د. محمد عبد القادر الفقي
يمثل تاريخ الذرة قصة حلم عاشه الإنسان منذ قرون، وما يزال يفكر في تفسير رموزه إلى الآن. وأقدم الوثائق التي وصلت إلينا تنقل عن الفيلسوف الهندي أشاريا كندا قوله إن كل مادة يجب أن تتكون من جزيئات غير قابلة للتجزئة، وسماها (أنيو) أي: الذرة. وقال أتباعه إن الذرة هي الجسيم الأكثر دقة وصغراً، وإنه ليس لها شكل ولا ثقل إذا كانت بمفردها، لكنها عندما تحل بالروح تكثفها وتثقلها. وفي عام 430 ق.م. افترض اليوناني ديمقريطس أن كل مادة تتألف من أجزاء دقيقة غير مرئية وغير قابلة للتجزئة تسمى: (أتوموس)، أي الذرة. غير أن هذا الافتراض بقي عبر عدة قرون غير قابل للاختبار التجريبي، لذلك رفضه كثير من العلماء. واستمر الأمر حتى العصر الحديث، حين راجع العلماء مفهوم الذرة علميّاً بناءً على تجارب أجروها في هذا الشأن.
بدايات تاريخية
في عام 79م تقريبا، استخدم صانعو الفخار الأوروبيون أكسيد اليورانيوم لصبغ أشغالهم الخزفية بلون أصفر لامع. وقد عُثر على زجاج أصفر يحوي أكسيد اليورانيوم في فيلا رومانية بمنطقة كيب بوسيليبو في خليج نابولي عام 1912. ومع ذلك، بقيت خصائص اليورانيوم مجهولة لعدة قرون، إلى أن اكتشفها هنري بيكريل مصادفة في عام 1896، أثناء إجرائه تجارب على التألق الضوئي والوميض الفسفوري. فعند وضعه بعض اللوحات الفوتوغرافية المغلفة في درْج مظلم، بجانب بعض البلورات التي تحتوي على اليورانيوم، تعرضت هذه اللوحات لانبعاثات غير مرئية من اليورانيوم. وهكذا عرف بيكريل أن ثمة إشعاعاً متصلاً ينبعث من اليورانيوم بصورة ثابتة لا تنقطع في أي ظرف، والأهم أنه ليس نتيجة لأي علة خارجية، فهو عملية تفكك تلقائي للذرات دون أي شرط محدد، وأن هذا ليس مقتصرا على اليورانيوم، بل يشمل سائر المواد المشعة. وأطلقت ماري كوري على اكتشاف بيكريل اسم: (النشاط الإشعاعي). وكانت ماري قد بحثت مع زوجها بيير كوري خصائص اليورانيوم، واكتشفا مواد مشعة أخرى مثل البولونيوم والراديوم.
اكتشاف بنية الذرة
بين عامي 1838 و1851 طور عالم الطبيعيات ريتشارد لامنغ فكرة مفادها أن الذرة تتكون من نواة مادة محاطة بجزيئات دون ذرية تكوّن وحدة الشحنات الكهربائية. وأدى ذلك إلى اكتشاف الإلكترون. وفي عام 1894 قّدم الفيزيائي جورج ستوني اسم الإلكترون. وفي عام 1897 عرّف جوزيف طومسون الإلكترون بأنه جسيم. وكان هذا العالم قد درس أشعة المهبط (الكاثود)، وتبين له أنها مجرد تدفق الإلكترونات حاملة الشحنات الأحادية السالبة. وبذلك تمكن عمليّاً من اكتشاف الإلكترون الذي أظهر أن الذرة قابلة للقسمة.
وقبل اكتشاف البروتون والنيوترون، وضع طومسون نموذجا لتركيب الذرة مفاده أن الذرة كرة متجانسة من شحنة كهربائية
موجبة تسبح فيها شحنات سالبة هي الإلكترونات.
