د. أحمد عبد الحميد
في مناسبات كثيرة كل عام، تطل علينا المؤسسات العلمية والأكاديمية لتعلن أسماء الفائزين بجوائزها المختلفة في مجالات العلوم التطبيقية، تقديراً للتميز العلمي لأصحابها، وتشجيعاً للباحثين على العطاء المتواصل في خدمة البشرية. وتتنوع مجالات تلك الجوائز لتشمل الصحة والبيئة والفيزياء والرياضيات والفلك والكيمياء والطاقات المتجددة والتكنولوجيا والنبات والحيوان، وغيرها من المجالات العلمية التي يتخصص فيها باحثون نذروا أنفسهم لتحقيق إنجازات علمية فيها تساهم في التطور العلمي والحضاري. وعلى الرغم من تفاوت أهمية تلك الجوائز وسمعتها، فإنّ الشهرة العالمية ذهبت إلى جوائز نوبل لأمور عدة، لعل في مقدمتها قدمها التاريخي، والمجالات المتنوعة التي تمنحها، والمبلغ المادي المخصص لها، وإجراءات التقييم التي تخضع لها، والتغطية الإعلامية الواسعة لها. وسنتناول في هذه المقالة عدداً من الجوائز العلمية العالمية.
نوبل.. المؤسس والاستمرار
تمنح جائزة نوبل في العاشر من ديسمبر من كل عام لمن ينجز أبحاثاً متميزة، أو لمن يبتكر تقنيات جديدة أو يقدم خدمات اجتماعية نبيلة، وتقدر قيمتها بنحو 25.1 مليون دولار. وفاز بها عدد من العلماء والمثقفين والسياسيين العرب، منهم الدكتور أحمد زويل، والأديب نجيب محفوظ، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والناشطة السياسية اليمنية توكل كرمان. وتضم لجان الجوائز باحثين ومتخصصين من جهات عدة؛ فلجنة جوائز علوم النبات والطب تضم 50 عضواً من معهد كارولينسيكا، و50 آخرين من الأكاديمية السويدية، أمَّا لجنة الكيمياء والفيزياء فتضم 300 عضو من أكاديمية العلوم السويدية، في حين يشرف على جائزة السلام المعهد النرويجي الذي يحدد خمسة أعضاء للجنتها يتم اختيارهم من معاهد مختلفة. وتجتمع هذه اللجان كل عام للنظر في تقارير المنظمات ودراسة مقترحاتها وتوصياتها للبت فيها.
وتأسست جائزة نوبل عام 1895 على يد الصناعي السويدي ومخترع الديناميت ألفريد نوبل. وكانت تمنح في الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام بدءاً من عام 1901. ثم بدأ منح جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1969. وعلى الرغم من تمتع جائزة نوبل للسلام بسمعة اجتماعية عالمية فإنها كثيراً ما تثير جدلاً سياسياً.
ومقارنة بالجوائز الأخرى تعتبر عملية الترشيح لنيل جائزة نوبل طويلة ومعقدة، وهو أحد أسباب ذيوع شهرتها؛ ففي المرحلة الأولى يطلب من عدة آلاف من الأشخاص ترشيح مؤهلين للحصول على الجائزة، حيث يتم التقصي عن هذه الأسماء ومناقشتها من قبل اللجان المختصة حتى التوصل إلى أسماء الفائزين النهائيين. وفي عام 2013 منحت نوبل جائزتها في الطب للأمريكيين جيمس روثمان وراندي شيكمان والألماني توماس سودوف مكافأة لهم على اكتشافاتهم المتعلقة بنظام النقل داخل الخلايا، حيث تنقل الجزيئات إلى المكان المناسب في الخلية وفي الوقت المناسب. ورأت لجنة الجوائز أن اكتشافات العلماء الثلاثة ساهمت في تقديم توضيحات عن بعض الأمراض العصبية وأمراض المناعة ومرض السكري.
