د.عصام البحوه
شهد العالم تطورات واكتشافات مثيرة في عالم الطب التجميلي في الآونة الأخيرة، ولم يأت ذلك بمحض المصادفة، بل كان تتويجاً لأبحاث متواصلة. وكل يوم يبزغ علينا اكتشاف جديد، فما بالك إذا كانت هذه الأبحاث تحاكي وتدغدغ مشاعر الإنسان، وليس أيّ إنسان، إنَّها الجميلة حواء، التي لا ترغب بأي ثمن في أن يبهت جمالها أو يذهب بريقها.
ويكثر الحديث هذه الأيام عن الحلول الحديثة لمشكلات جمالية عدة، وبخاصة بين السيدات مع تقدمهن في العمر، ومنها مشكلة السيلوليت Cellulite، وتأثيرها السلبي على شكل الجلد، وهو ما دفع الباحثين إلى إيجاد العديد من الوسائل العلاجية. وعلى الرغم من تكبد الراغبين في الحصول على جمال أخاذ الكثير من الأموال، فإنَّ النتائج لم تصل – حتى الآن – إلى حد الرضا التام.
والسيلوليت كلمة مشتقة من خلية (cell)، وتعني تكتل الدهون تحت الجلد، ما يؤدي إلى عدم استوائه، مشكلاً ما يشبه قشرة البرتقال. والسيلوليت يحدث تغييراً في الطبقة الطبوغرافية للجلد لدى معظم الإناث بعد سن البلوغ، ويظهر كتغيير لتضاريس الجلد تتمثل في وجود ندب غائرة، تحدث أساساً عند النساء في منطقة الحوض والطرفين السفليين والبطن، بسبب تجمع طبقة من الدهون تحت الجلد داخل النسيج الضام الليفي، بطريقة تقلل من مرونة الجلد وتؤثر في ملمسه وشكله.
وتختلف درجة السيلوليت من الخفيف إلى الشديد، ولا علاقة لها مباشرة بالسمنة، مع أنها تزداد سوءاً بزيادة الوزن، وتصبح مشكلة تزعج الكثير من السيدات، وتبدأ في الظهور خلال الثلاثينات من العمر، وتصيب نحو %85 من السيدات. ويعتبر السيلوليت من المشكلات التي يصعب التخلص منها بطرق تقليدية، مثل اللجوء إلى نظام غذائي معين أو وضع كريمات خاصة.
وأوضحت منظمة الأغذية والدواء الأمريكية (FDA) أنَّ المستحضرات المعلن عنها لعلاج هذه المشكلة، سواء كانت كريمات أو دهانات أو سوائل أو جوارب، ليس لها تأثير علاجي ملموس، وفي الوقت الحالي يمكن القول إنّه لا يوجد كريم موضعي موثوق علمياً للتخلص من هذه المشكلة.
سبب حدوث السيلوليت
السبب الأساسي لحدوث السيلوليت غير معروف حتى الآن، لكن هناك نظريات قد تفسر السبب في حدوث المشكلة، ومن أهمها:
1 – التقدم في العمر: يعتبر من أهم الأسباب، حيث يبدأ حدوث ضعف تدريجي لشبكة الأنسجة الليفية المدعمة لهيكل الجلد، إضافة إلى انخفاض مستوى هرمون الأستروجين، لذلك تكون المشكلة منتشرة بين النساء.
2 – وجود التهاب موضعي تدريجي في المناطق المصابة، وهو ما يؤدي إلى تراكم السوائل في الأدمة، مما يسمح بتشكيل كتل دهنية بارزة تحته.
3 – ضغط كتل الدهون على الأوعية الدموية.
4 – ترسب البروتين حول الدهون المتجمعة.
5 – التأثير التراكمي لأشعة الشمس، وهو ما يؤدي إلى ضعف مرونة الجلد.