وبحلول عام 1900، عرف الفيزيائيون أن الذرة تحتوي على كميات كبيرة من الطاقة. ويأتي في مقدمة هؤلاء: إرنست رذرفورد، الأب الفعلي للعلوم النووية. ففي عام 1904 كتب: “حينما سيكون بإمكاننا أن نتحكم في معدل تفكك العناصر المشعة، فعندئذ يمكننا أن نحصل على كمية هائلة من الطاقة من كمية صغيرة من المادة المشعة”. وبعد عام واحد، وضع ألبرت آينشتاين الصيغة الرياضية لنظريته حول العلاقة بين الكتلة والطاقة، وهي: E=mc2، أي إن الطاقة تساوي حاصل ضرب الكتلة في مربع سرعة الضوء.
وفي عام 1911 أثبت إرنست رذرفورد خطأ التصور الذي وضعه طومسون عن بنية الذرة. فقد سلط حزمة من دقائق ألفا (جسيمات من مصدر مشع) على شريحة رقيقة من الذهب. وحسب مفهوم طومسون كان يفترض أن تتوقف دقائق ألفا أو تنعكس ولا تخترق تلك الشريحة. لكن العكس هو ما حدث، فقد اخترقت معظم الدقائق الذهب دون إعاقة، وكأن معظم مساحة الشريحة الرقيقة فراغ. وتشتتت بعض الدقائق بزوايا كبيرة، وانعكس بعضها فقط قريبا من مصدر ألفا، مما حدا برذرفورد إلى الاعتقاد أن الشحنة الموجبة التي افترضها طومسون لا تعدو أن تكون سوى كتلة صغيرة جدّاً في الذرة وليست موزعة على أنحائها كافة. وهكذا توصل رذرفورد إلى أن الذرة تحتوي على نواة موجبة الشحنة صغيرة الكتلة ولكنها ثقيلة وتقع في وسط الذرة. وتقدر هذه الكتلة بنحو 99.9% من كتلة الذرة. أما الإلكترونات فتتحرك على مسافات بعيدة عن النواة بسرعات عالية تمنعها من التجاذب معها. ويعني هذا أن معظم الذرة فراغ. وأضاف رذرفورد إن الإلكترونات تدور في أفلاك حول النواة كما تدور الكواكب حول الشمس.
غير أن نظرية رذرفورد لم تستطع الإجابة عن بعض المعضلات التي كانت تكتنف حركة الإلكترونات. فعندما يدور الإلكترون في فلك حول النواة، ينبغي أن يفقد طاقته شيئاً فشيئاً بسبب فقدانه طاقة أثناء الدوران، ويفترض أن يقل نصف قطر دورانه شيئا فشيئا إلى أن يدرك النواة، أو أن ينجذب إليها بخط مستقيم طبقاً لقوانين كولوم الإلكتروستاتيكية. لكن الحالة الفعلية لا هذا ولا ذاك، إذ يبقى الإلكترون يدور حول النواة.
الإفادة من ميكانيكا الكم
نجح العالم الدنماركي نيلز بور في الإسهام في حل هذه المعضلات، مستفيدا في ذلك من إنجازات العلم الجديد (ميكانيكا الكم) الذي وضع لبناته الأولى عالم الفيزياء ماكس بلانك. ففي عام 1913م طرح بور نظريته حول بنية الذرة، وقال إن هناك مدارات منفصلة عن النواة ومحددة يتحرك الإلكترون فيها، وإن الإلكترون المتحرك لا يشع (أي لا يفقد) أي طاقة أثناء دورانه الاعتيادي في هذه المدارات، وإن الطاقة المنبعثة من الإلكترونات ذات قيم محددة. وذكر أيضا أن الإلكترون يبعث الطاقة عندما يهبط من مدار عال إلى آخر منخفض، ويمتص طاقة في حالة القفز من مدار منخفض إلى مدار أعلى منه. وأكد أن نموذج الذرة عند رذرفورد ينبغي أن يرتبط بكوانتم الطاقة عند ماكس بلانك. وأدت إنجازاته في فيزياء الأطياف إلى توحيد بنية الذرة والإشعاع.