أما جائزة نوبل للكيمياء فقد تقاسمها ثلاثة أمريكيين هم مارتين كاربلوس ومايكل ليفيت وآرئيل وارشل، لتطويرهم نماذج متعددة النطاقات لأنظمة كيميائية معقدة، وإرساء أساس واضح للبرامج المستخدمة في فهم العمليات الكيميائية والتنبؤ بها. وفاز بجائزة نوبل للفيزياء البريطاني بيتر هيغز، والبلجيكي فرانسوا إنغلرت، تقديراً لجهودهما في تأكيد نظرية (هيغز بوزون) أو جسيم هيغز. وفي الستينيات من القرن العشرين، كان هذان العالمان من بين مجموعة من علماء الفيزياء الذين طرحوا آلية لتفسير السبب في وجود كتلة لجسيمات البناء الأولية للكون. وذهبت جائزة نوبل للاقتصاد لثلاثة أمريكيين هم يوجين فاما ولارس بيتر هانسن وروبرت شيلر تكريماً لأعمالهم حول الأسواق المالية؛ إذ وضعوا أسس المفاهيم الحالية لأسعار الأصول. وفازت الكندية أليس مونرو بجائزة نوبل للآداب، لتكون بذلك أول كندية تفوز بهذه الجائزة المرموقة.
أمَّاجائزة نوبل للسلام فقد فازت بها (منظمة حظر الأسلحة الكيميائية) لدورها في مجال تطبيق ميثاق حظر الأسلحة الكيميائية الذي تم إبرامه عام 1997 ويضم 190 دولة، ولاسيما جهودها في نزع الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ميدالية المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي
تعد هذه الميدالية التي يقدمها المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي منذ سنة 1954 أعلى وسام علمي في فرنسا، وهي تكافئ العلماء الذين قدموا مساهمات بارزة في مجال البحث العلمي.
جائزة آبيل
وهي جائزة دولية تمنحها سنوياً الأكاديمية النرويجية للعلوم، وقد استمدت اسمها من اسم العالم النرويجي نيلس هنريك آبيل. منحت الجائزة للمرة الأولى في عام 2002 بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد نيلس آبيل، وتعد من أكبر الجوائز التي تمنح في حقل الرياضيات بقيمتها المالية التي تبلغ حالياً نحو مليون دولار.
في خطوة تستهدف تعزيز النبوغ والتميز في أوساط مؤسسات تدريب العلوم والتكنولوجيا وأبحاثها وتطويرها في الدول الإسلامية، أطلق البنك الإسلامي للتنمية عام 2001 مبادرة تحت اسم (جوائز البنك الإسلامي للتنمية في العلوم والتكنولوجيا).
وتستهدف تلك الجوائز:
– تعزيز المنافسة الشريفة والمثمرة بين المؤسسات التعليمية والبحثية في مجالات العلوم والتكنولوجيا في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي لتحقيق التميز.
– تشجيع ودعم المؤسسات الناجحة التي تبرز نتيجة لهذه المنافسة.
– رفع مستوى الوعي لدى متخذي القرار والمفكرين، بشأن مساهمات العلوم والتكنولوجيا الحاضرة والممكنة في تحقيق التنمية المستدامة.
– تأكيد سياسات البنك ومساهماته المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا.
وسام فيلدز
يعد وسام فيلدز (الميدالية الدولية للاكتشافات فائقة التميز في الرياضيات)، الجائزة الأكثر أهمية على مستوى العالم في حقل الرياضيات، وتعد بهذا الصدد نظيرة لجائزة نوبل. وتأسست الجائزة بناء على طلب من عالم الرياضيات الكندي جون تشارلز فيلدز، وتمنح منذ عام 1936 للباحثين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، وذلك مرة كل أربع سنوات بعد اجتماع يضم نخبة من علماء الرياضيات من العالم. وكان لفيلدز دور مهم في تقديم هذه الجائزة، وتصميم الميدالية نفسها التي تقدم للفائزين، وكذلك تمويل الجزء المالي منها الذي يبلغ حالياً نحو 15 ألف دولار كندي. وتهدف الجائزة إلى تقديم الدعم إلى الباحثين الشباب الذين قدموا مساهمات يعتد بها في مجال الرياضيات.
جائزة الألفية للتكنولوجيا
هي جائزة تقدمها مؤسسة جائزة التكنولوجيا الفنلندية في هلسنكي، وتبلغ قيمتها مليون يورو.
ويتم تقديم الجائزة للمخترعين والمبدعين في مجالات شتى تشمل الصحة والاتصالات والمعلومات والطاقة والبيئة، والمواد الجديدة وطرق المعالجة المستحدثة.
ومن أهم شروط منح الجائزة هو مساهمة الاختراع في تحسين حياة البشر بشكل مباشر.
جائزة لويزا غروس هورويتز
هي جائزة سنوية مخصصة لعلم الأحياء أو الكيمياء الحيوية، تمنحها جامعة كولومبيا الأمريكية لباحث أو مجموعة من الباحثين حققوا إنجازات بارزة في الأبحاث الأساسية في مجالي علم الأحياء أو الكيمياء الحيوية.
