـلد في المناطق المصابة أكـثر سـمكا، ويصيب مناطق محـددة هي ثنايا الذراع والركبة والمعصمين، كما تصيب جانبي الجفون والعنق وتصاحبها حكة شـديدة في المناطق المصابة، مما يسـاعد على زيادة سـمك الجــلد الذي يؤدي إلى زيادة الحـكة.
ومما يساعد على اسـتمرار هذا النوع أن يتعرض الطفل لمؤثرات تزيـد حالة الأكزيما، كأن يكون حساسا لطعام معين وتستمر الأم في إعطائه هذا الطعام، أو يتعرض لغبار يكون حساسا له باسـتمرار.
أكزيما الكبار
أما عند الكبار فقد تظهر الأكزيما للمرة الأولى، أو ربما يكون المريض مصابا بأكزيما الرضع أو الأطفـال. وتظهر في أي جزء من الجسم، وغالبـا ما تصيب الرقبة والوجه والأجفان والجبهة وظهر القدمين واليدين.
ومن أنواع أكزيما الكبار الأكزيما المحــددة ( البقعية ): وتظهر على شـكل بقع محـددة دائرية أو بيضاوية، وتكون حمراء تغطيها قشـور صمغية أو حبيبات وفقاقيع صغيرة، وتصيب عادة الذراعـين والفخذين.
وهنالك الأكزيما الميكروبية، و هي تفاعل أكزيمـي يحـدث في الجــلدالمجـاور للأكزيما البقعيـة. ومن الأنواع أيضا أكزيما الـدوالي التي تظهر في أسـفل السـاقين لدى المرضى المصابـين بـدوالي الساقين، وقد تحدث من دون وجـود تلك الدوالي. وفي الحـالتين يحتقن الجـلد نتيجة تراكم كميـات من الـدم، وبعـد فـترة يبـدأ حـدوث تغـيرات أكزيميـة في الجــلد ( السـاقيـن ).
ومن الأنواع أيضا أكزيما عسـرة التعرق (بومفولكس)، وهو نوع من الأكزيما المجهولة السبب يأخذ الشكل الحـاد، ويصيب الأصابع وراحة اليدين وأخمص القدمـين، ويظهر على شـكل فقاقيع صغيرة في البداية لعدة أيام، ثم تجف الفقاقيع ويتقشـر الجـلد لتظهر دفعة جـديدة، وهكذا حتى تنتهي فـترة نشـاط المرض التي قد تسـتمر أسـابيع. ويصاحب ظهور الفقاقيع حـكة شـديدة. وأثبتت الأبحـاث الحـديثة عـلاقة (البومفولكس) بالحالة النفسـية.
أما الأكزيما الجـافة فهو نوع من الأكزيما يصيب كبار السـن بالجفـاف؛ وذلك لقلة إفراز الغـدد الدهنيـة في تلك المرحـلة من العمـر. ويزيـد الجفـاف في فصل الشـتاء لاسيما عندما يقل إفراز العرق. ويظهر على الجــلد الجـاف شـقوق سـطحية، يصاحبها احمـرار بسـيط في المناطق المصابة وشعور بالحكة.
وثمة أكزيما تعرف باسم (ربات البيوت). ويعد هذا النوع شائعا بين ربات البيوت، ويصيب اليدين، وينتج من تعرض الجـلد للمواد الكيميائية المتوافرة في المنظفـات على فـترات طويلة. وتبدأ الإصابة بجفـاف جــلد الأصـابع واحمراره، وبعـد ذلك تظهـر القشـور ويتشقق الجـــلد.
الأكزيما الدهنية
من الأنواع الشائعة للأكزيما (الأكزيما الدهنية)، وهي تصيب المناطق المشعرة والغنية بالغدد الدهنية، كفروة الرأس. ويصيب المرض الشباب وحديثي الولادة. وتظهر الأكزيما على شكل بقع حمـراء كبيرة مغطاة بحطاطات حمـراء وقشـور سـميكة وعالقة في فروة الرأس والحاجبين والأجفـان وخلف الأذن
أما أكزيما الثـدي، فتصيب الحلمـة والمنطقة المحيطة بهـا، وهي أكثر حدوثا لدى الإناث خاصة الحوامل والمرضعـات، وتكون عادة على شكل احمـرار تغطيها قشـور صمغيـة، ويتشـقق الجــلد مسـببا آلامـا خاصة عند الرضـاعة.
خطــوات العـــلاج
ينقسـم عـلاج الأكزيما إلى شـقين أسـاسـيين:
-1 تحديد العوامل المسببة بحيث يمكن تجنبهـا: تعد هذه الخطوة أهم الخطوات في العلاج وأصعبها، وهي تتطلب تعاونا بين المريض والطبيب المعالج، وتشـتمل على عدة مراحل تبـدأ بتاريخ المرض ثم فحص الحالة، وتنتهي باختبـارات الحسـاسية التي تحـدد السـبب فقط في حـالات الأكزيما التلامسـية التي تنتج من تلامـس مادة معينـة.
-2 استعمال العلاجات التي تؤدي إلى زوال التغيرات الجـلدية والالتهابات: غالبا ما يركز المريض وبعض الأطباء على الجزء الثاني الخاص بالأدويـة، مع إهمـال الجزء الأول الخاص بتحديد السبب وتجنبه، مما يؤدي إلى اسـتمرار الحالة أو انتكاسـها بعد العـلاج بفترات ربما تكون قصيرة.
والعـلاج الدوائي ينقسـم إلى عـلاج يعطى عن طريق الفـم أو بالحقـن أو عن طريق الدهانات الموضعيـة المباشـرة على مكان الإصابة، مثل الغسـولات والمراهــم.
وهنالك العلاج الجهـازي الذي يشمل الأدوية التي تقلل من الحكة، مثل مضادات الهستامين، وتستعمل المضادات الحيوية في حالة حـدوث مضاعفات للأكزيما في صورة التهابات ميـكروبيــة.
ويعد الكورتيزون من أكثر العقاقير فعالية في عـلاج أكزيما الجـلد، وهو يسـتخدم موضعيا على هيئة مرهم، وينصح بوضع كمية ضئيلة جدا من المرهم على الأمكنة المصابة فقط. وأثبتت التجارب أن اسـتخدام العـلاج الموضعي بهذه الطريقة مرة يوميا له أثر فعال في تحسـن حالة المريض، ولا داعي للقلق من اسـتخدام دهانات الكورتيزون ما دامت تستعمل بطريقة صحيحة.
وقد يضاف القطران إلى بعض العقاقير التي تسـتخدم موضعيا على الجـلد، لكن رائحته ومظهره لا يشـجعان على اسـتعماله، فيقتصر دوره على معالجـة الحــالات الشـديدة في المسـتشفيات.
وفي حالة العــلاج الموضعي تسـتعمل الغسـولات أو المراهـم، ويفضل اسـتخدام الغسـولات في الأكزيما الحـادة والمراهم في الأكزيما المزمنة أو الجـافة، وتعتـبر برمنغنات البوتاسـيوم من أشـهر الغسـولات المسـتخدمة في حـالات الأكزيما.