وأسهمت التجارب التي أجراها هنري موزلي وجيمس فرانك وغوستاف هرتس وغيرهم، بداية من عام 1914، في فهمنا لتكوين الذرة من نواة كثيفة تضم نيوترونات متعادلة الشحنة وبروتونات ذات شحنة موجبة، وتحيط بالنواة إلكترونات أقل كتلة مشحونة بكهرباء سالبة. وفي السنوات التالية وحتى عام 1925، نجحت بحوث العلماء في (ميكانيكا الكم) في دعم وتطوير نظرية بور، بحيث تقدم تفسيراً للتركيب الذري لكل عنصر على حدة. ففي عام 1917م أعلن لويس دي بروي أن الضوء مكون من جسيمات ومن موجات، ولأول مرة نقل هذه الفكرة إلى ذرات المادة، فأصبح كل جسيم صغير من المادة (بما في ذلك الإلكترون) مقترناً بموجة، وأصبحت طبيعة كل من الضوء والمادة جسيمية وموجية في آن واحد. وبذلك لم يعد ثمة تعارض بين المادة والطاقة، أو الذرة والإشعاع.
اكتشاف الانشطار النووي
في عام 1934، أجرى الفيزيائي إنريكو فيرمي سلسلة من التجارب، أثبت فيها أن النيوترونات قد تشطر أنواعا كثيرة من الذرات. وفي عام 1938، أطلق العالمان الألمانيان أوتو هان وفريتز ستراسمان النيوترونات على اليورانيوم (عدده الذري 92) من مصدر يحتوي على عنصري الراديوم والبريليوم، مما تسبب في انقسام النواة وإطلاق الطاقة.
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، تسابقت الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا لتصنيع أول قنبلة ذرية. ونتيجة لذلك، أطلقت الأولى برنامجا بحثيا ضخما لإنتاج هذه القنبلة هو: مشروع مانهاتن، وذلك تحت إدارة ليزلي غروفز وعالم الفيزياء روبرت أوبنهايمر.
وفي عام 1941، اقترح فيرمي وزميله ليو سزيلارد تصميماً لمفاعل يتم فيه إجراء تفاعل متسلسل مستمر لليورانيوم. وكان نموذجهما يعتمد على وضع اليورانيوم في كومة من الغرافيت لصنع إطار شبيه بالمكعب من المواد القابلة للانشطار. وفي نوفمبر 1942، بدأ العمل في بناء أول مفاعل نووي في العالم، وهو مفاعل (كومة شيكاغو الأولى). وشُيِّد ذلك المفاعل على أرضية ملعب للاسكواش تحت الاستاد الرياضي لجامعة شيكاغو. وإضافة إلى اليورانيوم والغرافيت، احتوى ذلك المفاعل على قضبان تحكّم من الكادميوم لضبط التفاعل. ومن المعروف أن معدن الكادميوم يمتص النيوترونات. وعند وضع هذه القضبان في المفاعل، كان هناك عدد أقل من النيوترونات لحدوث انشطار لذرات اليورانيوم. ومن شأن ذلك أن يبطئ التفاعل المتسلسل لليورانيوم. وعندما تم سحب القضبان، كان هناك المزيد من النيوترونات لشطر تلك الذرات، ومن ثم يتسارع التفاعل المتسلسل. وفي 2 ديسمبر 1942، كان العلماء على استعداد لاختبار كومة شيكاغو الأولى. وقد أمر فيرمي بسحب قضبان التحكم من المفاعل لبضع بوصات في وقت واحد خلال الساعات القليلة المقبلة. وأخيراً، وفي الساعة
25:3 مساءً من اليوم نفسه، حدث التفاعل النووي، وأصبح مستمراً بذاته، ومن ثم دخل العالم رسمياً العصر النووي. وعقب ذلك، صنع فريق من العلماء بقيادة أوبنهايمر أول قنبلة نووية في لوس ألاموس بولاية نيو مكسيكو الأمريكية. وتم إنشاء مواقع لإنتاج اليورانيوم المكرر والبلوتونيوم. وكانت نتيجة هذا النشاط هي صنع القنبلتين الذريتين اللتين أُسقطتا على هيروشيما وناغازاكي عام 1945.