طرق العلاج
منذ سنوات عدة تمت تجربة وسائل مختلفة لعلاج مشكلة السيلوليت، لكن يوجد الآن وسائل طبية طبيعية حديثة للتعامل معها وحلها، ما يؤدي إلى التخلص من الدهون المتجمعة أسفل الجلد مباشرة، واستعادة الجلد مرونته ونعومته. وهذه الوسائل مجتمعة تعطي أفضل النتائج في أقصر وقت ممكن، وهي:
1 – استخدام جهاز متطور يبث موجات كهروبيولوجية عن طريق أقطاب مطاطية توضع على الجلد في المنطقة المراد معالجتها، ويعمل على تنبيه العضلات بطرق منتظمة وبذبذبات محسوبة (تردد منخفض) تعمل على إطلاق مادة النورأدرينالين التي تسهم – في وجود مركبات أخرى وإنزيمات الجسم – في تحويل الدهون إلى مركبات أبسط (أحماض دهنية وغلسرول)، ومن ثمّ، ومع اتباع نظام غذائي، فإنَّ الجسم يحصل على حاجته من الطاقة بسهولة من الأحماض الدهنية، بدلاً من الدهون، وعليه فإنَّ الجزء من الجسم الذي تم تعريضه للجلسة يقل حجم الدهون فيه.
2 – استخدام الجهاز السابق نفسه، مع استخدام قطب خاص يعمل بتردد متوسط ومادة جيلاتينية خاصة توضع على الجلد في المنطقة المراد التخلص من الدهون فيها. يقوم هذا القطب بعد تحريكه على الجلد المشبع بالمادة الجيلاتينية بالعمل على تشربها من الجلد إلى الأنسجة تحت الجلد، وهذه المادة (سيليوزان) تعمل على زيادة مرونة الألياف الكولاجينية وتوسيع الشرايين، مما يؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية موضعياً، ومن ثمّ زيادة الأكسجين المتاح لهذه المنطقة، وهذا يؤدي إلى زيادة حيويتها ويصبح الجلد أكثر نعومة ونضارة.
3 – استخدام الموجات فوق الصوتية ذات التردد العالي (3 ميغاهرتز): يؤدي ذلك إلى إحداث طاقة ميكانيكية وحرارية موضعية، تؤثر في الحبيبات الدهنية الموجودة داخل الخلايا، مما يساعد على إذابتها، ولاسيما الدهون الموجودة أسفل الجلد مباشرة.
4 – حقن الأوزون: ويتم ذلك بحقن خليط من الأوزون الطبي والأكسجين بإبر دقيقة غير مؤلمة تحت الجلد.
وحقن الأوزون يؤدي إلى:
• أكسدة المواد الدهنية (لأنَّه عامل مؤكسد قوي) إلى مركبات بسيطة.
• تنشيط الدورة الدموية وتحفيز التمثيل الغذائي، ما يؤدي إلى حرق الدهون والمساعدة على التخلص منها، عن طريق الدورة الدموية.
• زيادة نسبة الأكسجين في الخلايا وبالتالي زيادة كفاءتها، فتصبح الألياف أكثر مرونة والجلد أكثر نضارة، ما يؤدي إلى عودة شكل الجلد إلى طبيعته في المنطقة التي تم فيها إذابة الدهون.
5 – سونا الأوزون: وهي غرفة فردية يدخل فيها الشخص ويطلق داخلها بخار الماء عند درجة حرارة 40 مئوية، مع خليط من غازي الأكسجين والأوزون، ويتم العلاج من خلال تشرب الجلد للغازين المذكورين، ويتعامل هذا النوع من العلاج مع الجسم بصفة عامة ومع الجلد بصفة خاصة، وبالنسبة للجسم فالأوزون يزيد من نسبة الأكسجين المتاحة لأعضاء الجسم وخلاياه، وبالتالي زيادة الطاقة، ومن ثمَّ زيادة قدرة وأداء جميع أجهزة الجسم إلى الوضع الأمثل، وفي الوقت نفسه تنشيط الدورة الدموية وتقليل الإجهاد والإنهاك والتوتر الذي يؤثر سلباً على وظائف الجسم، والمحصلة في النهاية هي زيادة الحيوية للجسم واستعادة نضارة الجلد.
أمَّا بالنسبة للجلد فإنَّ تشرب غاز الأوزون الطبي من الجلد، يؤدي إلى زيادة مرونته وزيادة مرونة مادة الكولاجين الطبيعية وأكسدة الدهون تحت الجلد تمهيداً للتخلص منها عن طريق الدورة الدموية.
6 – ممارسة الرياضة والتدليك: الرياضة والحمية هما أرخص وأفضل طريقة موجودة حتى الآن للعلاج، ولابد من الالتزام بممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم (20 دقيقة في اليوم بمعدل ثلاثة أيام أسبوعياً)، ويفضل ممارسة أنواع الرياضة الهوائية مثل السباحة والتنس والمشي مع الإقلال من تناول الدهون، كما أنَّ أجهزة التدليك قد تعطي مفعولاً إيجابياً بعد فترة من الزمن.