وقد تأسست الجائزة بناء على وصية من العالم س. غروس هورويتز، وسميت به تكريماً لاسم أمه، ومُنحت الجائزة لأول مرة سنة 1967.
وثمة عدد كبير من الفائزين بهذه الجائزة ممن حصلوا على جائزة نوبل بعد حصولهم على تلك الجائزة، وهي بذلك تعد واحدة من الجوائز التي تبشر الحاصلين عليها بنيل جائزة نوبل.
تُمنح لأصحاب الإنجازات الاستثنائية في مجال الفيزياء النظرية، وتقدمها سنوياً الجمعية الفيزيائية الألمانية التي تعد أكبر منظمة للفيزيائيين في العالم.
وقدمت الجائزة للمرة الأولى عام 1929، وحصل عليها الفيزيائيان الشهيران ماكس بلانك وألبرت آينشتين، ثم الفيزيائي الشهير نيلز بور عام 1930. وحصل عليها عام 2013 ويرنر نام.
جائزة كالينغا لتبسيط العلوم
هي جائزة تقدم إلى شخص يمارس مهنة متميزة ككاتب، أو محرر، أو محاضر، أو مدير برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو منتج فيلم، ساهم في تقريب العلوم أو البحوث أو التكنولوجيا من مدارك الجمهور العريض.
جائزة لوريال- اليونسكو للنساء في مجال العلوم
في كل عام يقوم برنامج لوريال – اليونسكو للنساء في مجال العلوم بتسليط الضوء على الجهود العلمية المتميزة ويُشجع المواهب، وذلك من خلال:
< جوائز لوريال – اليونسكو للنساء في مجال العلوم، التي تُمنح سنوياً لخمس اختصاصيات متفوقات في العلوم، تنتمي كل واحدة منهن إلى قارة، بناءً على إنجازاتهن في الأبحاث العلمية، وقوة التزامهن وتأثيرهن في المجتمع.
< المنَح الدولية المشتركة بين اليونسكو ولوريال.
< المنَح الوطنية التي تقدمها مؤسسة لوريال.
جائزة السلطان قابوس لحفظ البيئة
يتمثل غرض هذه الجائزة في تكريم أفراد، أو مجموعات أفراد، أو مؤسسات أو منظمات ساهمت مساهمة بارزة في الحفاظ على البيئة، وذلك بما يتماشى مع سياسات اليونسكو وأهدافها. وتُمنح هذه الجائزة كل سنتين.
جائزة اليونسكو- غينيا الاستوائية الدولية للأبحاث في مجال علوم الحياة
تمُنح جائزة اليونسكو- غينيا الاستوائية الدولية لمكافأة الأبحاث العلمية التي يضطلع بها أفراد أو مؤسسات أو منظمات وتفضي إلى تحسين نوعية حياة البشر.
قلادة بريستلي
تعد هذه الجائزة أرفع تكريم تمنحه الجمعية الكيميائية الأمريكية لأصحاب الإنجازات المتميزة في عالم الكيمياء. وقد تأسست سنة 1922، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى العالم البريطاني الأصل جوزيف بريستلي، مكتشف الأكسجين، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1794. وتمنح القلادة للعلماء الذين قدموا انجازات متميزة خلال مسيرتهم العلمية. وكانت بدءاً من سنة 1928 تمنح كل ثلاث سنوات، وظل هذا الأمر سارياً حتى سنة 1944، حين أصبحت القلادة تمنح سنوياً. وقد فاز بها من العرب أحمد زويل عام 2011، وإلياس خوري عام 2004. وفي عام 2013 فاز بها بيتر ستانغ.
قلادة العلوم الوطنية
هي وسام أمريكي يمنحه رئيس الولايات المتحدة كل عام للعلماء والمهندسين الذين يحققون إنجازات متميزة في تطور المعرفة في مجالات العلوم السلوكية والاجتماعية وعلوم الأحياء والكيمياء والهندسة والرياضيات والفيزياء. وتختار المرشحين للجائزة لجنة رئاسية تضم 12 عضواً وتديرها مؤسسة العلوم الوطنية NSF. ويعد الدكتور مصطفى السيد الذي حصل على القلادة سنة 2007 أول عالم عربي يحصل على هذا الوسام في الولايات المتحدة، وذلك تقديراً لمساهماته في فهم الخصائص الإلكترونية والبصرية للمواد النانوية وتطبيقها في التحفيز النانوي والطب النانوي، ولجهوده الإنسانية للتبادل بين الدول، ودوره في تطوير قيادات علوم المستقبل.