العصر النووي
ألقت الآثار المدمرة للقنابل النووية بظلال مخيفة على حقبة جديدة من السلام والازدهار. وازداد هذا الخوف نتيجة انتشار الأسرار النووية إلى روسيا والصين، والجنون العدائي للشيوعية، وتوترات الحرب الباردة. وكانت السرية في الواقع هي الطابع المميز للمشروعات النووية العسكرية، فقد صنعت حكومة كليمنت أتلي العمالية في المملكة المتحدة (1945-1951) أول قنبلة ذرية بريطانية دون إبلاغ البرلمان أو الحصول على موافقته. وشهدت خمسينيات القرن العشرين إجراء مزيد من الاختبارات على القنابل الذرية وانتشارها واختراع القنبلة الهيدروجينية التي طورها إدوارد تيلر من مبدأ الاندماج النووي. وكان هناك تطوران عسكريان لهما آثار مهمة على توليد الطاقة هما: الغواصة النووية وحاملة الطائرات النووية. فكلاهما يستخدم مفاعل الماء المضغوط (PWR)، الذي أصبح أكثر أنواع المفاعلات استخداماً في الطاقة النووية المدنية.
ووقتذاك، أكد كثير من الباحثين أنه إذا كان بالإمكان إنتاج تفاعل نووي متسلسل مستدام ذاتيا بشكل اقتصاديّ، فإن الانصهار النووي سيكون مصدراً واعداً لطاقة نظيفة وآمنة وغير محدودة.
ولادة الطاقة النووية
في عام 1953، ألقى الرئيس الأمريكي أيزنهاور خطاباً أمام الأمم المتحدة عن “الذرة من أجل السلام”، داعيا إلى تعاون دولي في تطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وطور الاتحاد السوفييتي مفاعلا من نوع RBMK، وهو مفاعل قوي جداً يتم التحكم فيه باستخدام الغرافيت وتبريده بواسطة الماء، أما وقوده فهو اليورانيوم الطبيعي. وفي عام 1954، ربطت محطة توليد الطاقة من هذا النوع بشبكة الطاقة السوفييتية في أوبنينسك، التي تُعَدُّ أول محطة للطاقة النووية في العالم مصممة للاستخدام التجاري. وكان المفاعل الذي انفجر في تشيرنوبيل في عام 1986 من هذا النوع.
ودخلت كندا في السباق النووي بسبب وفرة إمدادات اليورانيوم فيها. ومنذ البداية، كانت الصناعة النووية الكندية تتميز باستخدام الماء الثقيل، وهو مزيج من الديوتيريوم والأكسجين. ونتيجة لذلك بنيت مفاعلات مختلفة باستخدام الماء الثقيل، مثل مفاعل بحوث الماء الثقيل الذي أنشئ في أونتاريو.
وفي عام 1952، أنشئت شركة الطاقة الذرية الكندية المحدودة لكي تتولى مسؤولية تطوير التطبيقات السلمية للطاقة النووية. وفي عام 1954 اضطلعت هيئة الطاقة الذرية البريطانية بالإشراف على تطوير التكنولوجيا النووية. وبعد عامين تم توصيل محطة كهرباء في (كالدر هول) بكمبريا بشبكة الكهرباء الوطنية. وكان المفاعلان النوويان في كالدر هول نموذجين أوليّين لمفاعل ماغنوكس Magnox الذي يُبرد بالغاز. وتحتوي المفاعلات من النوع (ماغنوكس) على مهدئ من الغرافيت Graphite Moderator لإبطاء النيوترونات التي تساعد على توليد الكهرباء، ويستخدم ثنائي أكسيد الكربون المضغوط كمبرد. وفي عام 1957، بدأت شركة (دوكويسن لايت) بتشغيل أول محطة كبرى للطاقة النووية في الولايات المتحدة الأمريكية في (شبنغبورت) بولاية بنسلفانيا. وفي عام 1964، استُخدم مفاعل التبريد الغازي التقدمي (AGR)، وبُنيت سبع محطات طاقة باستخدام مفاعلين من النوع الأخير.
الاستخدام السلمي للطاقة النووية
يعد استخدام الطاقة النووية في محطات توليد الطاقة الكهربائية أحد أبرز مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وترتبط عدة مشروعات لتحلية مياه البحر بالطاقة النووية، وفكرة استخدام المفاعلات النووية كمصدر لتحلية مياه البحر كانت محل دراسة وتحليل منذ منتصف الستينيات. وخلال العقود السبعة الماضية، دخلت الذرة مجال الطب، وشاع استخدام الإشعاع النووي في تشخيص الأمراض والفحص الطبي والتصوير باستخدام النظائر المشعة. كما شاع استخدام الطاقة النووية في العديد من الصناعات المتقدمة.