البوتوكس وتقنية لافيف
منذ عدة سنوات بزغ فجر جديد باكتشاف جديد يبطئ من تأثير عوامل الزمن على ملامح الجمال، متمثلاً في البوتوكس القادر على محو التجاعيد في محيط العينين والجبين عن طريق المصادفة، على إثر معالجة مريضة من تشنج عصبي للعين من قبل الطبيبة جين كاروثرز في أوائل التسعينيات. وبعد فترة لاحظت المريضة أن التجاعيد بين عينيها قد اختفت تاركة شعوراً بالخدر مكانها. وشعر زوج الطبيبة، وهو طبيب متخصص بالأمراض الجلدية بالفضول، فدرس الكيفية التي يمكن بها استخدام البوتوكس في مختلف العمليات التجميلية. ثم وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استعماله في مطلع عام 2002 في مضمار الطب التجميليّ.
وبعد عشر سنوات حدث اكتشاف جديد ليطيح بعرش البوتوكس، وليعلن عن علاج جديد لمشكلات البشرة والتجاعيد والشيخوخة المبكرة؛ إنها تقنية لافيف LaViv التي وافقت على استعمالها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في 21 يونيو 2011.
وتعتمد تقنية لافيف على استخدام الخلايا الليفية، الفايبروبلاست، التي تنتج الكولاجين والإيلاستين وحمض الهيالورونيك، وذلك للحصول على نتيجة جيدة وواضحة في علاج التجاعيد وشد البشرة. وبدأت هذه التقنية تشهد انتشاراً كبيراً خصوصاً أن مفعولها سريع وجيد.
الخلايا الليفية
في البداية تُستخرج الخلايا الليفية من خلف أذن المريض على يد طبيب، لأنّ منطقة خلف الأذن تكون أقل مناطق الجلد عرضة وتأثراً بالعناصر التي تتسبب بالشيخوخة، وأكثر مقاومة لعلامات تقدم سن البشرة. بعد ذلك تُستخرج الخلايا الليفية، وتُرسل إلى المختبرات المتخصصة للشركة المنتجة لإنتاج عشرات الملايين من خلايا البشرة الجديدة المماثلة. ثم في مرحلة ثانية يعاد إرسال الخلايا التي تم إنتاجها إلى الطبيب المعالج لتبدأ عملية علاج التجاعيد وتجميل البشرة.
وليس لهذه التقنية آثار جانبية خطيرة، بل قد يقتصر الأمر على حالات بسيطة كالاحمرار والانتفاخ والقليل من الألم الذي يمكن تحمّله. أما فيما يخص التكلفة فهي أغلى من البوتوكس؛ بدأت هذه التقنية تشهد انتشاراً لدى أطباء التجميل فقط.
واللافيف LaViv عبارة عن خلايا ليفية ناتجة عن زراعة عينة من خلايا خلف الأذن في محلول Dulbeccos Modified Eagles Medium (DMEM) خال من الفينول الأحمر وبيروفات الصوديوم. يحتوي على الغلوكوز والغلوتامين، وحامض الهيدروكسي إيثيل بيبرازين إيثان سلفونيك.
تزرع هذه الخلايا الجلدية في ضوء معايير تعقيم عالية ودقيقة حتى يتم الحصول على كمية كافية لثلاث جرعات تفي بالغرض لثلاثة أشهر. ثمَّ تحفظ هذه الخلايا في محلول خال من البروتين يحتوي على ثنائي ميثيل سلفوكسي. وعندما يتم إدخال المريض ووضعه تحت جدول زمني، يتم غسل الخلايا وإذابتها وشحنها إلى العيادة التي سيعالج فيها المريض.
يستخدم اللافيف في علاج التجاعيد أو الطيات الأنفية الشفوية التي تمتد من كل جانب من الأنف إلى زاوية الفم المقابلة له.
عملية التحضير
يتم تحضير الخلايا المستزرعة في المختبر الخاص في عبوتين، كل واحدة تحتوي على 18 مليون خلية في 1.2 مليلتر، ويتم تغليف العبوتين معاً في حقيبة معدة خصيصاً للشحن إلى العيادة في درجة حرارة 8-2 مئوية. وعملية استزراع الخلايا تحتاج إلى ما يراوح بين 11و22 أسبوعاً من تاريخ تسلم العينة. >