وتشمل التطبيقات الأخرى: كواشف الدخان، والكشف عن التسريبات والعيوب في عمليات اللحام، والتنقيب عن المعادن والبترول، وحفظ الأغذية، والغواصات، وحاملات الطائرات، وكسارات الجليد، والمركبات الفضائية.
الجيل الثالث
على الرغم من النكسات التي حدثت للصناعة النووية في عقدي الثمانينيات والتسعينيات (بسبب حوادث انفجارات بعض المفاعلات مثل مفاعل ثري مايل أيلاند، ومفاعل تشيرنوبل)، فإن الطاقة النووية لم تختف مطلقاً. وعلى العكس من ذلك، خلال التسعينيات طُور جيل ثالث من تصاميم المفاعلات الجديدة، مثل مفاعل جنرال إلكتريك المتقدم للمياه الساخنة (ABWR)، ومفاعل ويستنغهاوس 80+ المتقدم للماء المضغوط (APWR)، ومفاعل ويستنغهاوس AP600. وفي كندا، طورت شركة الطاقة الذرية الكندية المحدودة مفاعل كاندو المتقدم (ACR). وفي أوروبا تعاونت شركة (فرام أتوم) وسيمنز لتطوير مفاعل الماء المضغوط الأوروبي (EPR). وفي عام 2002، طلبت فنلندا إنشاء وحدة لهذا المفاعل الأوروبي في (أولكيلوتو)، وهو أول بناء نووي جديد في أوروبا منذ حادث تشيرنوبيل.
وأحرزت الولايات المتحدة تقدماً في القضية الشائكة المتعلقة بتخزين النفايات النووية والوقود المستنفد على المدى الطويل، ففي عام 2002، وقع الرئيس جورج بوش على قرار يسمح لوزارة الطاقة باتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء مستودع خاص بها في جبل يوكا بنيفادا.
الجيل الرابع
في عام 2002، أصدرت إدارة الطاقة الأمريكية والمنتدى الدولي للجيل الرابع، بدعم من مختبر آيداهو الوطني، خريطة طريق تكنولوجية بشأن تطوير ستة أنظمة من الجيل الرابع، وأوصت باستخدام تقنيات وتصاميم لمفاعلات الجيل الرابع، بحيث تعالج نقاط الضعف تقنية الجيل الثالث، وتعزز نقاط القوة فيها.
وتقدم هذه الأنظمة تطورات مهمة في الاستدامة والسلامة والموثوقية والاقتصاد والحماية المادية، فضلا عن توفير الوقود النووي على المدى الطويل، وارتفاع كفاءة الطاقة مقارنة بمفاعلات الجيل الثالث. وتتسم تصاميم مفاعلات الجيل الرابع بكونها أبسط وأرخص، وبانخفاض المدة الزمنية اللازمة لإنشاء محطات توليد الطاقة. كما تتضمن مفاعلات الجيل الرابع تحسينات لتطوير مستوى أنظمة السلامة بها، وزيادة الكفاءة.
الوضع الراهن
توفر الطاقة النووية الآن نحو 16% من الكهرباء في العالم، وتعمل محطاتها في 30 دولة حول العالم. وهناك نحو 60 مفاعلاً قيد الإنشاء، أي ما يعادل نحو 15% من السعة الحالية. وتعد الطاقة النووية حاليا ثاني أكبر مصدر للطاقة المنخفضة الكربون في العالم. ومن بين 448 مفاعلاً كانت قابلة للتشغيل في نهاية عام 2017، فإن أكثر من نصفها يوجد في الولايات المتحدة وأوروبا. ووفقا لإحصائيات عام 2018، فإن الكثير من البلدان يعتمد جزئياً على الطاقة المولدة نووياً. وفي عام 2017، قامت المحطات النووية بتزويد 2487 تيراوات ساعة من الكهرباء. ويرى كثير من الباحثين أن توفير ربع الكهرباء في العالم من خلال الطاقة النووية سيقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وسيكون لذلك تأثير إيجابي كبير في جودة الهواء.